Mis Viajes por el Mundo

Nawal Saadawi d. 1442 AH
145

Mis Viajes por el Mundo

رحلاتي في العالم

Géneros

وتقول الأسطورة الهندية: إن الإله «فيشنو» أراد أن يضاجع «تولس» زوجة «كسور السافكي»، وفكر طويلا في الأمر ثم تنكر في ملابس زوجها واستطاع أن يحقق أمنيته، لكن «تولس» اكتشفت خدعته بعد فوات الأوان، واستطاعت بقوتها الإلهية أن تصب عليه اللعنة بأن يتحول إلى حجر، وكان الإله «فيشنو» أيضا قادرا على أن يرد لها اللعنة بأن يتحول شعرها إلى نبات تولس وجسدها يتحول إلى نهر جانداك. وحتى هذا اليوم في الهند فإن أي زهرة في حوض جانداك تنمو على شكل «شاليجرام»، وهو صورة الإله «فيشنو» بعد أن تحول إلى عضو ذكري، ويؤكد الهنود على أن علاقة «فيشنو» و«تولس» تعيش حتى اليوم وإلى ما بعد الموت، وفي شهر أغسطس من كل عام في الليلة المظلمة تماما بغير قمر يحتفل الهنود بعبادة نبات تولس وإخصابه بواسطة «الشاليجرام». لقد تحولت اللعنة في الأسطورة إلى بركة، وتسعى النساء والرجال المصابون بالعقم إلى حوض نهر جانداك في تلك الليلة المباركة بغير قمر، من أجل أن تحل بهم بركات «فيشنو» إله الإخصاب.

وقال الفيلسوف الهندي الفقير الجالس على حافة النهر داخل معبد هندوكي صغير طلي بالجير الأبيض: عندنا في الهند آلهة كثيرة ولدوا بغير آباء، أو من ضلوع الرجال أو رءوسهم. أما الإله «برتيفي» فقد ولد من الفخذ الأيمن لأبيه «فاني»، والأساطير بعد تحريفها، كل الآلهة الذين ولدوا من أجساد الذكور ليسوا إلا أبناء العلاقات الآثمة، لكنها في ذلك الوقت لم تكن آثمة. كانت مقدسة لأن الأم كانت إلهة مباركة، ثم تحولت البركات إلى لعنات، أو على الأصح: أصبحت البركة هي اللعنة، مثل الشمس وظلها يمكن أن يحدثا في اللحظة نفسها والمكان نفسه. وهذا هو سر الحياة، وجود الشيء ونقيضه في وقت واحد وفي جسد واحد.

كانت الدنيا ليلا، والظلمة شديدة بغير قمر، مياه النهر سوداء، زهور الشاليجرام والتولس تتمايل وتتعانق خلسة دون أن يراها أحد، النهر يمتلئ فجأة بالزهور الوليدة تلمع تحت ضوء النجوم كآلاف من السمك الصغير.

وفي الضوء الخافت رأيت امرأة فارعة الطول تخرج من النهر، لها ذيل سمكة مثل جنية البحر، ملامحها حادة قوية تشبه ملامح الآلهة، وعيناها سوداوان ثاقبتان كعيني حتشبثوت أو الإلهة إيزيس.

ومياه النهر تلونت بالطمي الأحمر الداكن مثل نهر النيل، وعلى سطح الماء رأيتها تمشي بخطوات سريعة كأنها تمشي على الأرض، ومن حين إلى حين تنثني وتلتقط شيئا تدسه في فتحة ثوبها، ودققت النظر كان الإله فيشنو أو «الشاليجرام» قد تبعثرت أجزاؤه كالأشلاء الصغيرة، وهي تحاول أن تلم الشتات قطعة قطعة تضعها بعناية داخل جلبابها، وتكومت أجزاء الإله كلها تحت الجلباب فوق صدرها وبطنها، وحين رفعت رأسها إلى أعلى وسارت فوق الماء بدت كالمرأة الحامل. لكنها لم تكن تحمل إلا الإله الذي أخذ اسما جديدا: «أزوويس». وكشف الفيلسوف الهندي عن أسنان بيضاء في وجه شديد السمرة وقال وهو يهز رأسه على طريقة الهنود: نعم، نعم، «الشاليجرام» و«تولس» هما الأب والأم، لكن الأم تحولت إلى لعنة والأب أصبح الإله، والإله عندنا معصوم من الخطأ وإن تنكر في ملابس الزوج. أما المرأة فهي مخطئة دائما سواء فعلت أم لم تفعل؛ ويرجع ذلك إلى أن الإله خصها باللعنة.

وهمست في الليل وأنا لا أزال أحملق في الزهور الآثمة: بدأت الأديان الفكرية بالظلم العظيم. •••

وأعظم ظلم في تاريخ الهند وقع على مائة ألف امرأة هندية حملن سفاحا إثر معركة اغتصاب مسلحة. وقد تنكر الآلهة في زي الجنود وحملوا أسلحة إنجليزية وملامح هندية واقتحموا المدينة في ليلة مظلمة بغير قمر، والمدينة هندية لكنها بعد التقسيم أصبحت في الباكستان الشرقية، دخل الجنود المسلحون إلى المدينة الجامعية وذبحوا الذكور ثم اغتصبوا الإناث.

والمرأة آثمة (حسب التعاليم المقدسة) سواء فعلت أم لم تفعل، سواء رغبت أم لم ترغب، سواء اغتصبها الرجال بالقوة المسلحة الإنجليزية أو بأي قوة ذات جنسية أجنبية أو متعددة الجنسيات.

لم يكن الآلهة في ذلك الوقت يعرفون شيئا عن القوى المتعددة الجنسيات. لكنهم كانوا يعرفون شيئا واحدا محددا: إذا حملت المرأة دون أن يعرف الأب فهي آثمة.

وفي المحكمة ارتدى الإله «فيشنو» زي القاضي الباكستاني وحملق في بطون مائة ألف امرأة حامل بغير أب معلوم، وأصبح بياض عينه أحمر كأنما ينظر إلى الجحيم، وضرب المطرقة الحديدية على رأس المنضدة الخشبية وصاح بذعر: مائة ألف بطن تحمل مائة ألف من أجنة الأعداء؟! لا بد من إعدامها جميعا!

Página desconocida