Mis Viajes por el Mundo

Nawal Saadawi d. 1442 AH
143

Mis Viajes por el Mundo

رحلاتي في العالم

Géneros

وأخفي وجهي تحت الغطاء وأنا أسأل جدتي بصوت خافت: هل هي جنية البحر؟

وترد جدتي: لا، إنها امرأة من لحم ودم، مثلي ومثل أمك، ومثلك حين تكبرين وتصبحين امرأة مثلنا.

وأهمس من تحت الغطاء: وما اسمها يا جدتي؟

وتهمس جدتي بصوت كفحيح الثعبان: اسمها عناق أم عوج، إحدى بنات آدم لصلبه، لعنها الله هي وأمها حواء.

أدركت بعد التنقل في أنحاء الهند الشاسعة أن هذا البلد العريق الضخم ينطوي في أحشائه على تاريخ البشرية، منذ بدء ظهور الإنسان البدائي حتى عصرنا هذا في الثلث الأخير من القرن العشرين.

في ساعات قليلة بالطائرة كنت أنتقل فجأة من المجتمع الأبوي الشديد التزمت الشديد الاستغلال للمرأة، إلى المجتمع الأموي حيث لا يزال ينسب الأطفال إلى أمهاتهم، وترث البنات الأرض عن الأم، وترتفع مكانة النساء في هذا المجتمع الأموي ارتفاعا كبيرا في مختلف نواحي الحياة والعلوم والفنون.

وبعد ساعات قليلة بالطائرة أهبط على أرض تبدو لي كأنها جزء من العصر الحجري القديم وأرى الرجال في البيوت يتزينون بالمساحيق البيضاء والحمراء وفي آذانهم حلق ذهبي أو فضي، وأندهش حين أرى أصابع الرجال ناعمة رقيقة (لأنهم لا يعملون شيئا سوى الإشراف على المعابد والرقص في الحفلات الدينية). أما أصابع النساء فهي قوية خشنة؛ بسبب مسك الفأس طول النهار في الحقل.

وحينما تهبط بي الطائرة في مطارات البلاد الشهيرة بمعبد من المعابد، أو حينما أصل إليها بالقطار، فإن المطار أو المحطة يكتظ دائما بهؤلاء البشر الجالسين أو الراقدين على الأرض، أجساد متلاصقة، الجسد بجوار الجسد. لا تكاد تعرف الذكر من الأنثى، ولا الطفل من العجوز، فكلهم هياكل عظيمة متشابهة تغطيها طبقة سوداء من الجلد الجاف، والوجه ليس إلا جمجمة تلتهب في وسطها عينان سوداوان واسعتان فيهما نداء صامت واحد: نريد أن نأكل.

بعد ساعات من هذا المنظر المفزع تنقلني السيارة في دقائق قليلة إلى شوارع نظيفة، وبيوت أنيقة تشبه فيلات الأثرياء في لندن أو واشنطن أو المعمورة، وأرى الوجوه نضرة ممتلئة باللحم متوردة، وأيضا كلابهم (أخذ أثرياء الهنود عن الإنجليز هواية تربية الكلاب) أرى كلابهم تجري في الحدائق الفيحاء متوردة الملامح سمينة تأكل اللحم بغير عظم.

وفي مدينة بومباي التي تشبه نيويورك في أجزاء منها ألتقي ببعض رجال العلم من ذوي الشهادات العالية والدكتوراه وأعجب بثقافتهم الواسعة، ولكني أراهم بعد دقائق جاثين في خشوع أمام الإله «جانيش» الذي له جسد إنسان ورأس فيل.

Página desconocida