El viaje de Sebastián

Butrus Haddad d. 1450 AH
28

مأهولة بالسكان فاشترينا منها متاعا. وبعد مسافة انقسم النهر الى فرعين.

اما الفرع الاول فكان يفقد مياهه اذ تتبدد في الاراضي الواسعة ، فيمسي بعد مسافة جدولا صغيرا تتكاثر في وسطه الجزيرات ، واخيرا يعود ليلتقي بالفرع الثاني في القرنة ويجتمع بالفرات قبل ذلك بقليل.

كان خادمنا موسى قد خبأ في اليوم التالي محفظة احد رفاقي وفيها 30 قرشا ، وكان في نيته ان يصرفها في شؤونه الخاصة. فاعتقدوا ان احد الركاب قد سرقها ، فاخبرنا الربان وطلبنا من الجنود ان يحاولوا العثور عليها ، ففتشوا بتدقيق كبير ، مستعملين التهديد والوعيد. اخيرا اقر موسى بانه هو الذي اخذ المحفظة ليلقن الاب (حسب قوله) درسا في كيفية المحافظة على النقود! فشعرت اني في ورطة عظيمة ، فاذا اعلنت اسم السارق فاني سأعرضه الى خطر جسيم ، ففضلت ملازمة الصمت ، وفكرت بانه من الاحسن ان يكملوا التفتيش حتى ييأسوا.

لكن الامور اخذت تتعقد بالاكثر ، فقد بدأ الراكبون يتراشقون تهمة السرقة ، فوقفت في الوسط لاعلن باني اعتقد ان الركاب جميعهم شرفاء ، واني اشك في كون المحفظة قد سقطت في الماء ، ولذا اود ان يكفوا عن التفتيش ، واذا حدث وان عثر احد عليها فليأخذ منها خمسة قروش ويضعها من ثم في محلها اثناء الليل ، وعلى اثر ذلك ، اخذ الركاب يستفسرون منا في الايام الثلاثة التالية عما حدث في المحفظة ، فكانت اجوبتنا مبهمة لا نعطي فرصة للتشكيك بأحد ، واخذوا يراقبون مجلسنا ليروا كل من يتوجه اليه ، وكنت اريد ان ابعد انظارهم عنا ، او ان في حوزتنا كمية من المال (والمال ، والحق يقال ، ضروري جدا اثناء السفر في تلك الاصقاع). وكان بامكاننا ان نقترض المال عند الحاجة ، لان للقوم فكرة طيبة عن الافرنج وثقة كبيرة بالرهبان ، وعلى اثر هذا الحادث اصبح الجند اكثر تهذبا معنا ، بينما اخذوا ينظرون نظرة شك وارتياب الى الاخرين لانهم فرحوا بفقداننا المحفظة. وكان هذا الموقف الجديد مفيدا لنا. وكان هناك عسكري انكشاري من بوسنة ، يطيب له تفقدنا ، وكان يجالسنا ، بالرغم من عدم تمكننا من التفاهم معه بسبب جهلنا اللغة.

Página 36