Viaje de invierno y verano

Muhammad Kibrit d. 1070 AH
129

Viaje de invierno y verano

رحلة الشتاء والصيف

Investigador

الأستاذ محمَّد سَعيد الطنطاوي

Editorial

المكتب الإسلامي للطباعة والنشر

Número de edición

الثانية

Año de publicación

١٣٨٥ هـ

Ubicación del editor

بيروت

Géneros

geografía
فعزمت على ركوبه والنفس عندها إباء وامتناع، لما شاع من قولهم ما خفق الشراع، ولكن أي عقل لمعقول، وقد ورد في النقول: لو كشف لأحدكم لرأى قائدًا يقوده، فألجأتها إلى ركوبه وألزمتها، واقتحمت بها لجته وأنشدتها: لقد خضتِ يا نفسُ بحرَ الهوى ... وأحرقتِ قلبي بنارِ النوى علام نفورك من مركبٍ ... سرى في أمانِ شديدِ القوى فنزلت إحدى المراكب المتوجهة نحو الروم، منشدًا بيتيّ المفتي أبي السعود وحَبْر العلوم: خلِّ الديارَ بما فيها لأهليها ... وقل سلامٌ على الدنيا وما فيها وألقِ معتصمًا تلك العزيمة في ... بحرِ التوكلِ بسمِّ الله مجريها فسرنا تلك الليلة والليلة الثانية على أحسن حال وأنعم بال، ثم اضطرب البحر وقامت فيه العناصل بحيث كادت لا تبقى شيئًا على وجه الماء، وكان المدفع إذ ذاك ما يناهز الثلاثين سفينة فتفرقت بجمعها، حتى لا ترى واحدة منها واحدة ولا تظفر عنها بنبأ، وقد عقد الغيم غمائم غمه، وأمطرنا الوجل سحائب همه، وأرسل الغمام علينا الأمطار كأفواه القُرَب، ولقد شاهدت الأهوال من تلك الأحوال ولا عجب. على أنها الأيام قد صرن كلها ... عجائب حتى ليس فيها عجائب وامتدّ الحال وقلّ النوال، وقد نفد ما كان معنا من الما، واستولى علينا الظما: ومن العجائب أنني ... في لجِّ بحرٍ صرتُ راكب وأموتُ من ظمأ ولك ... ن عادة البحر العجائب ويقول غيره: وكم مات في البحر أخو ظما ... بغُلّتهِ والماء جار وراكد

1 / 131