الصخور بالرواسب التي تكونت منها الأراضي ، ومن هذه الرواسب ما كان يتراكم في المنخفض من الأرض ، ولكن الهزاهز البركانية كانت لا تدع شيئا منها يطمئن ، وكانت المياه تعج ، ولا تزال تكنس القشرة الأرضية ، فهذه الصخور مضى عليها من صنوف الاضطراب ما لا يعلمه إلا صانع الجميع من العدم ، وبعضها جاء طبقا فوق طبق ، وبعضها قد قشرته الاضطرابات ، وقد برز لا يحجبه حاجب ، ومنها ما انفلق ، ومنها ما انحطم بعوامل جديدة من حرارة صاهرة ، أو برودة مؤدية إلى الجمود.
ولم تكن هذه الصخور طبقات منتظمة لشدة ما مرت به من أدوار الاضطراب المختلفة ، فتعذر على العلماء فهم تاريخها بسبب التبعثر ، وعدم الاطراد ، وفقد النسق ، وغاية ما عرفوا عنها وجود المواد المستحجرة ، مما كان نباتا أو حيوانا ، فهذا كان قد بدأ اليونانيون يعرفونه قبل المسيح بأربعة قرون ، فقد جرى البحث فيه بين فلاسفة الإسكندرية.
ويقول الكاتب الفيلسوف الإنكليزي ولز : إن العرب عرفوا أيضا هذه المباحث في القرن العاشر بعد المسيح (1) إلا أنه لم يبدأ العلم الحقيقي بهذه المواد المستحجرة إلا من مئة وخمسين سنة فقط ، فصار الإنسان يحل شيئا فشيئا من سطورها التي كانت مستعجمة ، ولما يتفق الجيولوجيون على عمر هذه الصخور ، فإن أقدمها يقدر له مليار وستمئة مليون سنة ، وأحدثها عشرات ملايين من السنين.
ومما يؤكد هذا الظن أنا نجد في كثير من الأحجار إذا كسرناها أجزاء الحيوانات المائية ، كالاصداف والحيتان ا ه من «شرح المواقف».
Página 176