Viaje en el tiempo de Nubia: Un estudio sobre la antigua Nubia y las perspectivas de desarrollo futuro
رحلة في زمان النوبة: دراسة للنوبة القديمة ومؤشرات التنمية المستقبلية
Géneros
وأخذ كل منا حبل محرك وبكل عزم جذبنا الحبال، لكن أحد المحركات دار دورة واحدة فقط ثم سكن، وجذبنا مرة ثانية وثالثة ورابعة ... وفي كل مرة تضعف قوتنا عن الجذب الشديد، ومع الحرارة العالية وجدنا أنفسنا وقد طفر العرق من كل مسام الوجه والرأس والجسم، وسال العرق في مسيلات متعددة على كل الجسد، ولم نستطع أن نقاوم فألقينا بأنفسنا على الكنبة.
وجاء فتى صغير يقول إن السيدة التي معنا قد صعدت إلى النجع في صحبة نساء النجع، وإنها تطلب حقيبة يدها وآلة التصوير الخاصة بها، فأعطيته ما طلبت وانصرف.
وعاودنا الكرة، ولكن بالنسبة لمحرك واحد نتبادل الجذب أنا وأسعد حتى لا تضيع قوانا سدى، وبعد فترة استراحة ثانية أخذنا نفكر لماذا، وقلنا لا بد أن هذه هي حال المحركات التي تظل خاملة فترة طويلة من الزمن، وأن علينا أن نواصل الجهد حتى تدور المحركات، وفي مرة دار المحرك؛ لم تكن «طقطقة» التروس التي اعتدنا سماعها طوال الساعة الماضية، بل دار دورات منتظمة، وكانت فرحة غامرة أثلجت صدورنا، لكن الفرحة ما أن غمرتنا حتى غاصت مرة أخرى؛ فإن دورات المحرك التي استمرت ما يقرب من ثلاثين ثانية ما لبست أن قل انتظامها ...
ثم اهتز المحرك كله هزتين عنيفتين ثم ... صمت.
لكن دوران المحرك ولو لفترة صغيرة أحيا فينا الأمل بعد يأس، ورحنا نكرر الجذب في المحرك نفسه، مرة يدور، ومرات يظل كالبغل العنيد يأبى الحركة، وظللنا هكذا إلى أن أصبح يدور مع كل جذبة، وانتقلنا إلى المحرك الثاني، وبعد جهد جهيد وإرهاق شديد دار هو الآخر مرة واحدة لفترة قصيرة، ثم أبى تماما أن يتزحزح عن موقفه!
ومع الجهد الذي بذلناه والعرق الذي غسلنا، أخذنا نفرغ في جوفنا كميات كبيرة من الماء الذي أصبح ساخنا في زجاجاته المصنوعة من البلاستيك، وربما بلغ ما شربناه خلال تلك الفترة جالونا من المياه.
وبعد راحة قصيرة، ولما كانت الساعة قد أشرفت على نحو السادسة، ولم يكن الريس محمد قد عاد بعد، ولم تكن زوجتي قد نزلت من النجع، فقد قررنا أن نقوم بجولة صغيرة نجرب فيها المحرك الذي أصبح يعمل ويدور، وحينما أعلنا ذلك قال واحد من الرجلين الذين كانا مسمرين إلى مكانهما منذ أكثر من ساعتين يرقبان في تعجب وفضول ما نفعل؛ إنه يود أن يصحبنا في هذه الجولة، أما الآخر فقد انصرف.
واستجمعنا شجاعتنا وأدرنا المحرك، وقفزت إلى عجلة القيادة ويدي على محول السرعة كي أدفعه إلى الأمام لكي تنتقل الطاقة إلى المروحة الغائرة في الماء، ورفع العبادي المرسي «الهلب» ودفع القارب دفعة بعيدة عن الشاطئ كي لا تصطدم المروحة بالطين، ثم قفز هو الآخر داخل القارب، وأخذت أدير عجلة القيادة للتحكم في اتجاه القارب، لكني وجدتها تتحرك في سهولة غريبة، مما أثبت لنا أن فحصنا لم يكن تاما، فقد كانت الأسلاك التي تربط العجلة بالمحركات لتدير المراوح يمنة ويسرة مفككة، لكن ذلك لم يكن أمرا ذا بال؛ لأنه يمكن توجيه المراوح بواسطة عصا مثبتة في المحرك، على أية حال فقد دفعت محول السرعة إلى الأمام، وأمسك أسعد بعصا الدفة، وزدت من سرعة القارب بواسطة عصا مثبتة بجانب عجلة القيادة، وانتظرنا أن يسرع القارب للأمام، لكن ذلك لم يحدث!
لقد كان القارب يتحرك فعلا، ولكن بواسطة تيار الماء وليس بقوة دفع المحرك، زدت من دفع عصا البنزين إلى أقصى قوة، لكن ذلك لم يؤد إلى دفع القارب، وإن زاد من صوت المحرك فقط، حينئذ علمنا أن الطاقة لا تنتقل إلى المروحة لسبب ما، ولكن كيف ينفعنا الآن معرفة السبب وقد أصبحنا على مبعدة كبيرة من الشاطئ؟! لقد مضى على انهماكنا في محاولة تسيير القارب وتوجيهه وتبين أن هناك عطلا؛ ما لا يزيد عن ثلاث دقائق، لكن المكان الذي كنا نرسو فيه قد بعد مسافة كبيرة، ولا يوجد على الشاطئ أحد يمكن أن نناديه.
وخيم علينا قلق كبير، وصمت شامل؛ ماذا نفعل و«لندا» تسير طوع التيار، ولا تترك لنا بارقة أمل أن نستطيع كسب ودها؟ فهي لا تسلم الزمام إلينا، ولولا أن لندا كانت موسوقة تماما بأمتعتنا ومعداتنا لكانت حركتها أسرع مع تيار النهر السريع، لكنها ظلت في اتجاهها منذ الدفعة الأولى تسير في خط مائل كما لو كانت ستقطع النهر بزاوية محسوبة، ولكن هل سيظل الأمر على هذا النحو، أم ينقلب اتجاهها تدريجيا ويصبح أحد الجوانب هو الذي يتلقى صدمات الموج؟
Página desconocida