Viaje en el pensamiento de Zaki Najib Mahmud
رحلة في فكر زكي نجيب محمود
Géneros
13
فهو إذا كان متحمسا للعقل على نحو ظاهر، فذلك لأن هذا الجانب ناقص في ثقافتنا، لكن ذلك لا يعني أنه يهمل ذلك الجانب الأخر؛ أعني جانب الخيال والوجدان، يقول: «من يقرأ لي فيراني متلفعا بمنطق العقل رائحا وغاديا، وقد لا يعلم أن لي خيالا يشتعل لأتفه المؤثرات اشتعالا يكتسح أمامه كل ما يعترض طريقه من قوى النفس الأخرى ...»
14 (2) البدايات الأولى للثنائية الإبستمولوجية
يحدثنا في «قصة عقل» أنه كان في العشرينيات من عمره، وبعد تخرجه مباشرة، صاحب ملحمة صوفية: «نزع إليها صاحبنا منذ فراغه من دراسته، وأخذت تعاوده حينا بعد حين وامتدت معه أعواما جاوزت أعدادها عشرة.»
15
لكنها لم تنته بعد هذه الأعوام العشرة، كما قد توحي هذه العبارة، وإنما أعيد تشكيلها لتتحول إلى نظرة الفنان التي تحدث عنها فيما بعد، ووصفها بأنها سمة الشرق الصوفي.
16
في هذه الأعوام الأولى نجد أمامنا شابا يؤمن «بوحدة الوجود»، ويكتب عنها مقالا لينشره سلامة موسى في «المجلة الجديدة»، ويكون الدافع إلى كتابة المقال «رؤية ذاتية إلى الوجود»، سوف يتحدث عنها بعد ذلك «في الشرق الصوفي»، فهو يسير وحده بين الحقول في الريف، ويقف طويلا أمام ماشية ألقيت أمامها أعواد الذرة لتطعم، فتدور في ذهنه صور متلاحقة لألوان من الوجود، يعتمد بعضها على بعض ويتحول بعضها إلى بعض، نبات يتغذى من عناصر الأرض، وحيوان يتغذى من النبات، وإنسان يتغذى من لحم الحيوان تغذية تسري في دمائه وفي أعصابه، فإذا هو يخرج غذاءه ذاك علما وفلسفة وشعرا، وتملؤه هذه الفكرة فيعود ليكتب مقالة عن «وحدة الوجود».
17
وعندما تدور الأيام متقلبة به بين سبل الفكر، فإنه يظل مبقيا في أعماقه على فكرة «وحدة الوجود»، التي تعاوده بين الحين والحين، ولعل أجمل ما كتبه فيها بعد ذلك مقال بعنوان «درس في التصوف»، نشر في عدد خاص من الرسالة في 3 مارس 1941، وهو عبارة عن حوار بين أستاذ متصوف مؤمن بوحدة الوجود، وتلميذه الشاب الذي يظهر في أول الدرس عابسا نافرا مما يقوله الأستاذ. ولقد لخص هذا المقال في كتابه «قصة عقل».
Página desconocida