وأما هذا الفعل القبيح فقد اشتهر عند المسلمين حتى توهم النصراني أن ذلك مباح في ديننا ، وذلك لشهرته ، ولعدم العقوبة عليه ، حتى أنه ذكر أن بعضا يكون عنده أولا محجبون للفعل بهم ، ولم يتذكروا أنه ممنوع في دين الإسلام وأن الله تبارك وتعالى غضب غضبا شديدا على ذلك الفعل حتى خسف بأربعة بلدان بجميع من كان فيها. وهذا الذي يترك ما أحل الله له من النساء ، وفي جماعهن تفريح لمن الذي يحصل له من ذلك أجر وحسنة. ويظهر أن من جامع الذكر أن يحصل له ذنب من أربعة وجوه : الأول تضيع حق النساء اللاتي تحت حكمه ، ومعصية الله الذي حرم عليه ذلك ، وإفساد الذكر الذي فعل لأنه يتركه ناقصا عن درجة الذكور للشجاعة وغير ذلك من قوة الرجال ، وأيضا من وضع منيه في محل لا يرجى منه نسل ومن يرضى لنفسه من المفعولين بذلك لم يتوقف عن ذنب من أنواع الذنوب. وللمناكح في الحلال حسنة على الفعل ، وحسنة على تفريح من هي تحت حكمه منتظرة منيه ، وحسنة عظيمة على قصده أن يرزقه الله من يذكره ويعبده. والذي رأيته في مناظرة النصارى أني إذا قويت نفسي في الرد عليهم كان ينزل علي من عند الله إجلال وتعظيم ، ونعظم في أعينهم بذكر توحيد الله تعالى ، وذكر فضل النبي صلى الله عليه وسلم وبطلان تثليثهم. وقد قال الله تعالى : ( لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة ) (71). ومهما قصرت من الخوف أو الجزع فكان ينزل علي الذل عندهم ، ولما رأيت ذلك وتحققت وفهمت أن الله سبحانه أراد مني أن نجاهد معهم بقوة ، فكنت أقول لهم ما لا سمعوه من مسلم قط ، وينصرني الله عليهم ، ويقولون لي إن احتجت منا شيئا نقضيه لك ، حتى أن بعضهم يقول لي عند مدح رسول الله (: وهذاك السيد محمد نبيكم عمل كذا أو قال كذا ، وأجاوبهم بما يلهمني الله المعين العليم الحكيم ، وقد ذكرت يوما لابرت الذي كان يقرأ بالعربية أن يريني الموضع الذي فيه الحيال حيث يجذبون به الماء من تحت الأرض المسمى عندهم ببنبه (72)، قال : هو في دار المترهبين ، ومشينا وبلغنا إلى الباب وكان مغلوقا ويد من عود معلق من حبل ،
Página 55