ببركة سيدنا محمد سيد الأولين والآخرين . ولما أعطوني كتب السلطان قلت لبعض من كان يعتقدوني منهم أن يترجم لي الكتب ، وبعد الكلام الذي من عادتهم يصدرونه قالوا للقضاة. نأمركم أن تقفوا مع حامل هذا الذي يتكلم على الأندلس لأن السيد الكبير كتب لنا في شأنهم. وهذا الاسم لا يسمون به أحدا من ملوك الدنيا وذلك ببركة الإسلام إذ هو أعظم سلاطينها. والتقيت في تلك المدينة برجل من علمائهم كان يقرأ بالعربية ، وبعض النصارى يقرأون عليه ، كان يسمى بأبرت ، وقال لي : أنا أخدمك فيما تحتاجني لأكلم لك من كبراء الناس ، وغير ذلك ، وما نحب منك إلا نقرأ عليك في الكتب التي عندي بالعربية ، وتبين لي فيها شيء مما فيها ، قلت له : ائتني بها ، ومن جملة الكتب جاء بالكتاب العزيز ، فسألته أين اتصلت بهذا القرآن ، قال : كنت بمدينة مراكش ، وهنا لك تعلمت نقرأ بالعربية ، وكان جلوسي هنا لك على أمر سلطان فرنجة لنعلمه بحروف الزمر كلما نعلم أنه يقع السلطان مراكش في ديوانه وحركاته ، فتغيرت حين رأيت كتاب الله تعالى بيد كافر نجس ، ثم ساق قانون ابن سينا في الطب ، وكتاب أقليدس في الهندسة وكتبا في النحو مثل الأجرومية ، والكافية ، وكتاب بالعربية فيه مناظرات بين مسلم ونصراني وفي الأديان ، وغير ذلك من الكتب. وكنا نبتدي بالكلام في العلم ثم تقع المنازعة بيننا على الأديان. وقرأت يوما في القرآن الذي كان له ووجدت بالفرنج مكتوبا بطرة الكتاب : من هنا أخذ المسلمون إباحة اللواط ، قلت له : من قال لك أنه مباح عندنا؟
قال ظاهر من هذه الآية : ( نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ) (68). قلت : نحن عندنا أن اللواط أشد ذنبا من الزنا لأنه إذا زنا محصن يرجم إلى أن يموت ، وإذا كان غير محصن يجلد مائة جلدة ويغرب عن بلده ويسجن فيه عاما ، وإذا فعل قوم لوط كان محصنا أو غير محصن يموت مرجوما شرعا ، وكيف تفسر أنت في القرآن والمفسرون له يحتاجون علوما شتى وأن لا تعلم لغة العربية ولا النحو ، فضلا عن غير ذلك. قلت له امح الذي كتبت! وأبى أن يمحو ما في الطرة ، وكان هو ذكر أن في كنيسة كذا فيها كتب بالعربية ، قلت له : أحب أطالعها ، ومشينا فوجدنا قبة كبيرة ،
Página 53