76

Los viajes de Ibn Battuta

رحلة ابن بطوطة

Editorial

دار الشرق العربي

وينصب في شاذروان في الجدار يتصل بحوض من رخام ويقع فيه الماء ولا نظير له في الحسن وغرابة الشكل وبقرب ذلك مطاهر للوضوء يجري فيها الماء وهذه الربوة المباركة هي رأس بساتين دمشق وبها منابع مياهها وينقسم الماء الخارج منها على سبعة أنهار كل نهر أخذ في جهة ويعرف ذلك الموضع بالمقاسم وأكبر هذه الأنهار النهر المسمى بتورة وهو يشق تحت الربوة وقد نحت له مجرى في الحجر الصلد كالغار الكبير وربما انغمس ذو الجسارة من العوامين في النهر من أعلى الربوة واندفع في الماء حتى يشق مجراه ويخرج من أسفل الربوة وهي مخاطرة عظيمة وهذه الربوة تشرف على البساتين الدائرة بالبلد ولها من الحسن واتساع مسرح الأبصار ما ليس لسواها وتلك الأنهار السبعة تذهب في طرق شتى فتحار الأعين في حسن اجتماعها وافتراقها واندفاعها وانصبابها وجمال الربوة وحسنها التام أعظم من أن يحيط به الوصف ولها الأوقاف الكثيرة من المزارع والبساتين والرباع تقام منها وظائفها للإمام والمؤذن والصادر والوارد وبأسفل الربوة قرية النيرب وقد تكاثرت بساتينها وتكاثفت ظلالها وتدانت أشجارها فلا يظهر من بنائها إلا ما سما ارتفاعه ولها حمام مليح ولها جامع بديع مفروش صحنه بفصوص الرخام وفيه سقاية رائعة الحسن ومطهرة فيها بيوت عدة يجري فيها الماء وفي القبلي من هذه القرية قرية المزة وتعرف بمزة كلب نسبة إلى قبيلة كلب بن وبرة بن ثعلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة وكانت إقطاعًا لهم وإليها ينسب الإمام حافظ الدنيا جمال الدين يوسف بن الزّي الكلبي المزي وكثير سواه من العلماء وهي من أعظم قرى دمشق بها جامع كبير عجيب وسقاية معينة وأكثر قرى دمشق فيها الحمامات والمساجد الجامعة والأسواق وسكانها كأهل الحاضرة في مناحيهم وفي شرقي البلد قرية تعرف ببيت الأحبة وكانت فيها كنيسة يقال أن آزر كان يجلب فيها الأصنام فيكسرها الخليل ﵇ وهي الآن مسجد جامع بديع مزين بفصوص الرخام الملونة بأعجب نظام وأزين التئام أخبار الأوقاف بدمشق وبعض فضائل أهلها وعوائدهم: والأوقاف بدمشق لا تحصر أنواعها ومصارفها لكثرتها فمنها أوقاف على العاجزين على الحج يعطي لمن يحج عن الرجل منهم كفايته، ومنها أوقاف على

1 / 78