وقال تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ (١). فتكفَّل الله سبحانه بحفظ كتابه، فلم يتمكّن أحدٌ من الزيادة في ألفاظه ولا من النقص منها.
وقد كان النبيُّ ﷺ يُقرئ أمَّته القرآن في زمانه عَلَى أحرفٍ مُتعددة؛ تيسيرًا عَلَى الأمة لحفظه وتعلمه، حيث كان فيهم العجوزُ والشَّيخ الكبير، والغلام والجارية والرجلُ الَّذِي لم يقرأ كتابًا قط.
فطلب لهم الرخصة في حفظهم له أن يُقرئهم عَلَى سبعة أحرف؛ كما ورد ذلك في حديث أبي بن كعب وغيره (٢).
ثم لما انتشرت كلمةُ الإسلام في الأقطار، وتفرَّق المسلمون في البُلدان المتباعدة صار كلُّ فريق منهم يقرأ القرآن عَلَى الحرف الَّذِي وصل إِلَيْهِ.
فاختلفوا حينئذٍ في حروف القرآن، فكانوا إذا اجتمعوا في الموسم أو غيره اختلفوا في القرآن اختلافًا كثيرًا.
فأجمع أصحابُ النبي ﷺ في عهد عُثمان عَلَى جمع الأمَّةِ عَلَى حرفٍ واحد، خشية أن تختلف هذه الأمة في كتابها كما اختلف الأممُ قبلهم في كُتبهم، ورأوا أنَّ المصلحة تقتضي ذلك.
وحرَّقوا ما عدا هذا الحرف الواحد من المصاحف (٣)، وكان هذا من محاسن أمير المؤمنين عثمان ﵁ التي حمده عليها عَليِّ وحُذيفة وأعيانُ الصحابة.