وهذا الأمر الكريم الذي تجاوز مدلوله الكلام الحسن إلى الأحسن - هكذا - بصيغة التفضيل له دلالته البالغة على أهمية الأسلوب الراقي، واللفظ الراقي في مخاطبات المؤمنين ومحاوراتهم بعضهم مع بعض ومع غيرهم من المخالفين.
ونجد أيضا في سنة المصطفى ﵌ دراري متقدة في نصوص كثيرة تزكي هذا الأمر، وتكشف عن قيمته، وترغب فيه في معاملة الخلق عموما، من أمثال قوله ﵊: «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ، وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ»، (١) وقوله: «اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلِقٍ حَسَنٍ»، (٢) وقوله: «أَنَا ضَمِينٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَهُوَ مُحِقٌّ، وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا، وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ حَسُنَ خُلُقُهُ» (٣) .
ويدخل في هذا المرتكز أيضا، كل ما هو معدود من محاسن الأخلاق والشيم التي تسمو بصاحبها، وتفتح له بإذن الله مغاليق قلوب العباد.
(١) هذا حديث عبد الله بن مغفل ﵁ أخرجه الإمام أبو داود في سننه. ٣٦ - كتاب الأدب، ١١ - باب في الرفق ح (٤٧٧٤)، (٥: ٢٧٨) .
(٢) هذا حديث أبي ذر ﵁ أخرجه الإمام الترمذي في الجامع: ٢٥ - كتاب البر والصلة، ٥٥ - باب ما جاء في معاشرة الناس (١٩٨٧)، ص (٤٦٠) .
(٣) هذا حديث أبي أمامة ﵁ أخرجه الإمام أبو داود في سننه: ٣٦ - كتاب الأدب ٨ - باب في حسن الخلق ح (٤٧٦٧)، (٥: ٢٧٦) .