Refutation of Those Who Deny the Authority of the Sunnah
الرد على من ينكر حجية السنة
Editorial
مكتبة السنة
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٩٨٩ م
Géneros
وقد حكي أن الشافعي ﵀ كَانَ جَالِسًا فِي المَسْجِدِ الحَرَامِ فَقَالَ: «لاَ تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إِلاَّ أَجَبْتُكُمْ فِيهِ مِنْ كِتَابِ اللهِ»، فَقَالَ رَجُلٌ: «مَا تَقُولُ فِي المُحْرِمِ إِذَا قَتَلَ الزُّنْبُورَ؟» فَقَالَ: «لاَ شَيْءَ عَلَيْهِ»، فَقَالَ: «أَيْنَ هَذَا فِي كِتَابِ اللهِ؟» فَقَاَل: قَالَ اللهُ تَعَالَى ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ ...﴾. ثم ذكر إسنادًا إلى النبي ﷺ أنه قال: «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ مِنْ بَعْدِي» ثم ذكر إسنادًا إلى عمر ﵁ أنه قال: «لِلْمُحْرِمِ قَتْلُ الزَّنْبُورِ». فأجابه من كتاب الله مستنبطًا بثلاث درجات، وقد حكي عن ابن مسعود في لعنة الواشمة والمستوشمة نحو ذلك مما تقدم ذكره (*).
قَالَ الْوَاحِدِيُّ: وَلَيْسَ [لِلْجَلْدِ] (**) وَالتَّغْرِيبِ ذِكْرٌ فِي نَصِّ الْكِتَابِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا حَكَمَ بِهِ النَّبِيُّ ﷺ فَهُوَ عَيْنُ كِتَابِ اللَّه
وقد روي في حديث العسيف الزاني: " أن أباه قال للنبي ﷺ: اقض بيننا بكتاب الله. فقال - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - «لأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ» ثم قضى بالجلد والتغريب على العسيف، وبالرجم على المرأة إن اعترفت. قَالَ الْوَاحِدِيُّ: «وَلَيْسَ [لِلْجَلْدِ] (**) وَالتَّغْرِيبِ ذِكْرٌ فِي نَصِّ الْكِتَابِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا حَكَمَ بِهِ النَّبِيُّ ﷺ فَهُوَ عَيْنُ كِتَابِ اللَّه» (١). اهـ.
...
الوجه الثاني: أن الكتاب لم يُفَرِّطْ في شيء من أمور الدين على سبيل الإجمال، وَبَيَّنَ جميع كليات الشريعة دون النص على جزئياتها وتفاصيلها. ومن المعلوم أنَّ ذلك لا يكفي في استنباط المجتهد مَا يُقَوِّمَ العبادة، وَيُحرِّرُ المُعَامَلَةَ. فَلاَ بُدَّ له من الرجوع إلى مَا يُبيِّنُ له المُجْمَلَ وَيُفَصِّلَهُ لَهُ، وَيُبيِّنُ جزئيات هذه الكليات. وسيأتي عند الكلام على كون السُنَّة مُسْتَقِلَّةٌ بالتشريع - بيان آراء العلماء في هذا الوجه.
قال أبو سليمان الخطابي - في " معالم السُنن " (٢) - «سمعتُ ابن الأعرابي
_________
(١) انظر " تفسير الفخر الرازي ": ج ٤ ص ٤٠، ٤١.
(٢) ج ١ ص ٨.
[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ]:
(*) انظر في قول عبد الله بن مسعود ﵁ ص ١٦ من هذا الكتاب.
(**) في الكتاب المطبوع وردت كلمة (لِلْرَّجْمِ) بينما هي في " تفسير الرازي " (لِلْجَلْدِ) كما أثبتها، انظر " مفاتيح الغيب " للفخر الرازي: ١٢/ ٥٢٨، الطبعة الثالثة: ١٤٢٠ هـ، نشر دار إحياء التراث العربي. بيروت - لبنان.
1 / 401