Refutation of Al-Darimi against Al-Marisi - Edited by Al-Shawami
نقض الدارمي على المريسي - ت الشوامي
Editor
أَبوُ عَاصِم الشَّوَامِيُّ الأَثرِي
Editorial
المكتبة الإسلامية للنشر والتوزيع
Edición
الأولى
Año de publicación
١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م
Ubicación del editor
القاهرة - مصر
Géneros
قَوْله: ﴿جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾ أَنَّهُ خَلَقْنَاهُ، فَلَمْ تَفْقَهُوا مَعْنَاهُ مِنْ قِلَّةِ عِلْمِكُمْ بِالعَرَبِيَّةِ.
وَيْلكُمْ! إِنَّمَا الكَلَامُ لله بَدْءًا وَأَخِيرًا، وَهُوَ يَعْلَمُ الأَلْسِنَةَ كُلَّهَا، وَيَتَكَلَّمُ بِمَا شَاءَ مِنْهَا: إِنْ شَاءَ تَكَلَّمَ بِالعَرَبِيَّةِ، وَإِنْ شَاءَ بِالعِبْرَانِيَّةِ وَإِن شَاءَ بالسُّرْيَانيَّة، فَقَالَ: جعلت هَذَا القُرْآنَ مِنْ كَلَامِي عَرَبِيًّا، وَجَعَلْتُ التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيل مِنْ كَلَامِي عِبْرَانِيًّا؛ لَمَا أَنَّهُ أَرْسَلَ كُلَّ رَسُولٍ بِلِسَانِ قَوْمِهِ، كَمَا قَالَ: فَجَعَلَ كَلَامَهُ الَّذِي لَمْ يَزَلْ لَهُ كَلَامًا لِكُلِّ قَوْمٍ بِلُغَاتِهِمْ فِي أَلْسِنَتِهِم.
فَقَوْلُهُ: «جَعَلْنَاهُ» صَرَفْنَاهُ مِنْ لُغَةٍ إِلَى لُغَة أُخْرَى لَيْسَ أَنَّا خَلَقْنَاهُ خَلْقًا بَعْدَ خَلْقٍ فِي دَعْوَاكُمْ، فَهُوَ مَعَ تَصَرُّفِهِ فِي كُلِّ أَحْوَالِهِ كَلَامُ الله غَيْرُ مَخْلُوقٍ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا﴾ [الشورى: ٥٢].
يَقُولُ: تَسْتَنِيرُ بِهِ القُلُوبُ وَتَنْشَرِحُ لَهُ، لَا أَنَّهُ نُورٌ مَخْلُوقٌ، لَهُ ضَوْءٌ قَائِمٌ، يُرَى بِالأَعْيُنِ مِثْلُ ضَوْءِ الشَّمْسِ وَالقَمَرِ وَالكَوَاكِبِ.
فَافْهَمْهُ، وَلَا أَرَاكَ تَفْهَمُهُ.
وَاحْتَجَّ المُعَارِضُ أَيْضًا لِتَحْقِيقِ قَوْلِهِ أَنَّهُ مَخْلُوقٌ بِحَدِيثِ النَّبِيِّ ﷺ: «يَجِيءُ القُرْآنُ يَوْمَ القِيَامَةِ شَفِيعًا لِصَاحِبِهِ».
فَقَالَ لِأَهْلِ السُّنَّةِ: إِنْ قُلْتُمْ بِهَذَا الحَدِيثِ كَانَ نَقْضًا لِمَا ادَّعَيْتُمْ أَنَّ القُرْآنَ غَيْرُ مَخْلُوقٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَرَاءَى شَيْءٌ فِي صُورَةٍ، إِلَّا وَذَلِكَ المُتَرَائِي وَالمُتَكَلِّمُ فِي قِيَاسِ مَذْهَبِهِ مَخْلُوقٌ.
فَقَدْ فَسَّرْنَا هَذَا لِهَذَا المُعْجَبِ بِجَهَالَتِهِ فِي كِتَابِنَا هَذَا، أَنَّ القُرْآنَ كَلَامُ الله لَيْسَ لَهُ صُورَةٌ، وَلَا جِسْمٌ، وَلَا يَتَحَوَّلُ صُورَةً أَبَدًا، لَهُ فَمٌ وَلِسَانٌ ينْطِقُ بِهِ ويَشْفَعُ، قد عَقِلَ ذَلِكَ جَمِيعُ المُسْلِمِينَ. فَلَمَّا كَانَ المَعْقُولُ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ عَلِمُوا أَنَّ ذَلِكَ ثَوَابٌ يُصَوِّرُهُ الله فِي أَعْيُنِ المُؤْمِنِينَ، جَزَاءً لَهُمْ عَن القُرْآن الَّذِي قَرَءُوُه.
1 / 220