14

Reflections on the Believer's Likeness to the Palm Tree

تأملات في مماثلة المؤمن للنخلة

Editorial

الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة

Número de edición

السنة التاسعة والعشرون. العدد السابع بعد المائة. (١٤١٨/١٤١٩هـ)

Géneros

سبحانه: ﴿اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَا لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ ١ وفي هذا إشارة إلى أنَّ الذي يُحيي الأرض بعد موتها بالماء فهو كذلك يُحيى القلوبَ بعد موتها بالوحي، ولكن ذلك إنّما يكون لمن عقل آيات الله. وبهذا يتبيّن أنَّ "شجرة الإسلام في القلب إن لم يتعاهدها صاحبُها بسقيها كلَّ وقت بالعلم النافع والعمل الصالح، والعود بالتذكّر على التفكّر والتفكّر على التذكّر، وإلاّ أوشك أن تيبس، وفي مسند الإمام أحمد من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: "إن الإيمان يخْلَقُ في القلب كما يخلَقُ الثوبُ فجدّدوا إيمانكم" ٢. وبالجملة فالغرس إن لم يتعاهده صاحبه أوشك أن يهلك، ومن هنا تعلم شدّة حاجة العباد إلى ما أمر الله به من العبادات على تعاقب الأوقات، وعظيم رحمته وتمام نعمته وإحسانه إلى عباده بأن وظّفها عليها وجعلها مادة لسقي غِراس التوحيد الذي غرسه في قلوبهم"٣. ثالثًا: أنّ النخلةَ شديدةُ الثبوت، كما قال الله تعالى في الآية المتقدمة: ﴿أَصْلُهَا ثَابِتٌ﴾، وهكذا الشأنُ في الإيمان إذا رسخ في القلب فإنه يصير في أشدّ ما يكون من الثبات لا يزعزعه شيء، بل يكون ثابتًا كثبوت الجبال الرواسي. سئل الأوزاعي ﵀ عن الإيمان أيزيد؟ قال: "نعم حتى يكون كالجبال،

١ سورة: الحديد، الآية: (١٧) . ٢ روى الحاكم (١/٤) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص ﵄ قال: قال رسول الله ﷺ: "إنَّ الإيمان ليخلَق في جوف أحدكم كما يخلَق الثوب فاسألوا الله أن يجدّد إيمانكم". وقال الحاكم: "رواته مصريون ثقات"، ووافقه الذهبي. ورواه الطبراني في الكبير كما في مجمع الزوائد (١/٥٢)، وقال الهيثمي: "إسناده حسن"، وصححه الألباني. انظر: صحيح الجامع (رقم:١٥٩٠)، والسلسلة الصحيحة (٤/١١٣) . ٣ إعلام الموقعين لابن القيم (١/١٧٤) .

1 / 210