Reasons for the Torment of the Grave
من أسباب عذاب القبر
Géneros
قصة رجل استغل الإجازة في طاعة الله
يحدثني أحد الإخوة وقد التقيت في مكة المكرمة بعد صلاة المغرب وكنت جالسًا في الحرم، فمر فسلمت عليه وجلس معي، قلت: كيف حالك؟ قال: الحمد لله في نعمة.
ما الذي معك؟ قال: جئت أنا وأهلي من أول الإجازة وجلسنا في الحرم طوال الإجازة.
قلت: كم جلست؟ قال: لي إلى الآن أربعة عشر يومًا.
يقول: من يوم الأربعاء إلى الآن أربعة عشر يومًا، أين سكنت؟ كيف عملت؟ قال: استأجرت شقة في عمارة بجوار الحرم لا يبعدني عن الحرم إلا ممر أرضي تحت الخط، يقول: مجرد ما يؤذن أنزل أنا وأهلي فنقطع الممر الصغير ونصل باب الحرم، وأجرتها يوميًا مائتا ريال وفي أربعة عشر يومًا في مائة تكون ألفين وثمانمائة ريال.
يقول لي: عندي أربعة أطفال، وأمه موجودة معه وأخته، يقول: المائتين الريال هذه لا أتصور أنها قيمة للماء الذي نذهبه للأكل والغسل والتنظف فضلًا عن الكهرباء والأجهزة الموجودة عندهم من ثلاجة وبوتجاز ومفروشة، وثمانية أفراد عدد الأسرة وبمائتين ريال يوميًا، يقول: والحمد لله ما أعلم أنها فاتتنا صلاة في الحرم خلال أربعة عشر يومًا، هل عملت لها عملية حسابية أو على الله الحساب؟ قلت: في كل يوم خمس صلوات، اضرب خمس صلوات في أربعة عشر يومًا كم صارت؟ سبعين صلاة، كل صلاة في الحرم كما جاء في الحديث الصحيح بمائة ألف صلاة، اضرب سبعين في مائة ألف كم صارت؟ سبعة ملايين صلاة، حسنًا هب أنك سهوت، هب أنك غفلت، لنفرض أن الله قبل منك صلاة واحدة، والله لا يضيع شيئًا، الله يقول: ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ﴾ [آل عمران:١٩٥] بل من فضله إن تك حسنة ما يعطيك عليها حسنة قال: ﴿يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ [النساء:٤٠] .
قلت: يا أخي! هب أنه قُبلت منك إن شاء الله كل الصلوات، ولكن على أقل الاحتمالات قبلت منك صلاة واحدة بكم؟ بمائة ألف صلاة، اقسم مائة ألف على خمسة أوقات كم تصير له أيامًا؟ عشرين ألف يومًا، اقسمها على ثلاثمائة؟ صارت ثلاثة وثمانين سنة، يعني: عبادة ثلاثة وثمانين سنة تأتي في متى؟ في فريضة واحدة فكيف بمن وفقه الله وقبل منه كل الفرائض؟ هذا توفيقٌ عظيم لا يعلمه إلا الله، قلت له: ما هو برنامجك؟ قال: من فضل الله نستيقظ للفجر مع الأذان الأول؛ لأن في مكة أذانين، الأول يسبق الثاني بساعة، يقول: فنستيقظ على الأذان الأول؛ لأن مكبرات الصوت الموجودة في مآذن الحرم الشريف تزعزع كل العمارات التي في جوارنا، ما يؤذن إلا وكل واحد يصيح ونذهب فننزل بإذن الله إلى الحرم ونطوف، يقول: أول شيء أطوف ثم بعد ذلك أصلي ما شاء الله لي أن أصلي، ثم أجلس أقرأ القرآن حتى يؤذن الفجر، ثم نصلي ركعتي الفجر وبعدها نصلي الفجر مع الإمام، ثم بعد ذلك نجلس في المسجد نقرأ إلى أن تشرق الشمس ونصلي ركعتي الإشراق ونعود إلى البيت لنجد الطعام جاهزًا أمامنا فنفطر ثم بعدها ننام إلى قبل الظهر.
ما شاء الله راحة! لأنه يقول: ليس لي عمل إلا عبادةً وأكلًا وشربًا وشكر لله ﷿، يقول: وقبل الظهر في الساعة الحادية عشرة نستيقظ وننزل إلى الحرم ونقرأ إلى الظهر، ثم نصلي ونجلس في الحرم تقريبًا إلى ما بعد الساعة الواحدة والنصف أو الثانية حتى يجهزوا الغداء وأعود أتغدى وأنام قليلًا.
يقول: وبعد العصر أنزل في الحرم أطوف وأجلس.
المهم عمل برنامجًا غبطته عليه كثيرًا.
والله -أيها الإخوة- ما أعظم من هذا البرنامج! قلت: بارك الله لك في وقتك وفي مالك، قلت: كم دخلك في الشهر؟ قال: كلها لا تصل الألفين والثمانمائة ريال، أضف إليها في الأربعة عشر يومًا ألف وأربعمائة ريال، أي: ثلاثة آلاف ومائتين بالكثير وهو يقول: يوميًا لا نصرف مائة ريال في الأكل، بل أقل من ذلك بكثير.
هذا برنامج إيماني ما أعظم منه! يقول: أولادي أحبوا المسجد وعشقوا الصلاة، وألفوا المسجد الحرام وأحبوا العلماء، يقول: نتنقل ونرى هذا عنده درس، وهذا عنده درس، نأخذ من كل واحد مثل النحلة في البستان تجني من كل زهرةٍ شيئًا من العسل، يقول: سعدنا أيامًا ما بعدها سعادة، قلت: بارك الله لك.
5 / 3