الحياة مضيق بين أبديتين، ووميض برق بين غيمتين غامضتين.
إذا تخاصم من أصدقائك اثنان، لا تسبق في الإصلاح بينهما الزمان، فهو للعداء خير دواء. وإن عاقبة الإسراع في وصل حبل الوداد هي غالبا كعاقبة الجرح المندمل على فساد. •••
أشرف الحب حب من لا يدعك تشعر بولائه، قبل انقضائه، فهو لا ينقدك وداده في السراء ليتقاضاكه مع الفائدة في الضراء. •••
شر الأصدقاء صديق لا يعتبرك من أكفائه، فإن ظن نفسه أكبر منك يهينك في حبه وتقلبه، وإن كان أصغر منك يغيظك في تودده وتحببه. •••
أحب من الجمال ما كان فيه شيء من القباحة، ومن الحركة في الجمال ما كان فيها كياسة وملاحة، ومن السكوت في الجمال ما كان فيه كثير من الفصاحة.
أفضل أن أشاهد كل يوم عشر مرات سحنة منكرة وفيها بهاء وغرابة وذكاء، على أن أرى مرة في الشهر طلعة جميلة خاسئة والنفس فيها جدباء. •••
من نهج لحاجاته المادية وغاياته الدنيوية منهج التدين والورع الكاذب والرياء والتنطع كان بعيدا عن الدين وعن الله بعد هذه الأرض عن أبعد السيارات من الشمس.
الدين الحقيقي ما أنار القلب من الإنسان والضمير، فيهديه في الحياة الدنيا خير طريق إلى خير الأبواب في الآخرة. ومتى كان ضمير جاري كنور الشمس حيا نقيا، وقلبه كوردة تفتح في الفجر لتستقبل ندى السماء لا فرق - إذ ذاك - عندي إن ذكر مع الدراويش أو سجد مع اليسوعيين أو اغتسل في نهر القنج مع البوذيين، فهو المؤمن الحقيقي، هو الصادق في دينه، هو رجل الله الأمين. •••
بحث الفلاسفة الأولون في الكون والحياة فبدءوا بأبحاثهم من العلة إلى المعلول من المركب إلى البسيط من الأعلى إلى الأدنى. بحثوا فعللوا، فاعتلوا، فماتوا وما أورثوا العالم سوى الأوهام والشكوك. وعلماء اليوم يقلبون الآية فيبحثون في الحشرات والجواهر الحية والمكروبات؛ ابتغاء الوصول إلى ما بدأ به فلاسفة الماضي.
وهؤلاء يحللون ويركبون ويعللون، فيعتلون، فيموتون قبل أن يصلوا إلى ما يزيل شيئا من الأوهام والشكوك. والنتيجة إذا واحدة إن صعدنا من الأدنى إلى الأعلى أو سقطنا من الأعلى إلى الأدنى، الكون كيفما نظر إليه العالم يظل فوق علمه. إن هذا السر العظيم وإن رصدت نجومه بالتسلكوب أو روقبت جواهره الحية بالمكرسكوب أو تحللت أنواره وألوانه بالسبكتريسكوب يظل سرا عظيما، يموت راعي الغنم فيه كموت سقراط أو سبنسر. وسكوت القبور يناجي سكوت النجوم، والإنسان بينهما خيال يزول.
Página desconocida