131

Rayhaniyyat

الريحانيات

Géneros

أما الآن فقد مضى العام على عهد الحرية عندنا واللبنانيون يجتمعون ويخطبون ويتباحثون ويتشاركون وينادون، بماذا؟ بلا شيء، وينددون ويؤلفون الجمعيات والأحزاب والوفود، ويحلون العقد والمشكلات بالتمويه والمسايرة والوعود.

مضى عام على حريتنا ولم يمض معه شيء من خمولنا ومصانعاتنا ورخائنا من شقاقنا وادعائنا وعبوديتنا، مضى العام الأول على الدستور وأسيادنا الأحرار هم أسيادنا بالأمس، والشعب هو ذات الشعب المفلوج الضرير الذي قضى حياته في ظلمات الجهل والعذاب.

الشعب المفلوج الضرير ماذا تنفعه الحرية والنفس فيه صماء، الشعب الضرير المفلوج ماذا يفيده قولك له: «أنا من الشعب أنا رجل الشعب.» إن كنت من الشعب يا هذا فأسفي عليك. إن نفسك مفلوجة ضريرة، وإن كنت رجل الشعب بربك قل لنا: كيف تعالج الفالج وكيف تداوي العماء، فإن كان عندك دواء نافع هاته، هاته باسم الله، داو هذا الشعب بل هذه الأمة، داوها إن شاءت أم لم تشأ، داوها وإن اضطرك ذلك إلى تقييدها ليلة ونهارا أو سنتين لتشفى، داوها بالسيف إن كنت تتأكد أنها بالسيف تبرأ.

إن كنت رجل الشعب أيها الزعيم المحبوب، إن كنت واثقا أن العناية الإلهية اختصتك لتكون طبيب هذه الأمة فلا تنتظر من الصحافة شهادتها ولا من الحكومة فرمانها، ولا تنتظر ريثما الناس يسمونك ويرشحونك وينتخبونك. وبعد ذلك يرذلونك ...

ولكن قبل أن تنادي: «دوا الفالج دوا للعين» أرني إن شئت ما في خرجك، ما هذه المراهم والنباتات؟ أليست التي يتاجر بها «المغربي» ذاك الذي درس الطب ثلاثين سنة في مغارة دانيال.

ألا تعرف «المغربي»، أما رأيته في زمانك راكبا كديشه وصيدليته في الخرج وراءه، أما سمعته ينادي، دواء للرأس دواء للعين، إن أعشابك من أعشابه أيها الزعيم العزيز ومراهمك هي نفس مراهمه، فالأوفق لك وللأمة إذا أن تبيع كديشك وترجع إلى بيتك.

تبغ وملح للفالج والعماء، سبحان الهادي، أتظن يا زعيمي المحنك المبنك أن زرع التبغ واستخراج الملح يشفيان فالج النفس وعماءها، أتظن أن التبغ والملح يستحيلان نورا وهداية في قلوب اللبنانيين، أتظن أن المال في صندوق الحكومة يصلح الشئون إذا لم يكن في الحكومة من يعرف كيف يستخدم المال لخير الأمة الأدبي والروحي قبل خيرها المادي؟

رح في سبيلك أيها المداوي اللاوي وقبل أن تكرهنا أو تنسانا اذكر منا هذه الكلمة: خير لك أن تكون حمالا أو إسكافا من أن تكون مشعوذا.

إن بلاءنا أيها الإخوان من (مغاربة) السياسة الذين درسوا المداواة ثلاثين سنة في مغارة دانيال وخانيال ونافقيال وشركائهم. إن بلاءنا من المصلحين الذين لا يصلحون أنفسهم، إن بلاءنا من المشعوذين المدغلين الذين يسجدون في الهيكل التركي لسيدة بكركي. بلاء الشعب من أسياده الذين لم يزالوا يسخرونه ويرهقونه، بلاء الشعب من الذين أورثوا الشعب الفالج والعماء وجاءوا اليوم يتحببون إليه ليداووه «دوا للفالج دوا للعين»، ورب السماوات إن كنت لا تطرد «المغربي» من بيتك يا أخي وترمي بأعشابه إلى النار تموت لا شك مفلوجا ضريرا.

من المبكيات المضحكات أن تسمع اليوم من يتساءلون: ومن يا ترى يستحق أن يخلف رجل الشعب؟ هنيئا لك يا رجل الشعب، فقد ارتحت في الأقل من المناداة «دوا للفالج دوا للعين» ومن دانيال وخانيال ونافقيال الذين لا يريدون أن تداوي شعبك بغير المراهم الفاسدة والأعشاب السامة.

Página desconocida