[وَثَبت فِي صدر كتابي الْمُسَمّى " باستنزال اللطف الْمَوْجُود فِي أسرار الْوُجُود "، وَهُوَ مِمَّا جمعته لهَذَا الْعَهْد
الْحَمد لله الَّذِي خلق الْإِنْسَان مهيضا جنَاحه، بالافتقار لما فِيهِ صَلَاحه، كسيرا، وَقدر عمره، وَإِن طَال المدا، وَسَالم الردى يَسِيرا، وأقامه عانيا فِي أَيدي الأقدار، وَحكم اللَّيْل وَالنَّهَار أَسِيرًا. وَجعل مرام الْخَلَاص من قيود الْوُجُود عَلَيْهِ إِلَّا بلطف الْمَوْجُود عَلَيْهِ عسيرا. وَملك نَاصِيَة فضا لايجد فِيهِ مراعا، وَلَا يَسْتَطِيع عَنهُ مسيرًا، ومزاجا مُحْتَاجا إِلَى المراعاة مَعَ السَّاعَات فَقِيرا، وتكليفا يَأْخُذ بأطواقه عَن تراضي أشواقه فَلَا يملك لنَفسِهِ قبيلا إِلَّا بِإِذْنِهِ وَلَا دبيرا، وسياسة يُطِيع فِيهَا مرعاه رَاعيا، وَيتبع مأموره مِنْهَا أَمِيرا، ومعاشا يضْطَر فِيهِ إِلَى إمداد حَيَاته وَصَلَاح ذَاته، اضطرارا كَبِيرا، ومعاشرة بأبناء جنسه تكون السَّلامَة لأَجله مِنْهُم، وَإِدْرَاك الكفاف من أَيْديهم حظا أثيرا، وابتلاه بِمَا يلْحق هَذِه الملكات، علاوة على أحماله المهلكات، فَلَا تَجِد غَيره وليا وَلَا نَصِيرًا، وخياله الْمَكْرُوه فِي المحبوب ابتلاء وتطهيرا، والمحبوب الْمَكْرُوه فِي الْمَكْرُوه إخفاء لسيره المحجوب فِي اسْتعَار الغيوب وتدبيرا. فَقَالَ وَعَسَى أَن تكْرهُوا شَيْئا، وَيجْعَل الله فِيهِ خيرا كثيرا. ثمَّ أتاح الرَّاحَة مِنْهُم لمن اصطنعه، وأنشأه من الحضيض الأوهد، وَرَفعه فجلل قامه تنويرا، ومهد لَهُ التَّوْفِيق سريرا، وَجعل الْفِكر السديد بهدايته لنَفسِهِ الناطقة وزيرا، واتصال عقله الْمُسْتَفَاد بِالْعقلِ الْبري، من لواحق الْكَوْن وَالْفساد كمالا أخيرا. وَالصَّلَاة على سيدنَا ومولانا مُحَمَّد، رَسُوله الَّذِي، بَعثه مبشرا وَنَذِيرا، ودليلا إِلَى حَضْرَة الْحق، من أقرب المآخذ على الْخلق، تَنْبِيها وتحذيرا، وإرشاد وتبصيرا، وأنيط بسعيه فِي هَذَا الْوُجُود الأول، والحلم المسلول، عينا، يشرب بهَا عباد الله، يفجرونها تفجيرا. وَالرِّضَا عَن آله وَصَحبه، الَّذين أوسعوا هَدْيه بَيَانا وتفسيرا، مَا أطلع الروش من روح السَّمَاء، فِي عذير الظلماء وَجها منيرا، ولمع برق الْغَمَام فِي السحب السجام، سَيْفا طريرا
1 / 52