351

قال نصائحا وحكما وأمثالا ونواهيا، منها: إن القوم الذين لا ينتصح أبناؤهم بنصائح آبائهم، وهؤلاء الذين لا يستمعون لكلام السادة، والزوج الذى لم يثق فى زوجته، والزوجة التى لا تأتمر بأمر زوجها، والحمو التى لا تحب العروس، والعروس التى لا تحترم حماها، والكبار الذين لا يرعون جانب الصغار، والصغار الذين لم يعملوا بنصائح الكبار، والعظماء الذين لا يرعون جانب العبيد، ولم يقربوا إليهم الخارجين، والناس الذين أعجبوا بالأغنياء، ولم يجعلوا أهل الولاية منهم، ولم يؤيدوهم، ومنعوا العادات والتقاليد، فمن أجل هذا فإن الأعداء وهم اللصوص لم يقبلوهم، وكذلك الكاذبون، والمتمردون فى مقامهم؛ أى إنهم أغاروا عليهم، ولم تجد خيولهم وقطعانهم راحة، ولم يريحوا جيادهم التى يركبونها فى الطليعة، لدرجة أن هذه الجياد تعجز وتنفق وتبلى وتنمحى، إن مثل هؤلاء القوم الذين لم يربوا، ولم تكن لهم حضارة، وعند ما بزغت شمس جنكيزخان، خضعوا له وساسهم بقانونه، وهؤلاء الذين كانوا علماء وشجعان جعلهم أمراء للجيش، ومن وجده جلدا نشيطا أمسكه أسرة وأعطى الجاهل سوطا صغيرا وجعله راعيا، ولهذا السبب كان شأنه يعظم يوما بعد يوم كالهلال، والنصر يهبط عليه من السماء بقوة الله تعالى، ويظهر الحظ والإقبال من الأرض لمدده، وصارت مصايفه مكان سرور وسعادة، وجاءت المشاتى موافقة ومطابقة، ولما أدركت هذه المعانى بفضل الله تعالى، استنبطت هذه العلوم منها، ولهذا السبب فإن رخاءنا وأمننا وسعادتنا بلغت هذه الغاية، وإذا احتفظ الأطفال الذين يولدون بعدنا بخمسمائة عام أو ألف أو عشرة ويخلفوننا بهذه العادات والقوانين، ولا يغيرونها، فسيأتى المدد من السماء لدولتهم، ويظلون على الدوام فى رفاهية ورخاء، ويسعدهم الله، ويدعو العاملون لهم بالخير، وتطول أعمارهم، ويتمتعون بالنعم" من حسنت سياسته دامت رياسته"، وهذه المقولة إشارة لهذا الأمر.

وقال أيضا: إن أبناء كثيرين للملوك الذين يوجدون بعد هذا، إن لم يأخذ العظماء والأبطال والقواد الذين يوجدون معهم بالقانون، فإن أمر الملك يتزلزل وينهار، ويودون طلب جنكيز خان فلا يجدونه.

Página 410