Historia de Banakti
تأريخ البنكتي
Géneros
ولما قرأ المأمون هذا اللوح وضع يده تحت ركبته؛ فرأى حجرا كتب عليه فى ذلك الجبل عشرة كنوز من الذهب والفضة والجواهر فى موضع كذا فليحملها وليعذرنا، فحمل المأمون هذه الكتابة وقبل ركبته ويده وعاد، ولما خرج طلب الخادم أن يزوره، وأثناء عودته أخرج خاتم أنو شيروان وأخفاه، ولما مضوا فى الطريق، قال المأمون لأحمد والحسن: إنه كان ملكا عظيما عالما بكل شى ء، ولكن الكلام الذى قاله صعب، فالناقص يخوننى وليس كلامه كذبا، فكروا فيما يمكن أن يكون هذا؟، قالوا: الناقص هو الخادم ولا نعلم ماذا صنع، فسألوا الخادم وفتشوه، فوجدوا خاتم أنو شيروان معه، فعاد المأمون ماشيا وقبل جانب عرشه، ووضع الخاتم فى إصبعه، ولما نظر رأى أربعة أسطر مكتوبة على أركان العرش الأربعة: كل من له الملك ليست له السعادة، وكل من ليست له زوجة ليس له مدبر فى بيته، وكل من ليس له ولد ليست له فرحة، وكل من ليست له هذه الثلاثة ليس مريضا.
ثم خرج المأمون، وقرأ هذه الآية وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور 49 ولما وصل إلى هذه الكنوز كما دل عليه أخذها، وحمل الجمال والدواب بالذهب والجواهر.
ويقولون: إن ثراء المأمون وأبنائه والأشياء التى صنعوها كل هذا منها، ولما وصل المدائن أمر أن يمثلوا بالخادم، وأن يعلقوه فى شجرة حتى يعتبر الناس، والطريق الذى كان قد مهده فى الجبل أمر بتخريبها، وأكرم الشيخ العجمى إكراما عظيما.
وفى سنة سبع عشرة ومائتين مضى المأمون إلى مصر وقتل عبدوس، وفى سنة مائتين وثمانى عشرة، جعل أخاه أبا إسحاق ولى عهده ولقبه بالمعتصم، وأرسل لكل أطراف العالم إعلاما بذلك حتى يبايعوه، وعزم على غزو الروم فى العام نفسه، ولما وصل ديارها، يقال: إنه نزل عند نبع يسمى بندرود، وأرسل الجيوش إلى أطراف بلاد الروم، وكان جالسا ذات يوم على حافة هذا النبع، وأدلى قدميه فى الماء وأكل كثيرا من التمر؛ فانتابته القشعرة ومرض، وتوفى ليلة الخميس، السابع عشر من رجب فى العام المذكور ، وفى ذلك اليوم كان عمر المأمون ثمانية وأربعين عاما، وحملوا نعشه إلى طرطوس ودفنوه بها، ويقول أبو سعيد المخزومى فى رثائه:
شعر
هل رأيت النجوم أغنت عن
المأمون أو عن ملكه المرسوس 50
Página 172