فصل
ما يجب أن يكون عليه الإمام من الشرائط
٣٤ - أعلم أن القضاء لا يجوز أن يولاه القاضي من جهة العوام، وإنما يولاه من جهة الإمام، فيجب أن تذكر صفة الإمام، وطريق إمامته فتقول أن كل صفة اعتبرت في القاضي من الذكورة والعقل والبلوغ والصلاح والورع والعدالة والأمانة والعفة فهي معتبرة في الإمام الأعظم.
٣٥ - ويعتبر في الإمام شرائط لا تعتبر في القاضي، فكل من جاز أن يكون إمامًا يجوز أن يكون حاكمًا بلا خلاف، ولا يجوز أن يكون كل من جاز قضاؤه إمامًا، لأن القضاء رتبة انقص من الإمامة، كما أنه يجوز أن يكون الملك رسولًا، ولا يجب أن يكون الرسول ملكًا، وكل نبي فهو إمام، وليس كل إمام نبيًا.
٣٦ - فشروط الإمامة ضربان: أحدهما أن يعلم بالشرع، والآخر يعلم بالشرع والعقل جميعًا، فالأول نحو أن يكون من قريش أو من قبيل مخصوص منها، فهذا إنما يعلم بالشرع، وما يعلم شرعًا وعقلًا فهو ما لا يتم الفرض بالإمامة إلا به، ونحن نذكر ما فيه من الخلاف: منها أن يكون عالمًا بأصول الدين، ومن أهل الاجتهاد في فروعه ليمكنه حل الشبه وإرشاد الضال وفتيا المستفتي والحكم بين الخصوم، وهذا شرط عليه سائر فرق المسلمين في اعتباره من الفقهاء أصحاب أبي حنيفة والشافعي ومالك وسائر المختلفين، وعليه جماعة فرق المتكلمين على اختلاف مذاهبهم لا يعرف بينهم خلاف في ذلك.
٣٧ - وقال بعض أهل العلم في عصرنا وهو شيخنا أبو علي محمد بن أحمد ابن الوليد ﵀ أن اعتبار العلم بما ذكرناه يؤدي إلى أن لا يصح لإمام إمامة في العصر، بل يجب أن يكون له بصر وعقل ورأي ويقوى كل
1 / 61