من حديث ابن مسعود: كان قدر صلاة رسول الله صلى الله وسلم عليه في الصيف ثلاثة أقدام إلى خمسة أقدام وفي الشتاء خمسة أقدام إلى سبعة أقدام. قلت: إنهم حملوه على الإبراد كما قاله ابن العربي المالكي في القبس وتبعه الحافظ السيوطي وأنه حديث قد قُدح فيه فإنه من رواية عبيدة بن حميد الطيبي الكوفي عن أبي مالك سعد بن طارق عن كثير بن مدرك عن الأسود وفي عبيدة وشيخه سعد خلاف ففي الميزان في ترجمة سعد وثقه أحمد وابن معين وقال العقيلي: لا يتابع على حديثه في القبول وقد ضعف عبد الحق حديث تقدير صلاة رسول الله صلى الله وسلم عليه بالأقدام في الشتاء والصيف والعجب من الحافظ ابن الحجر في التلخيص لم يتكلم على لفظ الحديث ولا سنده وذكر كلام ابن العربي وأبطله السيد محمد الأمير في اليواقيت نعم أيام الشتاء يحسن التأني بالظهر حتى يحصل ظن أن الشمس لو كانت في كبد السماء أن قد زالت لأنه يدرك بالحس والمشاهدة إذا كانت من جهة الجنوب لأن ظلها يزداد في جهة الشرق زيادة كثيرة لكن لا إلى الحد الذي يقدّر بالأقدام وغايته أن ينظر في أمارات تحصل الظن بالزوال وأهل الأقدام ليس معهم إلا الظن لا غير وليس أحد مخاطبًا بظن غيره بل بظن نفسه فتأمل. وهو أول وقت العصر أي صيرورة ظله مثله قال ابن القيم: وأنهم كانوا يصلونها مع النبي صلى الله وسلم عليه ثم يذهب أحدهم إلى العوالي قدر أربعة أميال والشمس مرتفعة١، وقال أنس صلى بنا رسول الله صلى الله وسلم عليه العصر فأتاه رجل من بني سلمة فقال يا رسول الله: إنا نريد أن ننحر جزورًا وإنا نحب أن تحضرها. قال: "نعم" فانطلق وانطلقنا معه فوجد الجزور لم تُنحر فنحرت ثم قطعت ثم طبخ منها ثم أكلنا منها قبل أن تغيب الشمس٢، ومحال أن يكون هذا بعد المثلين وفي صحيح مسلم عنه: "وقت صلاة الظهر ما لم يحضر العصر" ٣، ولا معارض لهذه السنن في الصحة ولا في الصراحة والبيان فرُدّت بالمجمل من قوله صلى الله وسلم عليه: "ومثل أهل الكتاب قبلكم كمثل رجل استأجر أجيرًا فقال: من يعمل إلى نصف النهار على قيراط قيراط"
_________
١ رواه الجماعة إلا الترمذي من حديث أنس بن مالك.
٢ رواه مسلم في صحيحه.
٣ رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص مطولًا وسيذكره الشارح في الكلام على أخره وقت العصر.
1 / 67