الناقصات العقول والأديان، والشريعة سمحة سهلة ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ واتقوا الله ما استطعتم. "والحائض لا تصلي ولا تصوم" لما ورد في ذلك من الأدلة الصحيحة كحديث: "أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم"؟ وهو في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي سعيد وهو مجمع عليه وكان هذا شأن الحائض في زمن النبوة وأيام الصحابة فمن بعدهم أنها تدع الصلاة والصوم أيام حيضتها وتقضي الصوم لا الصلاة بعد طهرها ولم يخالف في ذلك غير الخوارج ولا ريب أن القضاء إن كان بدليل الأصل كما ذهب إليه البعض فلا وجوب للأصل ههنا ولا دليل عليه في حال الحيض وإن كان بدليل جديد غير دليل المقضي فلم يقم في الصلاة وقام في الصيام فطاح القياس وذهب الإلزام، وأما كونها لا توطأ حتى تغتسل بعد الطهر فذلك نص الكتاب العزيز قال الله تعالى: ﴿وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ﴾ والأحاديث في ذلك كثيرة منها قوله صلى الله وسلم عليه: "اصنعوا كل شئ إلا النكاح" وهو في الصحيح وهو مجمع على تحريم ذلك ليس فيه خلاف وتحريم الصلاة والصوم على الحائض كما تقدم وكذلك وطؤها هو إلى غاية هي الغسل بعد الطهر كما صرحت بذلك الأدلة. وأما كونها "تقضي الصيام" فلحديث عائشة بلفظ: فنؤمر بقضاء الصيام ولا نؤمر بقضاء الصلاة، وهو في الصحيحين وغيرهما وقد نقل ابن المنذر والنووي وغيرهما إجماع المسلمين على ذلك وحكى ابن عبد البر عن طائفة من الخوارج أنهم كانوا يوجبون على الحائض قضاء الصلاة ولا يقدح في إجماع الأمة مخالفة هؤلاء الذين هم كلاب النار.
فصل "والنفاس أكثره أربعون يومًا" لحديث أم سلمة قالت: كانت النفساء تجلس على عهد رسول الله صلى الله وسلم عليه أربعين يومًا. أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي والدارقطني والحاكم وللحديث طرق يقوي بعضها بعضا وإلى ذلك ذهب الجمهور وقد قيل إن أكثره ستون يومًا وقيل سبعون يومًا وقيل خمسون وقيل نيف وعشرون والحق الأول وهذا القدر هو أرجح ما قيل لأن ما عداه خال عن الدليل.
وأما كونه لا حد لأقله فلم يأت في ذلك دليل بل ما دام الدم باقيًا
1 / 65