مَرْس ولا دلك، وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى: يغسل منهما سواء، ويتجه أن يقال من جانب أبي حنيفة رحمه الله تعالى إن المراد بالنضح الغسل الخفيف وبالغسل المرس والدلك وأصل المسألة أن التطهير إنما يكون بإزالة عين النجاسة وأثرها وبول الجارية أغلظ وأنتن فاحتيج فيه إلى زيادة المرس كذا في المُسوى. .
وأقول: أحاديث التخصيص هنها صحيحة لا شك في ذلك ولا ريب فما الذي دعاهم إلى الوقوع في مضيق التأويل المتعسف الذي لا يسوغ ارتكاب مثله مع وجود السعة وهذا كلام عاطل الجِيد عن الفائدة بمرة لأن هذا المعنى قد استُفيد من العام ثم إهدار لفائدة المغايرة بالمرة وحكم على كلام من أوتي جوامع الكلم وكان أفصح العرب بما يلحقه بكلام من هو من العيّ بمنزلة تُوقعه في الكلام القاصر عن رتبة الفصاحة والبلاغة، وقد ذكر في النهاية ما يفيد أن النضح يأتي بمعنى الغسل. قلت: قد يَرِد في مثل ذلك نادرًا إذا اقتضاه المقام وههنا وقع مقابلًا للغسل فكيف يصح تفسيره به وقد أطبق أئمة اللغة أن النضح هو الرش فيجب حمله على ذلك إذا لم تقم قرينة على إرادة غيره فكيف إذا كان الكلام لا يصح إلا بالحمل على ذلك المعنى الأعم الأغلب وإلا كان الكلام حشوًا وإن كان استعظام قائل قد قال بوجوب غسل البول فليس أحد أعظم منزلة ولا أكبر قدرًا من رسول الله ﷺ فأقل الأحوال أن يجعل لكلامه مزيّة على غيره من علماء أمّته فيكون كلامهم مردودًا إلى كلامه وليت أن المشغوفين بمحبة مذاهب الأسلاف جعلوه كأسلافهم فسلكوا فيما بين كلامه وكلامهم طريقة الإنصاف ولكنهم في كثير من المواطن يجعلون الحظ لأسلافهم فيردون كلامه ﷺ إلى كلامهم فإن وافقهم فيها ونعمت وإن لم يوافقهم فالقول ما قالت حَذام، فإن أنكرتَ هذا فهات أبِنْ لي ما الذي اقتضى هذه التأويلات المتعسفة وردّ أحاديث التخصيص الصحيحة مع تسليمهم أن الخاص مقدم على العام وإنه يُبنى العام على الخاص وهذا مشتهر في الأصول اشتهار النهار.
"ولعاب كلب" قد ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة ﵁ أن رسول الله ﷺ قال: "إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعًا" وثبت أيضًا عندهما وغيرهما مثله في حديث عبد الله بن مغفل فدل ذلك على نجاسة لعاب الكلب
1 / 16