واحتجوا أيضًا بما ورد من النهي عن الوضوء بفضل وضوء المرأة ولا تنحصر علة ذلك في الاستعمال كما سيأتي تحقيقه إن شاء الله تعالى فلا يتم الاستدلال بذلك لاحتماله، ولو كانت العلة الاستعمال لم يختص النهي بمنع الرجل من الوضوء بفضل المرأة والعكس بل كان النهي سيقع من الشارع لكل أحد عن كل فضل، ومن جملة ما استدلوا به: أن السلف كانوا يكملون الطهارة بالتيمم عند قلة الماء لا بماء ساقط منه وهذه حجة ساقطة لا ينبغي التعويل على مثلها في إثبات الأحكام الشرعية، فعلى هذا المستدل أن يوضح هل كان هذا التكميل يفعله جميع السلف أو بعضهم والأول باطل والثاني لا يُدرى من هو فليبين لنا من هو على أنه لا حجة إلا الإجماع عند من يحتج بالإجماع، وقد استدلوا بأدلة هي أجنبية عن محل النزاع مثل: حديث غسل اليد ثلاثًا بعد الإستيقياظ قبل إدخالها الإناء ونحوه فالحق أن المستعمل طاهر ومطهر عملًا بالأصل وبالأدلة الدالة على أن الماء طهور، وقد ذهب إلى هذا جماعة من السلف والخلف ونسبه ابن حزم إلى عطاء وسفيان الثوري وأبي ثور وجميع أهل الظاهر ونقله غيره عن الحسن البصري والزهري والنخعي ومالك والشافعي وأبي حنيفة في إحداى الروايات عن الثلاثة المتأخرين، والحق أن الماء لا يخرج عن كونه طهورًا بمجرد استعماله للطهارة إلا أن يتغير بذلك ريحه أو لونه أو طعمه، وقد كان الصحابة يكادون يقتتلون على ما تساقط من وضوئه ﷺ فيأخذونه ويتبركون به والتبرك به يكون بغسل بعض أعضاء الوضوء كما يكون بغير ذلك. والحاصل: أن إخراج ما جعله الماء طهورًا عن الطهورية لا يكون إلا بدليل.
فصل"والنجاسات" جمع نجاسة وهي كل شيء يستقذره أهل الطبائع السليمة ويتحفظون عنه ويغسلون الثياب إذا أصابها كالعذرة والبول، هي غائط الإنسان مطلقا وبوله بالأدلة الصحيحة المفيدة للقطع بذلك بل نجاستهما من باب الضرورة الدينية كما لا يخفى على من له اشتغال بالأدلة الشرعية وبما كان عليه الأمر في عصر النبوة ولا يقدح في ذلك التخفيف في تطهيرهما في بعض الأحوال. . أما الغائط فكما في حديث أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال: "إذا وطئ أحدكم بنعله الأذى فإن التراب له طهور" وفي لفظ: "إذا وطئ
1 / 12