227

============================================================

وكذلك يشهد له ما اشتهر أن الشيخ أبا حفص النيسابورى الحداد رضي الله عنه سمع قارئا يقرأ آية من القرآن فورد على قلبه وارد غاب عن إحساسه فأدخل يده فى النار وأخرج الحديدة المحماة بيده فرأى تلميذ له ذلك فصاح يا أستاذ ما هذا فنظر أبو حفص إلى ما ظهر عليه فترك الحرفة وقام من حانوته رضى الله عنه ونفعنا به قال الشيوخ العارفون رضى الله عنهم الغيبة معناها غيبة القلب عن علم ما يجرى من أحوال الخلق لاشتغاله بما ورد عليه ثم قد يغيب الشخص عن إحساسه بنفه وغيره قال أبو سعيد الخراز رضى الله عنه تهت في البادية فكنت أقول : أتيه فلا أدرى من التيه من أنا سوى ما يقول الناس فى وفى جنسى اتيه على جن البلاد وانسها فإن لم أجد شخصا أتيه على نفسى سعت هاتفا يهتف بى ويقول: أنا من يرى الأسباب أعلى وجوده ويفرح بالتيه الدنىء وبالأنس فلو كنت من أهل الوجود حقيقة لغبت عن الاكوان والعرش والكرسى وكنت بلا حال مع الله واقفا تصان عن التذكار للجن والإنس قال الشيوخ رضى الله عنهم الصحو رجوع من الغيبة إلى الإحساس والسكر بوارد قوى والفرق بين السكر والغيبة تكون بوادر من ذكر عقاب أو ثواب ينشأ من شدة الخوف أو قوة الرجاء وأما السكر فلا يكون إلا لأصحاب المواجيد فإذا كوشف العبد بنعوت الجمال حصل له السكر وطرب الروح وهام القلب وأنشدوا: فصحوك من لفظى هو الوصل كله وسكرك من لحظى يبيح لك الشربا فما مل ساقيها وما مل شارب عقار لحظ كأسه يسكر القلبسا قالوا وإذا كوشف بأوصاف الجلال ظهرت من سلطان الحقيقة صفة القهر وأنشدوا: اذا طلع الصباح كنجم راح تساوى فيه سكران وصاح قال الله عز وجل: {فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا}(1) المكاية الثالثة والسبعون بعد المافتين روى أنه كان شاب يصحب الجنيد فكان إذا سمع شيئا من الذكر زعق فقال له الجنيد يوما إن فعلت ذلك مرة أخرى لن تصحبنى فكان إذا سمع يتغير ويضبط نفسه (1) سورة الاعراف : الآية 143.

Página 227