[3_2]
لا ينزل المجد إلا في منازلها ... كالنوم ليس له مأوى سوى المقل
انظم فيها، واستخرج خوافيها، وافتح مقفلاتها، وافض الختم عن معضلاتها. فمضت على ذلك أيام، وانقطع عني ذلك الشوق اللهام، لعوائق وحوادث عاقت، وموانع ظهرت وظهورات تلاقت. اعتزلت عنه حينا من الدهر لم يكن شيئا مذكورا، فظن أرباب هذه الصناعة أني لم أجد إلى هذا الباب مدخلا ولا إلى هذا البحر عبورا.
عجب الناس في اعتزالي وفي ال ... أطراف تلقى منازل الأشراف
وقعودي عن التقلب في الأر ... ض لمثلي رحيبة الاكناف
ليس عن فايت بلغت مداها ... غير أني امرؤ كفاني كفافي
وقد كنت ادخرت لمثل هذا اليوم، ما هو في العمل المثاب كالصوم. من نفائس المكنوز والمدخر، حتى يكون لأولى النهى كالمنتظر. من مسودات مناظرات ورسائل، ومحاورات ومفاخرات ووسائل. شاملة لتلك الفوائد، نفيسة بتلك الخرائد لذيذة بتلك الموائد. من كل رسالة فايقة، ومحاورة رايقة. ومجالس أنيسة، ومباحث نفيسة. أرق من السحر الحلال، وأعذب من الماء العذب الزلال. ولما غلب عليهم الوهم، وظن بي وإن بعض الظن إثم، أني قد رفضت الأدب، وانتحيت عن سنة فصحاء العرب، أحببت أن أنسخ تلك الأوراق، وأضم أصول تلك الأعراق. وأرتبها ترتيبا يحسن بها الجمع، وتكون للأديب موضع النطق والسمع. لتحصل في الفوائد مطبوعة، وكالفرائد مصبوغة مصنوعة، وكالشهب متفرقة مجموعة. مضيفا إليها ترجمة المعاصرين، الذين هم لعناقيد كروم الأدب عاصرين، ولأثمار غصون البلاغة هاصرين. معتصما فيها من الخطأ والزلل، والله المعين على القضاء إذا نزل. وقد حذوت فيها حذو الريحانة وصاحب القلائد، وجمعت فيها النادر من النظم والرائق من الفرائد. وإن شط المزار، ولم تتناسب الآثار. لكن
Página 3