[1_2]
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي نزه العيون في محاسن المعارف، وسرح الجفون في رياض الأدب. رياض تحاكى الروض النضر، وأزاهير تشاكل حسان العصر، قد البت أصناف اللطائف، وجمعت ضروب الأدب. فكم حديقة قد حدقت بصنوف شقائقه فرقت وراقت، وكم جنة تزخرفت بنور أنوار أزهاره فتاقت وفاقت. فيا لله ما ارفع منار الأدب قدرا. وما أوسع أمة الكمال صدرا. يعطي المتعاطي به على أقرانه امتيازا، ويرفعه على أبناء عصره وأوانه حقيقة ومجازا. فيكسب من ورود مناهله العذبة فضلا وكمالا، ويحوز في ارتضاع ثديه الشهدي المذاق مجدا وجلالا. فمورده الصافي الشهي أعذب الموارد، والوصول إلى كنه ذاته الضافي البهي غاية المآرب والمقاصد.
أحمده حمدا على نعم لا تفنى من معادن المعارف دررها، ولا تأفل من جباه وجوه العوارف غررها. واشكره على ما خصنا به من الخوض في بحور بديع البيان والمعاني، وإرسال العنان في حلبة ميدان المكارم ومعجز الألفاظ من غير توقف وتواني. حتى جعل ضوامر صافناته العتاق تحت طوعنا فنغير بها على حصون المعال، ونطلق أزمة أعنتها من غير توقف على بطون اليراعة ومتون الكمال. فانقاد أصعبه إلينا انقياد العبد الطايع، واستطعنا له نقبا بعد أن كان كالسد المانع. فكل روضة من رياضه بإنبات شقائقنا أنيقة، وكل جريدة من صحف معجزاته بإثبات دقائقنا وثيقة. فما من صك إلا وقد تصدر بختمنا، وما من سجل إلا وقد افتخر برسمنا. فهو الآن بدوننا بلا واسطة، ريشة بمهب الريح ساقطة.
ونهدي من الصلاة ما راق، ومن السلام ما فاق، ومن التحية ما علا، ومن الاثنية ما غلا. إلى السيد الذي رفع رتبة الأدب إلى هام الجوزاء، وشيد بروج حصونه فشاكلت الثريا وشاكهت السماء. أوتي جوامع الكلم وفصل الخطاب، فغرفنا على قدر الطاقة البشرية من ذلك البحر العباب. فهو العلة الغائية في ظهور الوجود
Página 1