283

El jardín perfumado sobre la noticia de los países

الروض المعطار في خبر الأقطار

Editor

إحسان عباس

Editorial

مؤسسة ناصر للثقافة-بيروت

Edición

الثانية

Año de publicación

١٩٨٠ م

Ubicación del editor

طبع على مطابع دار السراج

خرج يتبع أثر رسول الله ﷺ ماشيًا، ونزل رسول الله ﷺ في بعض منازله، ونظر ناظر من المسلمين فقال: يا رسول الله، هذا رجل يمشي على الطريق وحده، فقال رسول الله ﷺ: " كن أبا ذر، رحم الله أبا ذر، يمشي وحده ويموت وحده ويبعث وحده " الحديث.
فلما خرج أبو ذر ﵁ إلى الربذة وأصابه بها أجله لم يكن معه أحد إلا امرأته وغلامه، فأوصاهما أن اغسلاني وكفناني ثم ضعاني على قارعة الطريق فأول ركب يمر بكم فقولوا: هذا أبو ذر صاحب رسول الله ﷺ فأعينونا على دفنه، فلما مات فعلا به ذلك ثم وضعاه على قارعة الطريق، وأقبل عبد الله بن مسعود ﵁ في رهط من أهل العراق، فلم يرعهم إلا الجنازة على ظهر الطريق وقد كادت الإبل تطؤها، وقام إليهم الغلام وقال: هذا أبو ذر صاحب رسول الله ﷺ فأعينونا على دفنه، قال: فاستهل عبد الله بن مسعود ﵁ يبكي: صدق رسول الله ﷺ، تمشي وحدك وتموت وحدك وتبعث وحدك، ثم نزل هو وأصحابه فواروه، ثم حدثهم عبد الله بن مسعود ﵁ حديثه وما قال له رسول الله ﷺ في مسيره إلى تبوك.
وفي الثغور (١) الرومية التي افتتحها مسلمة بن عبد الملك ربذة أخرى.
وبالربذة مات عتبة بن غزوان سنة سبع عشرة، له الهجرتان وبدر والمشاهد كلها، وكان من الرماة المذكورين يوم بدر.
ربعات (٢):
بتشديد الباء المدينة العظمى للحبشة ولما أغارت الحبشة زمن عمر بن الخطاب ﵁ بعث إليهم علقمة بن مجزز (٣) في جمع كثير سنة عشرين فلما قرب من مدينتهم هذه وكانوا قد سموا المياه فمات أكثرهم ونجا علقمة في نفير وقال:
أقول وقد شربن بربعات ... أبالغة بنا اليمن الركاب
الرجان (٤):
أول مدن فارس بل هي كورة فيها مدن كثيرة منها صغار وكبار، وهي حد ما بين فارس وخوزستان، وهي مدينة حسنة في غاية الطيب ولها رساتيق ونخل وكروم وفواكه كثيرة مثل الجوز والأترج والخوخ والزيتون الكثير والزيت، وماؤها غير طيب ولا شروب. وعلى باب الرجان مما يلي خوزستان على نهر طاب قنطرة تنسب إلى الديلمى طبيب الحجاج بن يوسف، وهي طاق واحد سعتها بين عموديها على وجه الأرض ثمانون خطوة وارتفاعها مقدار ما يخرج منها راكب الجمل وبيده أطول الأعلام (٥)، والرستاق باللسان الفارسي هو الإقليم، ومدينة الرجان مدينة جليلة أكثر أهلها العجم والفرس والمجوس.
الرجيع (٦):
بفتح أوله وبالجيم والعين المهملة في آخره على وزن قتيل، ماء لبني لحيان من هذيل بين مكة وعسفان، وبه قتل بنو لحيان من هذيل عاصم بن ثابت وأصحابه، كان رسول الله ﷺ بعثهم وأمر عليهم عاصمًا، حتى إذا كانوا بالرجيع - ويقال بالهدة (٧) وهما متجاورتان بين عسفان ومكة - ذكر أمرهم لبني لحيان فنفروا لهم بقريب من مائة رجل رام فاقتصوا آثارهم فأدركوهم فقتلوا في ذلك اليوم عاصم بن ثابت وأسروا خبيبًا وابن الدثنة، وأرادوا أن يحتزوا رأس عاصم بن ثابت ﵁ فحمته الدبر وغلبتهم عليه فلم يستطيعوا الوصول إليه، وكان عاصم بن ثابت ﵁ عاهد الله تعالى ألا يمس مشركًا أبدًا ولا يمسه تنجسًا فمنعه الله تعالى منهم. وروي أيضًا أن الله تعالى بعث الوادي فاحتمل عاصمًا فذهب به، والأول أشهر، وفيه يقول حسان ﵁:
لحى الله لحيانًا فليست دماؤهم ... لنا من قتيلي غدرة بوفاء
هم قتلوا يوم الرجيع ابن مرة ... أخا ثقة في وده وصفاء

(١) معجم ما استعجم ٢: ٦٣٧.
(٢) معجم ما استعجم ٢: ٦٣٢.
(٣) ص ع: بن فلان.
(٤) هي أرجان التي وردت في حرف الهمزة. ولكنها كتبت عند ابن حوقل والإدريسي (الرجان) كذلك، قارن بابن حوقل: ٢٣٩، والكرخي: ٧٨، وياقوت (أرجان)، والمقدسي: ٤٢٥، وآثار البلاد: ١٤١، والمؤلف ينقل أكثر المادة عن نزهة المشتاق: ١٢٧.
(٥) في ص ع في موضع هذه الجملة: وارتفاعها ما تحمل ذلك، وهو وجه مشابه لما ورد في نزهة المشتاق.
(٦) معجم ما استعجم ٢: ٦٤٣، والسيرة ٢: ١٦٩.
(٧) عند البكري: الهدأة، ولعله أصوب، فإن الهدة مكان بين مكة والطائف.

1 / 267