Rawd Bayan
روض البيان على فيض المنان في الرد على من ادعى قدم القرآن
Géneros
الذي هو غير مخلوق هو المشار إليه بقوله تعالى { ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون } ولا شك أن الذكر المحدث المستمع هو الكلام المتلو بالألسن ، ولم يقل أحد من الأمة أن القرآن المتلو بالألسن المسموع بالأذان غير مخلوق إلا الحنابلة قالوا ذلك مكابرة بغير دليل حتى أن بعضهم غلا جهلا وقال : إن الجلد والغلافة قديمان ، ولا شك أن القول بقدم القرآن المتلو بالألسن المسموع بالآذان شرك ، لأن القائل جعل مع الله شريكا في القدم هذا حكمه إذا كان منه بغير تأويل .
أما إذا كان متأولا فهو من المشبهة بالتأويل وفي حكمهم قولان قيل هم مشركون ،وقيل منافقون ، وإنما قلنا أنه لم يقل أحد من الأمة أن القرآن المتلو بالألسن المسموع بالآذان غير مخلوق لأن القائل منهم بقدم القرآن إنما يريد به الكلام الذاتي لا المنزل المحدث من نحو {إنا جعلناه قرآنا عربيا} ونحو {وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث } إلى القرآن المتلو بالألسن المسموع بالآذان ، وعلى هذا التأويل فالإختلاف بينهم لفظي حاصله : هل يسمى الكلام الذاتي قرآنا أم لا ؟ والصحيح لا يسمى بذلك ومن هنا كانت المسألة من باب الرأي ولم يخط فيها بعض الأصحاب بعضا .
وبيان ذلك أن القائلين منهم بقدم القرآن إنما يعنون الكلام الذاتي لا الكلام المنزل ، والقائلون بخلق القرآن إنما يعنون الكلام المنزل ، فمقصد هؤلاء غير مقصد هؤلاء ، والخلاف في العبارة ، ورأيت فيها أيضا التصريح بتفسيق من قال أن القرآن مخلوق ، فمن ذلك قوله :
لا تنحل القرآن منك تكلفا ... ببدائع التكليف والبهتان
فقد جعل القول بأن القرآن مخلوق من التكليف والبدعة والبهتان ومن ذلك قوله :
أعظمت إفكا وادعيت خطيئة ... والله أحدثه إلى الإنسان
ومن ذلك قوله :
شاهت وجوه أولي الضلال لقد عم ... وا وتعلقوا بمدارج العميان
Página 169