رسم المصحف العثماني وأوهام المستشرقين في قراءات القرآن الكريم

Abdel Fattah Shalaby d. 1422 AH
80

رسم المصحف العثماني وأوهام المستشرقين في قراءات القرآن الكريم

رسم المصحف العثماني وأوهام المستشرقين في قراءات القرآن الكريم

Editorial

مكتبة وهبة

Número de edición

-

Géneros

خط المصحف، فقرءوا بألفاظ مختلفة في السمع والمعنى واحد، نحو: جذوة وجذوة وجذوة١، وقرءوا بألفاظ مختلفة في السمع وفي المعنى، نحو: يسيركم، وينشركم٢، وكل ذلك لا يخالف الخط في رأي العين؟ فالجواب عن ذلك: أن الصحابة ﵃ كان قد تعارف بينهم من عهد النبي ﷺ ترك الإنكار على من خالفت قراءته قراءة الآخر، لقول النبي ﷺ: "أنزل القرآن على سبعة أحرف، فاقرءوا بما شئتم". ولقوله: "نزل القرآن على سبعة أحرف، كل شاف كاف". ولإنكاره ﷺ على من تمارى في القرآن. والأحاديث كثيرة، سأذكر منها طرفًا في آخر هذا الكتاب، إن شاء الله. فكان كل واحد منهم يقرأ كما عُلِّم، وإن خالف قراءة صاحبه؛ لقوله ﷺ: "اقرءوا كما علمتم". وحديث عمر٣ مع هشام بن حكيم٤ مشهور، إذ تخاصم معه إلى النبي ﷺ في قراءة سمعه يقرؤها، فأنكرها عمر عليه، وقاده إلى النبي ﷺ ملبَّبًا بردائه٥، فاستقرأ النبي ﷺ كل واحد منهما، فقال له: "أصبت"، ثم قال: "إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرءوا بما شئتم". فكانوا يقرءون بما تعلموا، ولا ينكر أحد على أحد قراءته. وكان النبي ﷺ قد وجّه بعضهم إلى البلدان؛ ليعلموا الناس القرآن والدين.

١ في قوله تعالى: ﴿لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ﴾ [القصص: آية ٢٩] . وقرأ عاصم: ﴿جَذْوَةٍ﴾ بفتح الجيم، وقرأ حمزة وخلف بضمها، والباقون بكسرها، وهي لغات ثلاث في الفاء كالرشوة والربوة. "إتحاف فضلاء البشر: ٣٤٢". ٢ في قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ﴾ [يونس: آية ٢٢] . قرأ ابن عامر وأبو جعفر: "ينشركم" من النشر ضد الطي أي: يفرقكم، والباقون ﴿يُسَيِّرُكُمْ﴾ أي: يحملكم على السير، ويمكنكم منه "الإتحاف: ٢٤٨". ٣ عمر بن الخطاب، ثاني الخلفاء الراشدين. ٤ هشام بن حكيم صحابي، لم يترجم له ابن الجزري في طبقات القراء. ٥ جمع ثيابه عند نحره، ثم جره مخاصما له.

1 / 88