﴿الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ ١: أخبر تعالى أن في الأعراب كفارا ومنافقين ومؤمنين، وأن كفرهم ونفاقهم أعظم من غيره، ﴿وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ ٢ أي: عليم بمن يستحق أن يعلمه الإيمان والعلم، الحكيم فيما قسم بين عباده من العلم والجهل والإيمان والكفر والنفاق، لا يسأل عما يفعل لعلمه وحكمته، وقوله: ﴿وَمِنَ الأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ﴾ ٣: هذا هو القسم الممدوح من الأعراب.
قلت: وهم الموصوفون بالإيمان والإخلاص، فتبين أن الأعراب وهم من أمة محمد ﷺ فيهم المشرك والكافر، والمنافق والمؤمن؛ وما زالوا كذلك في كل زمان إلى يومنا هذا وبعده، وشرهم اليوم أكثر، وكفرهم أكبر وأظهر، فيلزمه على أصله أن كلهم من خير أمة أخرجت للناس ومن الأمة الوسط، وأن من قاتلهم لشركهم وكفرهم فقد ظلمهم، فتدبر.
ثم ذكر تعالى السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإحسان فقال تعالى:
﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ ٤، وذكر قول الشعبي أن السابقين من أدرك بيعة الرضوان.
قلت: والمذكور في هذه الآية هم الأمة الوسط، هم خير أمة أخرجت للناس.
قال العماد ابن كثير: فيا ويل من أبغضهم أو سبهم أو أبغض أو سب بعضهم، ولا سيما سيد الصحابة بعد الرسول ﷺ
_________
١ سورة التوبة آية: ٩٧.
٢ سورة التوبة آية: ٩٧.
٣ سورة التوبة آية: ٩٩.
٤ سورة التوبة آية: ١٠٠.
1 / 63