سورة براءة: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ ١ الآيتين.
ووصف المنافقين بعكس هذه الصفات فقال تعالى: ﴿الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ ٢، فوصفهم بالنفاق تارة وبالكفر تارة. وقوله: ﴿لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾ ٣ فوصفهم بهذه الصفات التي صاروا بها في الدرك الأسفل من النار، وقد كانوا مع النبي ﷺ ويشهدون أن لا إله إلا الله، ويصلون ويجاهدون، فلم ينفعهم ذلك، لعدم إيمانهم وقبولهم لما بعث الله به ورسوله من الهدى والعلم.
ولهذا أمر الله نبيه ﷺ بجهادهم فقال: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ ٤ في سورة براءة والتحريم.
بعثة الرسول بأربعة أسياف
وذكر العماد ابن كثير ﵀ في تفسيره عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ﵁ أنه قال: بعث رسول الله ﷺ بأربعة أسياف: سيف للمشركين: ﴿فَإِذَا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾ ٥، وسيف للكفار أهل الكتاب: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ ٦، وسيف للمنافقين: ﴿جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ﴾ ٧، وسيف للبغاة: ﴿فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ﴾ ٨؛ وهذا يقتضي أنهم يجاهدون بالسيوف إذا أظهروا النفاق، وهو اختيار ابن جرير.
قلت: فإذا كان المستحقون لهذه السيوف التي بعث بها رسول الله
_________
١ سورة التوبة آية: ٧١.
٢ سورة التوبة آية: ٦٧.
٣ سورة التوبة آية: ٦٦.
٤ سورة التوبة آية: ٧٣.
٥ سورة التوبة آية: ٥.
٦ سورة التوبة آية: ٢٩.
٧ سورة التوبة آية: ٧٣.
٨ سورة الحجرات آية: ٩.
1 / 60