هذا السفر منهي عنه، لا تقصر فيه الصلاة، وهو قول مالك والشافعي وأحمد، وحجتهم ما في الصحيحين عن النبي ﷺ أنه قال: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، ومسجدي هذا" ١.
وهذا الحديث اتفق الأئمة على صحته، والعمل به في الجملة. فلو نذر الرجل أن يصلي في مسجد، أو مشهد، أو يعتكف فيه، أو يسافر إليه غير هذه الثلاثة لم يجب عليه ذلك باتفاق العلماء. ولو نذر أن يأتي مسجد النبي ﷺ أو المسجد الأقصى لصلاة أو اعتكاف وجب عليه الوفاء بهذا النذر عند مالك والشافعي وأحمد -رحمهم الله تعالى-، كما نص عليه شيخ الإسلام.
إذا عرفت أقوال العلماء في هذه المسألة، فاعلم أن الزائر إذا نوى بالزيارة التي فيها شد الرحل لسفر زيارة مسجد رسول الله ﷺ صار ذلك به سفر طاعة بإجماع العلماء ﵏، ويحصل له زيارة قبر النبي ﷺ تبعا إذا وصل المسجد، وفعل ما هو المشروع من البداءة بتحية المسجد، ثم سلم على رسول الله ﷺ والزيارة والسلام على صاحبيه ﵄، وذلك لا محذور فيه بوجه، بل هو مصلحة محضة. فأي محذور في تحصيل المصلحة المطلوبة على وجه صحيح بالإجماع؟ والله أعلم. وصلى الله على محمد وآله وصحبه، وسلم تسليما كثيرا.
_________
١ البخاري: الجمعة (١١٩٧) والصوم (١٩٩٦)، ومسلم: الحج (٨٢٧)، والترمذي: الصلاة (٣٢٦)، وابن ماجه: إقامة الصلاة والسنة فيها (١٤١٠)، وأحمد (٣/٧٨) .
1 / 52