الله، قال الله -تعالى-: ﴿مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ﴾ ١ إلى قوله: ﴿وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ ٢.
وقد أخبر -تعالى- عن عيسى ابن مريم أنه قال: ﴿مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ ٣، وهو دليل على أن من مات فلا اطلاع له على الأحياء ولا علم له بهم؛ فكيف يدعو من لا يعلم حاله، ولا يدري ما يفعله وما يقوله، وقد تقدم في الآيات المحكمات ما يدل على ذلك، وأن المدعو لا يسمع ولا يستجيب، فما هذه التعلقات الشركية التي هي أضل الضلال، وأمحل المحال إلا من وحي الشياطين، وزخرفة أعداء المرسلين كما قال -تعالى-: ﴿كَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الأِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ﴾ ٤.
وكل هذه التعلقات على الأموات والغائبين هي أعمال الشرك من المشركين قديما وحديثا، وهو شرك قوم نوح لما صوروا الأصنام على صور صالحيهم، قال من بعدهم: ما عظم أولنا هؤلاء إلا وهم يرجون شفاعتهم؛ فعبدوهم، أي بطلب الشفاعة منهم واستمداد البركة بهم. وهذا هو شرك العالم، وهم في آخر هذه الأمة أشد وأعظم. فاستمسك بأدلة القرآن، وسبيل أهل الإيمان.
وقد عرفت أن عبادة الأشجار والقبور والأحجار بدعائهم لها باستمداد البركة منها في زعمهم، أنه أبطل الباطل، وأمحل المحال، كما دل عليه الكتاب والسنة.
_________
١ سورة آل عمران آية: ٧٩.
٢ سورة آل عمران آية: ٨٠.
٣ سورة المائدة آية: ١١٧.
٤ سورة الأنعام آية: ١١٢.
1 / 44