من عذابهم، فسئل النبي ﷺ عن ذلك فقال: "فإن عادوا فعد" وهذا قبل وجوب الهجرة، فأنزل الله هذه الآية.
وأما حديث: "أنا بريء من مسلم بين أظهر المشركين؛ لا تراءى ناراهما" فهذا في حق من له قدرة على البعد عنهم، وأما من لا يمكنه البعد عنهم بحيث لا يقدر على ذلك بوجه من الوجوه، فلا.
وأما حديث: "من أنكر فقد برئ، ومن كره فقد سلم، ولكن من رضي وتابع، فأولئك هم الهالكون" ١ فقد تقدم بيان ذلك في معنى حديث: "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده" ٢.
فالإنكار يجب مع الاستطاعة، والكراهة هي أضعف الإيمان؛ وأما الرضى بالمنكر والمتابعة عليه فهو الهلاك الذي لا يرجى معه فلاح، والله أعلم.
ونسأل الله -تعالى- الثبات على الإيمان، وأن لا يزيغ قلوبنا عنه بعد إذا هدانا إليه، وصلى الله على سيد المرسلين وإمام المتقين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين. آمين، آمين، آمين.
_________
١ مسلم: الإمارة (١٨٥٤)، والترمذي: الفتن (٢٢٦٥)، وأبو داود: السنة (٤٧٦٠)، وأحمد (٦/٢٩٥،٦/٣٠٥) .
٢ مسلم: الإيمان (٤٩)، والترمذي: الفتن (٢١٧٢)، والنسائي: الإيمان وشرائعه (٥٠٠٨،٥٠٠٩)، وأبو داود: الصلاة (١١٤٠)، وابن ماجه: إقامة الصلاة والسنة فيها (١٢٧٥) والفتن (٤٠١٣)، وأحمد (٣/١٠،٣/٢٠،٣/٤٩،٣/٥٢،٣/٥٤،٣/٩٢) .
1 / 32