اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ﴾ ١.
وقال -تعالى- في بيان معناها: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ ٢ والمعنى: أيّ بعض كان، من نبي أو غيره كالمسيح ابن مريم، والعزير ونحوهما، وفي قوله: ﴿أَلاَّ نَعْبُدَ﴾ ٣ معنى لا إله وقوله: ﴿إِلاَّ اللَّهَ﴾ ٤ هو المستثنى في كلمة الإخلاص. وهذا التوحيد هو الذي دعا إليه رسول الله ﷺ أهل الكتاب وغيرهم من الإنس والجن كما قال -تعالى-: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ ٥، وقد قال -تعالى- في معنى هذه الكلمة عن أصحاب الكهف: ﴿وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ﴾ ٦.
ففي قولهم: ﴿وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ﴾ ٧ معنى لا إله، وقولهم: ﴿إِلاَّ اللَّهَ﴾ هو المستثنى في كلمة الإخلاص وقال -تعالى-: ﴿وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا﴾ ٨ إلى قوله: ﴿لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ﴾ ٩، فتقرر بهذا أن الألوهية هي العبادة، وأن من صرف شيئا لغير الله فقد جعله لله ندا، والقرآن كله في تقرير معنى لا إله إلا الله، وما تقتضيه، وما تستلزمه، وذكر ثواب أهل التوحيد، وعقاب أهل الشرك، ومع هذا البيان الذي ليس فوقه بيان، كثر الغلط في المتأخرين من هذه الأمة في معنى هذه الكلمة، وسببه تقليد المتكلمين الخائضين؛ فظن بعضهم أن معنى لا إله إلا الله إثبات وجود الله -تعالى- ولهذا قُدّر الخبر المحذوف في لا إله إلا الله، وقالوا: لا إله موجود إلا الله، ووجوده -تعالى- قد أقر به المشركون الجاحدون لمعنى هذه الكلمة.
وطائفة ظنوا أن معناها قدرته على الاختراع، وهذا معلوم بالفطرة، وما يشاهد من عظيم مخلوقات الله كخلق السموات والأرض، وما فيها من عجائب المخلوقات، وبه استدل الكليم موسى ﵊
_________
١ سورة النور آية: ٤٠.
٢ سورة آل عمران آية: ٦٤.
٣ سورة آل عمران آية: ٦٤.
٤ سورة آل عمران آية: ٦٤.
٥ سورة يوسف آية: ١٠٨.
٦ سورة الكهف آية: ١٦.
٧ سورة الكهف آية: ١٦.
٨ سورة الكهف آية: ١٤.
٩ سورة الكهف آية: ١٤.
1 / 20