والسلام عليك من أخيك المشتاق إليك.
سلم على الأخ الرئيس والإخوان زملائكم. دمتم متمردين فيما تعلمون، موفقين فيما تزرعون.
أمين الريحاني
الفريكة، لبنان
في 11 نيسان 1934
أيها الأخ الحبيب لبيب الرياشي
أقبلك مشتاقا إليك، وبعد: فأسميت ابني محمدا؛ لأن لسميه النبي العربي مقاما ساميا في نفسي، وأحبه حبا جما، وأعجب جدا بشخصيته الفذة، ولأنني كرهت - حتى الاشمئزاز - أن تكون أسماؤنا مثل «تذاكرنا». نعم، كرهت أن يكون اسم ابني طائفيا كاسمي؛ فرأيت أن أمزج الاثنين عملا برأي الأخطل التغلبي ... وأنا مطمئن كل الاطمئنان إلى هذه الأسماء، وفي اسمه - جوابا على سؤالك - كل التأثير عليه، وعلى إخوته، وعلى البيت، وعلى الضيعة، وعلى المحيط.
لم أعمد أحدا يا أخي من أولادي، ولكن والدي عمدهم جملة في غيابي. وهذا الوالد الطيب المتساهل كان أول المؤمنين برسالتي - إن صح التعبير - وهو أول من سايرني فتبعه الناس.
تسأل ماذا قال الكاهن؟ الكاهن كالعادة المألوفة عندنا أسماه «بالكتاب» ... نسيت والله، ذكر هذا مرة أمامي وامحى أثره. وقد كان نصيب أخويه نديم ونظير كنصيبه من تغيير الاسم؛ لأنني - كما لحظت - لم أسم أحدا على اسم الآباء القديسين، رزقك ورزقني الله شفاعتهم آمين ...
أما «التثبيت» - وهذا فاتك السؤال عنه، وهو سر من أسرار أمي وأمك الكنيسة المقدسة - فلا يقوم به إلا أسقف، فالمطران إلياس شديد - أحببت جدا هذا المطران وأعظمت مسيحيته وإنسانيته - «ثبته» باسم محمد مارون، في غيابي، على سمع الناس وبصرهم في كنيسة مار روحانا عين كفاع. لا تظن أنني أحببته لأنه جاراني. لا وحياتك يا أخي، ولا أشك أبدا أنك إذا عرفته لتحبه مثلي. فالحق أقول لك: لو عرفه النابغة الذبياني لم يقل «أي الرجال المهذب؟» إنه لا يكلفك شيئا من تقاليد الكتبة والفريسيين ... خارج هيكله. ولا أشك أنه يستقبل ربه بقلب نقي، ويبسط إليه يدا نظيفة ...
Página desconocida