بسم الله الرحمن الرحيم أزليا وأبديا ورب علما لدنيا احديا الحمد لله الذي أوجدنا بجوده ودعانا بلطفه إلى شهوده هدانا من فضله إلى القيام بركوعه وسجوده وعلمنا من عنده ما نعترف بالقصور عن القيام بشكره بل عن تعداد انعامه وذكره والصلاة والسلام على حبيبه ونبيه وخليله وصفيه وعلى آله وأصحابه وأتباعه وأشياعه وأحبابه من أول أمره وآخره أما بعد فيقول راجي بر ربه الباري علي بن سلطان محمد القاري أن هذه مقالة في بيان حال الحضر من نسبه وحسبه وما يتعلق به من أمور ولايته * وطول حيائه وبقائه ومماته وغيبته وحضوره في بعض مقاماته بأختلاف منازلاته وأتفاق خوارق عاداته في بعض اوقاته فأعلم أن المفسرين أجمعوا على أنه المراد من قوله تعالى فوجدنا عبدا من عبادنا اتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما وناهيك به فضلا وشرفا وحلما وعامة أهل العلم على أن موسى هذا هو إبن عمران وقال بعضهم هو موسى بن ميشا من اولاد يوسف والأول هو الصواب وأن المراد بعلمه اللنى هو العلم العيني لما في صحيح البخاري وغيره عن سعيد بن جبير قال قلت لإبن عباس أن نوفا البكالى ذكر أن موسى صاحب الخضر ليس هو موسى بن اسرائيل فقال إبن عباس كذب عدو الله حدثنا أبي بن كعب أنه سمع رسول الله يقول أن موسى قام خطيبا في بني اسرائيل فسئل أي الناس أعلم قال أنا فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم اليه فاوحى الله اليه أن لي عبدا بمجمع البحرين هو أعلم منك قال موسى يارب كيف لي به قال تأخذ معك حوتا فتجعله في مكتل فحيث ما فقدت الحوت فهو ثمة فاخذ حوتا فجعله في مكتل ثم انطلق وانطلق معه فتاه يوشع بن نون حتى إذا اتا الصخرة وضعا رؤسهما وناما واضطرب الحوت في المكتل فخرج منه فسقط في البحر فاتخذ سبيله في البحر سربا وأمسك الله عن الحوت جريه الماء فصار عليه مثل الطاق فلها استيقظ نسى صاحبه أن يخبره بالحوت فانطلقا بقية يومها وليلتهما حتى إذا كان من العد قال موسى لفتاه آتنا غذائنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا قال ولم يجد موسى النصب حتى جاوز المكان الذي أمر الله به فقال له فتاه أرأيت إذ أوينا إلى الصخره فأني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره وأتخذ سبيله في البحر عجبا قال فكان للحوت سربا ولموسى وفتاه عجبا فقال موسى ذلك ماكنا نبغي فارتدا على آثارهما قصصا قال رجعا يقصان آثارهما حتى انتهيا إلى الصخرة قال سفيان يزعم الناس أن تلك الصخره عندها عين الحياة لايصيب ماوها ميتا الا عاش قال والحوت قد أكل منه فلما قطر عليه الماء عاش قال فرجعا يقصان آثارهما حتى انتهيا إلى الصخرة وفي رواية فوجدا خضرا على طنفسة خضرا على كبد البحر مسجى بثوبه قد جعل طرفه تحت ررجليه وطرفه تحت رأسه وفي رواية فإذا رحل مسجى ثوبا فسلم عليه موسى فقال الخضر وانى بارضك السلام وفي رواية وعليك السلام وانى يكون هذا السلام بهذا الأرض ومن أنت فقال أنا موسى بنى اسرائيل قال نعم اتيتك لتعلمني مما علمت رشدا فال انك لن تستطيع معي صبرا ياموسى أني على علم من الله علمنيه مما لا تعلمه وأنت على علم من علم الله علمك الله لا أعلمه فقال موسى ستجدني أن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا فقال له الخضر فأن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا فانطلقا يمشيان على ساحل البحر فمرت بهما سفينة فكفكلموهم أن يحملوهم فعرفوا الخضر فحملوهما بغير نول فلما ركبا في السفينة لم يفجاء الا والخضر قد قطع لوحا من الواح السفينة بالقدوم وفي رواية ووتد فيها وتدا فقال موسى لقد حملونا بغير نول عمدت إلى سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا أمرا قال الم أقل أنك لن تستطيع معي صبرا قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من امري عسرا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت الأولى من موسى نسيانا والوسطى شرطا والثالثة عمدا قال وجاء عصفور فوقع على حرف السفينة فنقر في البحر نقرة فقال له الخضر ما علمي وعلمك في علم الله الا مثل ما نقص هذا العصفور من هذا البحر ثم خرجا من السفينة فبينما هما يمشيان على الساحل إذ ابصر الخضر غلاما يلعب مع الغلمان فاخذ الخضر براسه فاقتلعه بيده فقتله وفي رواية فاخذه واضجعه ثم ذبحه بالسكين وفي أخرى فأخذه بيده وأخذ حجرا فضرب به راسه حتى دمغه فقتله فقال له موسى اقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا قال الم أقل لك أنك لن تستطيع معي صبرا قال وهذه أشد من الأولى قال أن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض قال قائل فقال الخضر بيده فاقامه قال موسى قوم اتيناهم فلم يطعمونا ولم يضيفونا لو شئت لتخذت عليه اجرا قال هذا فراق بيني وبينك سانبيئك بتأويل مالم تستطع عليه صبرا وفي رواية فاخذ موسى بطرف ثوبه فقال حدثني فقال أما السفينة الخ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وددنا أن موسى كان صبر حتى يقص علينا من خبرهما قيل لما كان قول موسى في الجدار لنفسه بطلب شيئا من الدنيا وقوله في السفينه وقتل الغلام لله تعالى قال هذا فراق بيني وبينك فهذا مجمل الكلام على المراد وتفصيله في تفاسير العلماء الكرام وروى عن أبي بن كعب مرفوعا انجاب الماء عن مسلك الحوت أي انكشف فصار كوة لم تلتئم فدخل موسى الكره على أثر الحوت فإذا هو بالخضر قيل كان مالكا من الملائكة والصحيح الذي جاء في التواريخ وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه الخضر وهو بفتح الخاء وكسر الضاد ويجوز اسكان الضاد مع كسر الخاء أو فتحها واسمه بليا بفتح الموحده وسكون اللام وياء تحتيه فالف ممدود بن ملكان بفتح الميم واسكان اللام وتالكاف وكنيته أبو العباس فقيل كان من نسل بني اسرائيل كما سيأتي وقيل أنه إبن فرعون وقيل ابوه ولا يبعد فانه سبحانه يخرج الحي من الميت ويخرج من الميت من الحي والصحيح ما أخرجه الدار قطني وإبن عساكر من طريق مقاتل بن سليمان عن الضحاك عن إبن عباس قال الخضر إبن آدم لصلبه ونسى له في اجله حتى يكذب الدجال ويؤيد أنه أخرج بن عساكر عن إبن إسحاق قال حدثنا أصحابنا أن آدم عليه السلام لما حضره الموت جمع بنيه فقال يابني أن الله منزل على أهل الأرض عذابا فليكن جسدي معكم في الغاره حتى إذا هيطتم فابعثوا بي وادفنوني بارض الشام فكان جسده معهم فلما بعث الله نوحا ضم ذلك الجسد وأرسل الله الطوفان على الأرض فغرقت الأرض زمانا فجاء نوح حتى نزل بابل واوصى بنيه الثلاثة وهم سام ويافث وحام أن يذهبوا بجسده إلى الغار الذي امرهم أن يدفنوه به فقالوا الأرض وحشية لا أنيس بها ولا يهتدى بطريق ولكن كف حتى يامن الناس ويكثروا فقال لهم نوح أن آدم قد دعا الله أن يطيل عمر الذي يدفنه إلى يوم القيامة فلم يزل جسد آدم حتى كان الخضر هو الذي تولى دفنه فانجز الله له ما دعاه فهو يحيى إلى ما شاء الله أن يحيى وأخرج بن عساكر عن سعيد بن المسيب قال الخضر امه روميه وأبوه فارسي وأخرج الديلمي في مسند الفردوس عن أبي هريرة أن الياس والخضر اخوان أبوهما من الفرس وامهما من الروم وقيل كان من ابناء الملوك الذين ترهدوا في أمور الدنيا ثم الخضر لقب له لما رواه البخاري وغيره عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما سمى خضرا لأنه جلس على فروة بيضاء فإذا هي تهتز تحته خضراء والفروه وجه الأرض وقال مجاهد سمي خضرا لأنه إذا صلى أخضر ما حوله زاد عكرمه وكان ببابه خضرا والمراد بالعلم اللدني علم الباطل الهاما ولم يكن الخضر نبيا عند أكثر أهل العلم على ما ذكره البغوي وقال سعدي حلي من علمائنا الجمهور على أنه نبي وقال الكرماني اختلفوا فيه فقيل أنه نبي على قولين مرسلا وغير مرسل وقيل أنه ولي وقيل أنه من الملائكة وقال النووي في شرح مسلم جمهور العلماء على أنه حي موجود بين اظهرنا وذلك متفق عليه عند الصوفية وأهل الصلاح والمعرفه وحكاياتهم في روايته والأجتماع به والأخذ عنه في سؤاله وجوابه ووجوده في اماكن الخبر ومواطن الشريعة والأزمنة اللطيفه أكثر من أن تحصر واشهر من ان تذكر وقال إبن الصلاح هو حي عند جماهير العلماء والعامة معهم في ذلك وإنما ذهب إلى أنكاره بعض المحدثين أي إلى بقائه وقد نقل النووي عن الثعلبي المفسر أن الخضر نبي معمر على جميع الأقوال محجوب عن ابصار أكثر الرجال وقيل أنه يموت في آخر الزمان حين يرفع القرآن وقيل يجتمع مع المهدي وعيسى في مسجد الحرام في جمعه من الأيام وأما ما ذهب إليه عبد الرزاق النكاشي من أن الخضر عبارة عن البسط والالياس كنايه عن القبض فهو غير مقبول عند الأكياس من أهل النقول وكذا ما نقله الشيخ صدر الدين إسحاق القونوي في تبصرة المبتدي وتذكرة المنتهى أن وجود الخضر في عالم المثال معدود من المحال في المقال عند أهل الحال وأما ما ذكره السهروردي في سر المكتوم أن الخضر حدثنا ثلاثمائه حديث سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم شفاها وكذلك ما ادعاه الشيخ علاء الدوله من استفادة الأحاديث النبوية بلا قاطة عنه فغير صحيح إذا أجمع المحدثون على أن الخضر ليس له رواية عنه عليه السلام كما صرح به العراقي في تخريج الأحاديث الأحياء هذا وذكر النيسابوري في تفسيره من أن الأكثر على أن الخضر كان نبيا لقوله وما فعلته عن امري وكذا قال الغزالي أن الأكثرين على أنه نبي وظاهر الآيات والأحاديث تدل على نبوته ولذا قال الفيروزآبادي أن الخضر نبي من الأنبياء وقيل الأكثرون على أن ولادته في فارس وقيل ماء الحياة كناية عن العلم والظلمات عيارة عن الجهل قال تعالى أو من ميتا فاحييناه وفي صحيح مسلم عن سعيد بن جبير عن إبن عباس عن أبي بن كعب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الغلام الذي قتله الخضر طبع كافرا ولو عاش لارهق أبويه طغيانا وكفرا وقد قال إبن عباس كان غلاما لم يبلغ الحنث وهو قول الأكثرين وقال الحسن كان رجلا وقال الكلبي كان فتى يقطع الطريق ويأخذ المتاع ويلجأ إلى أبويه وقال الضحاك كان غلاما يعمل بالفساد وتاذى منه أبواه وأختلفوا في ذلك الكنز فعن إبن عباس قال كان لوحا من ذهب مكتوب فيه عجبا لمن اتقن بالموت كيف يفرح عجبا لمن ايقن بالقدر كيف ينصب عجبا لمن ايقن بالرزق كيف يتعجب لمن ايقن بالحساب كيف يفعل عجبا لمن ايقن بزوال الدنيا وتقلبها باهلها كيف يطمئن إليها لا اله الا الله محمد رسول الله وفي الجانب الآخر مكتوب أنا لله لا آله إلا أنا وحدي لاشريك لي خلقت الخير والشر فطوبى لمن خلقته للخير واجريته على يديه والويل لمن خلقته للشر واجريته على يديه وهو قول أكثر المفسرين وروى أيضا مرفوعا وقيل بين اليتمين وبين الاب الصالح سبعه أباء وروى أن موسى لما أراد أن يفارقه قال له اوصني قال لاتطلب العلم لتحدث به واطلبه لتعمل به وزاد في رواية قال للخضر أدع لي قال يسر الله عليك طاعته واختلفوا في أن الخضر حي أم ميت فقيل أن الخضر والياس حيان يلتقيان كل سنة بالموسم وقيل كان سبب حياة الخضر فيما يحكى أنه شرب من عين الحياة وذلك أن ذا القرنين دخل الظلمة لطلب عين الحياة وكان الخضر على مقدمته فرقع الخضر على العين فنزل وأغتسل وشرب وصلى شكرا لله عز وجل وأخطأ ذو القرنين الطريق فعاد وقال آخرون أنه ميت لقوله تعالى وما جعلنا ابشر من قبلك الخلد ولقوله عليه السلام بعدما صلى العشاء ليله ارايتكم ليلتكم هذه فأن رأس مائة سنة لايبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد ولو كان الخضر حيا لكان لايعيش بعده كذا ذكره البغوي وأجيب عن الآية بأنه لايلزم من طول الحياة الخلد يعني عدم الممات وعن الحديث بأنه يمكن ذلك الزمان لم يكن على ظهر الأرض بل كان على متن الهواء أو طهر الماء والأظهر في الجواب أنه مستثنى للعلم بأنه طويل الحياة كما ثبت في الروايات نعم يدل الحديث على بطلان قول بعض المعمرين كرتن الهندي وغيره ممن يدعي الصحبة وطول المدة زيادة على تلك المائة هذا وفي المستدرك للحاكم عن جابر لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأجتمع الصحابه دخل رجل اشهب اللحية جسيم صبيح فتخطى رقابهم فبكى ثم التفت إلى الصحابة أي كبرائهم فقال أن في الله عزاء من كل مصيبه وعوضا من كل فائت وخلفا من كل هالك فالى الله فانيبوا واليه فارغبوا وتطره اليكم في البلاء فانظروا فإنما المصاب من لم يجبر فقال أبو بكر وعلي هذا الخضر عليه السلام هكذا في رواية الكرام وهو يحتمل أن يكون من قولهما وأن يكون من قول أحد الرواة ففي الجملة يدل علة نبوته وأنه * لنبينا صلى الله عليه وسلم في ملته لقواه عليه السلام لو كان موسى حيا لما وسعه الا اتباعي بل أنه صلى الله عليه وسلم كان ميمونا إلى كافة النبيين وعامة المرسلين حكما على فرض ادراكهم زمانه كما حقق في تفسير قوله تعالى وإذ أخر الله ميثاق النبيين لما اتبعكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمن به ولتنصره قال اقررتم واخذتم على ذلكم اصري قالوا اقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين فقوله رسول أي عظيم على ان تنوينه التعظيم لا للتنكير ولذا ينزل عيسى عليه السلام على وفق ملته ويكون من افراد امته واحتج من قال أن الخضر نبي بقوله وما فعلته عن امري وبكونه أعلم من موسى والولي لايكون أعلم من النبي وأجيب بأنه يجوز أن يكون قد أوحى الله إلى نبي ذلك العصر أن يأمر الخضر ويدفع هذا بأنه مع كونه أحتمال بعيد جدا لو كان موجود الأمر موسى بالاجتماع به دون الخضر ومما يؤيد كونه نبيا ما أخرجه إبن أبي حاتم عن إبن عباس في قوله اتيناه رحمه من عندنا قال اتيناه الهدى والنبوة وأخرج أحمد عن عطاء قال كتب نجدة الحروري إلى إبن عباس فسأله عن قتل الصبيان فكتب إليه أن كنت الخضر تعرف الكافر من المؤمن فاقتلهم وفيه تنبيه أنه ليس لغير نبي أن يقتل نفسا بغير نفس بمجرد الالهام كما قد تقرر عند العلماء الأعلام في تحقيق أصول الأحكام وذكر الثعلبي ثلاثة أقوال في أن الخضر كان في زمن من إبراهيم أم بعده بقليل أو كثير وقال أنه نبي معمر على جميع الأحوال محجوب عن الأبصار وقيل أنه لايموت الا في آخر الزمان وقيل يعيش إلى أن يقاتل الدجال وقال إبن الصلاح جمهور العلماء والصالحين على أنه حي والعامة معهم وقال النووي الأكثرون من العلماء على أنه حي موجود بين أظهرنا وذلك متفق عليه عند الصوفيه وأهل الصلاح وأخرج إبن المنذر وغيره عن أبي العالية قال كان الخضر عبد الا تراه الا عين الا من أراد أن يريه الله أياه فلم يره من القوم الا موسى ولو راه القوم لحالوا بينه وبين خرق السفينة وبينه وبين قتل الغلام وأخرج البيهقي في شعب الأيمان عن قتادة وقال قال مطرف إبن الشخير أنا لنعلم أنهما أي والدي الغلام قد فرحا به يوم ولد وحزنا عليه يوم قتل ولو عاش لكان فيه هلاكهما فرضي رجل أي فليرض كل أحد بما قسم الله له فان قضاء الله للمؤمن خير له من قضائه لنفسه وما قضى الله لك فما تكره خير مما قضى لك فيما تحب وعن بعض السلف أن الله سبحانه أبدلهما مكان الغلام جارية ولدت نبيين وأخرج أحمد في الزهد عن وهب قال قال الخضر لموسى حين لقيه أنزاع عن اللجاجة أي الخصومة ولا تمش في غير حاجة ولا تضحك من غير عجب والزم بينك وابك على خطيتك وأخرج إبن أبي حاتم عن بقية قال حدثني أبو سعيد قال سمعت أن آخر كلمه اوصى بها الخضير موسى فارقه اياك أن تعير سيئا بأساءقه فتبتلى وأخرج إبن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الأيمان وإبن عساكر عن أبي عبد الله اظنه الملطي قال لما أراد موسى أن يفارق الخضر قال له اوصى قال كن نفاعا ولا تكن ضرارا كن بشاشا ولا تكن غضبانا ارجع من اللجاجة ولا تمش من غير حاجة ولا تعير امرءا بخطئة وابك على خطيتك بابن عمران وفي هذه الأحاديث دلالة ظاهرة على جلالته وعلو مقامه وحالته إذ ليس لغير بني أن يخاطب رسولا معظما بما هذا صورة مقالته وأخرج إبن عساكر عن وهب أن الخضر قال لموسى ياموسى أن الناس معذبون في الدنيا قدر همومهم بها وأخرج الخطيب وإبن عساكر عن علي رضي الله عنه قال بينا أنا اطوف بالبيت إذا رجل معلق باستار الكعبه يقول يامن لايشغله سمع عن سمع ويامن لا تغلطه المسائل ويامن لايتبرم بالحاح الملجين إذ قنى يرد عفوك وحلاوة رحمتك قلت ياعبد الله اعد الكلام قال وسمعته قلت نعم قال والذي نفس الخضر بيده وكان الخضر هو لا يقولض عبد دبر الصلاة المكتوبه الا عقرت ذنوبه وأن كانت مثل رمل عالج وعدد المطر وورق الشجر وأخرج أبو الشيخ في العظمة وأبو نعيم في الحلية عن كعب الأحبار قال أن الخضر بن عاميل ركب في نفر من أصحابه حتى بلغ بحر الهند وهو بحر الصبين فقال ياأصحابي دلوني فدلوه في البحر أياما وليالي ثم صعد فقالوا ياخضر ما رأيت فلقد اكرمك الله وحفظ لك نفسك في لجة هذا البحر فقال استقبلني ملك من الملائكة فقال لي أيها الآدمي الخطاء إلى أين ومن أين فقال أردت أن أنظر عمق هذا البحر فقال لي كيف وقد اهوى رجل من زمان داود عليه السلام ولم يبلغ ثلث قعره حتى الساعة وذلك ثلاثمائة سنه وأخرج الطبراني وإبن عساكر عن أبي امامه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه الا أحدثكم عن الخضر قالوا بلى يارسول الله قال بينما هو ذا يوم يمشي في سوق بني اسرائيل ابصره رجل مكاتب فقال تصدق على بارك الله فيك فقال الخضر آمنت بالله ما شاء الله من أمر يكون ماعندي شيء اعطيكه فقال المسكين اسألك بوجه الله لما تصدقت على فأني نظرت السماء في وجهك ووجدت البركة عندك فقال الخضر آمنت بالله ماعندي شيء اعطيكه الا أن تاخذني فتبيعني فقال المسكين وهل يستقيم هذا قال نعم الحق أقول لقد سألتني بأمر عظيم اما أني لا أخيبك بوجه ربي يعني فقدمه إلى السوق فباعه باربعمائة درهم فمكث عند المشتري زمانا لا يستعمله في شيء فقال إنما اتبعتني * خير عندي فاوصني جمل قال اكره أن اشق عليك انك شيخ كبير ضعيف قال ليس يشق على قال نعم فانقل هذه الحجاره وكان لا ينفلها دون سته نفر في يوم فخرج لبعض حاجته ثم انصرف وقد نقل الحجاره في ساعته فقال احسنت واجملت واطفقت مالم ارك نظيقه ثم عرض للرجل سفر فقال احسبك امينا فاخلفني في أهلي خلافة حسنة قال فاوعني بعمل قال أني أكره أن اشق عليك قال ليس يشق على قال فاضرب من اللبن لنبني حتى أقدم عليك فمر الرجل بسفره فرجع وقد شيد بناءه فقال أسألك بوجه الله ماسبيلك وما أمرك قال سألتني بوجه الله ووجه الله اوقعني في العبودية أنا الخضر الذي سمعت به سألني مسكين صدقه فلم يكن عندي شيء اعطيه فسألني بوجه الله فامسكته من رقبتي فباعني وأخبرك انه من سئل بوجه الله فرد سائله وهو يقدر عليه وقف يوم القيامة جلده ولا لحم له ولا عظم يتقعقع فقال الرجل امنت بالله شققت عليك يانبي الله ولم أعلم فقال لا بأس أحسنت والقيت فقال الرجل بأبي وأمي يانبي الله أحكم في أهلي ومالي بما اراك الله أو اخيرك فاخلى سبيلك فقال أحب أن تخلي سبيلي فاعبد ربي فخلي سبيله فقال الخضر الحمد لله الذي اوثقني في العبودية ثم نجاني منها وفي هذا الحديث دليل صريح على انه نبي وأخرج إبن أبي حاتم عن إبن مليكه قال سئل إبن عباس عن الوالدان في الجنة قال حسبك ما اختصم فيه موسى والخضر وأخرج مسلم وأبو داود والترمذي وغيرهم عن أبي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الغلام الذي قتله الخضر طبع كافرا ولو أدرك لارهق أبويه طغيانا وكفرا وأخرج البيهقي في شعب الأيمان عن الحجاج بن فرافصة أن رجلين كانا يتبايعان عند عبد الله بن عمر فكان أحدهما يكثر الحلف فبينما هو كذلك إذ مر عليهما رجل فنام عليهما فقال للذي يكثر الحلف منهما ياعبد الله اتق الله ولا تكثر الحلف فأنه لايزيد في رزقك أن حلفت ولا تنقص من رزقك أن لم تحلف قال امض لما يعنيك قال أن ذا مما يعنيني قالها ثلاث مرات ورد عليه قوله فلما أراد أن ينصرف عنهما قال أعلم أن من آية الإيمان أن تؤثر الصدق حيث يضرك على الكذب حيث ينفعك ولا يكن في قولك فضل على فعلك ثم أنصرف فقال عبد الله بن عمر الحقه فاستكتبه هذه الكلمات فقال ياعبد الله اكتبني هذه الكلمات رحمك الله فقال الرجل مايقدر الله من امر يكن فاعاد من عليه حتى حفظه ثم مشى حتى وضع أحدى رجليه في المسجد فما ادرى ارض لحسنه أو سماء اقتلعته قال كانهم يرون الخضر أو الياس عليهما السلام وأخرج الحارث بن أبي اسامة في مسنده بسند واه عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الخضر في البحر والياس في البر يجتمعان كل ليلة عند الروم الذي بناه ذو القرنين بين الناس وبين ياجوج وماجوج ويحجان ويعتمران كل عام ويشربان من زمزم شربه يكفهما إلى قابل وأخرج بن عساكر عن أبي رداد قال الياس والخضر يصومان شهر رمضان في بيت المقدس ويحجان في كل سنة ويشربان من زمزم شربه تكفيهما إلى مثلهما من قابل وأخرج العقيلي والدار قطني في الأفراد وإبن عساكر عن إبن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يلتقي الخضر والياس كل عام في الموسم فيلحق كل واحد منهما رأس صاحبه وتتفرقا عن هؤلاء الكلمات بسم الله ما شاء الله لا يسرق الخير الا الله ما شاء الله لايصرف السوء الا الله ما شاء الله ما كان من نعمة فمن الله ما شاء الله لا حول ولا قوة الا ابالله قال إبن عباس من قالهن حين يصح وحين يمسي ثلاث مرات آمنه الله من الغرق والحرق والسرق ومن الشيطان والسلطان والجنة والعقرب وروى إبن بشكوال في كتاب المستغيثين بالله عن عبد الله بن المبارك قال خرجت إلى الجهاد ومعي فرس فبينما أنا في الطريق صرع الفرس فمر بي رجل حسن الوجه طيب الرائحة فقال تحب أن تركب فرسك قلت نعم فوضع يده على جبهة الفرس حتى انتهى إلى مؤخرة وقال اقسمت عليك ايتها العله بعزة الله وبعظمة عزة الله وبجلال جلال الله وبقدرة قدرة الله وسلطان سلطان الله وبلا اله الا الله وبما جرى به القلم من عند الله وبلا حول ولا قوة الا بالله الا انصر قال فانتقض الفرس فأخذ الرجل بركابي وقال اركب فركبت ولحقت باصحابي فلما كان من غدوه غد طهرنا بالعدو فإذا هو بين ايدينا فقلت الست صاحبي بالامس قال بلى فقلت سالتك الله من انت فوثب قائما فاهتزت الارض تحته خضرا وإذا هو الخضر عليه السلام قال إبن المبارك فما قلت هذه الكلمات على شيء الا شقى باذن الله وأخرج إبن عساكر بسنده عن محمد إبن المنكدر قال بينما عمر بن الخطاب عيلى على جنازته اذابها نفسه * من خلفه لاتسبقنا بالصلاة يرحمك الله فانتظره حق لحق بالصف فكبر عمر وكبر معه الرجال فقال الهاتف أن تعذبه فكثيرا عصاك وأن تغفر له ففقير إلى رحمتك فنظره عمر وأصحابه إلى الرجل فلما دفن الميت وسوى الرجل عليه من تراب القبر قال طوبى لك ياصاحب القبر أن لم يكن عريقا أو جابيا أو خازنا أو كاتبا أو شرطيا فقال عمر خذ وإلى الرجل نسأله عن صلاته وكلامه هذا عمن هو فتوارى عنهم فنظروا فاذا أثر قدمه دراع فقال عمر هذا والله الخضر الذي حدثنا عنه النبي صلى الله عليه وسلم وأخرج بن عساكر بسنده عن الاوزاعي عن مكحول قال سمعت واثله بن الاسقع قال غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك حتى إذا كنا في بلاد جذام في ارض لهم يقال لها الحوره وقد كان اصابنا عطش شديد فإذا بين ايدينا آثار غيث فسرنا مليا فإذا بغدير وإذا فيه جيفتان وإذا السباع قد وردت الماء فاكلت من الجيفتين وشربت الماء فقلنا يارسول الله هذه جيفتان وآثار السباع قد أكلت منهما فقال النبي صلى الله عليه وسلم نعم هما طهوران اجتمعا من السماء والأرض لالاينحسهما شيء وللسباع ما شربت في بطونهما ولنا مابقى حتى حتى إذا ذهب ثلث الليل إذا نحن بمناد ينادي بصوت حزين اللهم اجعلني من أمة محمد المرحومة المغفور لها المستجاب لها المبارك عليها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ياحذيفة ويا أنس أدخلا إلى هذا الشعب فأنظر أما هذا الصوت قالا فدخلنا فإذا نحن برجل عليه بثياب بيض أشد بياضا من الثلج وإذا وجهه ولحيته كذلك ما أدري أيهما أشد ضوء اثيابه أو وجهه فإذا هو أعلى جسما منا بذراعين أو ثلاثة فسلمنا عليه فرد علينا السلام ثم قال مرحبا انتما رسل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فقلنا نعم قالا فقلنا من أنت رحمك الله قال أنا الياس النبي خرجت أريد مكة فرأيت عسكركم فقال لي جند من الملائكة على مقدمتهم جبريل وعلى ساقتهم ميكائيل هذا أخوك رسول الله فسلم عليه والقه ارجعا فاقرئاه من السلام وقولا له لم يمتعني من الدخول اطأ عسكركم الا أني اتخوف أنه تذعر الأبل وتفزع المسلمون من طولى فأن خلقي ليس كخلقكم وقولا له يأتيني قال حذيفة وأنس فصافحناه فقال لأنس من هذا قال هذا حذيفة بن اليمان صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فرحب به ثم قال والله أنه لفي السماء أشهر منه في الأرض يسميه أهل السماء صاحب كرسول الله صلى الله عليه وسلم قال حذيفة هل تلقى الملائكة قال مامن يوم الا وأنا القاهم ويسلمون على وأسلم عليهم فاتينا النبي صلى الله عليه وسلم فخرج معنا حتى اتينا الشعب وهو يتلالؤ وجهه نورا فإذا ضوء وجه الياس وثيابه كالشمس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم على رسلكم فتقدمنا النبي صلى الله عليه وسلم قدر خمسين ذراعا وعانقه مليا ثم قعدا قالا فرأينا شيئا كهيئة الطير العظام بمنزلة الأبل قد احدقت به وهي بيض وقد نشرت أجنحتها فحالت بيننا وبينهم ثم صرح بها النبي صلى الله عليه وسلم فقال ياحذيفة وياأنس تقدما فيقدمنا فإذا بين أيديهم مائدة خضراء لم ار شيئا قط أحسن منها قد غلب خضرتها بياضها فصارت وحوهنا وثيابها خضرا وإذا عليها خبز ورمان وموز وعنب ورطب ونفل ماخلا الكرات ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم كلوا بسم الله قالا فقلنا يارسول الله أمن طعام الدنيا هذا قال لا قال لنا هذا رزقي في كل أربعين يوما وأربعين ليلة أكله تأتيني بها الملائكة وهذا تمام الأربعين يوما والليالي وهو شيء يقول الله كن فيكون فقلنا من أين وجهك قال وجهي من خلف روميه كنت في جيش من الملائكة مع جيش من المسلمين غزوا امة من الكفار فقلنا فكم يسار من ذلك الموضع الذي كنت فيه قال أربعة أشهر وفارقته منذ عشرة أيام وأنا أريد إلى مكة أشرب بها في كل سنة مره وهي ريى وعصمني إلى تمام الموسم من قابل فقلنا فاي المواطن أكثر معادك قال الشام وبيت المقدس والمغرب واليمن وليس من مسجد من مساجد محمد صلى الله عليه وسلم الا وإذا أدخله صغيرا كان أو كبيرا قلنا الخضر متى عهدك به قال منذ سنه كنت قد التقيت أنا وهو بالموسم وقد كان قال أنك ستلقى محمدا صلى الله عليه وسلم قبلي فاقرئيه مني السلام فعلقته وبكى ثم صافحنا وعانقنا وبكى وبكينا فنظرنا اليه حتى هوى في السماء كانه يحمل حملا فقلنا يارسول الله لقد رأينا الذهوي إلى السماء فقال أنه يكون بين جناحي ملك حتى ينتهي به حيث أراد قال إبن عساكر هذا حديث منكر وإسناده ليس بالقوي يعني منكر المعنى حيث لم يروه أحد نحو هذا المبنى وحاصله أن الحديث ضعيف بدليل قوله وإسناده ليس بالقوي وفي الجمله فيه دلالة على أن الياس والخضر نبيان وأنهما من أفراد امته بل من جملة من تشرف بصحبته ورؤيته فيسأل بطريق الالغاز وعبارة الايجاز من الصحابة افضل من الخلفاء الأربعة ثم رأيت السيوطي قال وقد عد بعض المحدثين الخضر والياس من جملة الصحابة وقال الذهبي في تجريد الصحابة أن عيسى بن مريم عليهما السلام نبي وأصحابه فأنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم فهو آخر الصحابة موتا وأيضا من المحالات العواديه أن يكون الياس والخضر موجودين في زمانه عليه السلام ولم يريا وجهه الشريف لا في الليا ولا في الأيام وإذا كانا من امته فلا شك أنه يجب عليهما معرفة أحكام الاسلام وهي لاتعرف يقينا الا من طريقة كما أخذه أصحابه الكرام والحكمة في أخفائهما عن نظر العوام مفوض إلى علم الله الملك العلام وأما حديث لو كان أخي الخضر حيا لزارني فلا أصل له كما صرح به الحافظ العسقلاني وأخرج إبن عساكر أيضا عن اسباط عن السدى قال كان ملك وكان له إبن يقال له الخضر والياس أخوه فقال الناس للملك أنك قد كبرت وابنك الخضر ليس يدخل في ملكك فلو زوجته لك يكون ولده ملكا بعدك فقال له يابني تزوج فقال لا أريد قال لابد لك قال فزوجني فزوجه امرأة بكرا فقال لها الخضر أنه لا حاجة لي في النساء فان شئت عبدت الله معي وأنت في طعام الملك ونفقته وأن شئت طلقتك قالت بل اعبد الله معك قال فلا تظهري سري فأنك أن حفظت سري حفظك الله وأن أظهرت عليه أهلكا اهلكك الله فكانت معه سنه لم تلد فدعاها الملك فقال أنت شابه وابني شاب فاين الولد وأنت من نساء ولد فقالت إنما الولد بأمر الله ودعا الخضر فقال له أين الولد يابني قال الولد بأمر الله فقيل للملك فلعل هذه المرأة عقيم لاتلد فزوجه أمرأة قد ولدت فقال للخضر طلق هذه قال تغرق بيني وبينها وقد اغتبطت بها فقال لابد فطلقها ثم زوجه ثيبا قد ولدت فقال لها الخضر كما قال للأولى فقالت بل أكون معك فلما كان الحول دعاها فقال انك ثيب قد ولدت قبل ابني فأين الولد فقالت هل يكون الولد الا من بعل وبعلي مشتغل بالعباده لا حاجة لي في النساء فغضب لذلك فقال اطلبوه فهرب فطلبه ثلاثه فأصابه اثنان منهم فطلب اليهما أن يطلقاه فابيا وجاء الثالث فقال لاتذهبا به فلعله يضربه وهو ولده فاطلقاه ثم جاء إلى الملك فاخبره الاثنان أنهما أخذاه وأن الثالث أخذه منهما فحبس الثالث ثم فكر الملك فرها الاثنين فقال انتما خوفتما ابني حتى هرب فذهب فأمر بهما فقتلا ودعا بالمراه فقال لها أنت هربت ابني وافشيت سره لو كتمت عليه لاقام عندي فقتلها وأطلق المراة الأولى والرجل فذهبت المراة فاتخذت عريشا على بابا المدينة وكانت تحتطب وتبيعه وتتقوى بهنه فخرج رجل من المدينة فقير فقال بسم الله فقالت المرأة وأنت تعرف الله قال أنا صاحبنا الخضر قالت وأنا امرأة الخضر فتزوجها وولدت له وكانت ماشطه امرأة فرعون فقال اسباط عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن إبن عباس أنها بينما تمشط ابنه فرعون سقط المشط من يدها فقالت أن ربي فقالت ابنه فرعون أبي قالت لا بل ربي ورب ابيك فقالت أخبر أبي قالت نعم فاخبرته فدعا بها فقال ارجعي فابت فدعا بنقره من نحاس وأخذ بعض ولدها فرمى به في النقره وهي تغلى ثم قال ترجعين قالت لا فأخذ الولد الآخر حتى القى أولادها أجمعين ثم قال لها ترجعين قالت لا فامر بها قالت أن لي حاجة قال وما هي قالت إذا القيتني في النقرة تامر بالنقرة أن يحمل ثم تكف في بيتي الذي على باب المدينة وتنحى النقره وتهدم البيت علينا حتى يكون قبورنا فقال نعم أن لك علينا حقا ففعل بها ذلك قال إبن عباس قال النبي صلى الله عليه وسلم مررت ليلة اسرى بي فشممت رائحة طيبة فقلت ياجبريل ماهذا فقال هذا ريح ماشطه بنت فرعون وولدها وأخرج بن عساكر أبي بن كعب سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول شممت ليلة اسري بي رائحة طيبة فقلت ياجبريل ماهذه الرائحة الطيبة قال ريح قبر الماشطه وابنها وزوجها وكان بدؤ ذلك أن الخضر كان من اشراف بني اسرائيل وكان ممره براهب في صومعته فيطلع عليه الراهب فيعلمه الإسلام وأخذ عليه أن لايعلمه أحدا ثم أن أباه زوجه أمرأة فعلمها الاسلام وأخذ عليها أن الا تعلمه أحدا وكان لايقرب النساء ثم زوجه أخرى فعلمها الإسلام وأخذ عليها أن لا تعلمه أحدا ثم طلقها فافشت عليه أحدهما وكتمت الأخرى فخرج هاربا حتى أتى جزيرة في البحر فرآه رجلان افشى عليه أحدهما وكتم الأخرى فقيل له من رآه معك قال فلان فلان وكان في دينهم أن من كذب قتل فسئل فكتم فقتل الذي افشى عليه الكلام ثم تزوج الكاتم عليه المراة الكاتمة فيناهي تمتط ابنه فرعون إلى سقط المشط من يدها فقالت نفس فرعون فأخبرت الجارية أباها فأرسل إلى المرأة وزوجها وأبنها فأرادهم أن يرجعوا عن دينهم فأبوا فقال أني قاتلكم قالوا احببنا منك أن أنت قتلتنا أن تجعلنا في قبر واحد فقتلهم وجعلهم في قبر واحد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ماشممت رائحة اطيب منها وقد ادخلت الجنة وأخرج أبو الحسين بن المنادي في جزء جمعه في أخبار الخضر بسنده عن أبي عمر والنصبي قال خرجت اطلب مسئلة من مصنفاته بالشام وكان يقال أنه من الأبدال فلقيته بوادي الاردن فقال لي الا أخبرك بشيء رأيته اليوم في هذا الوادي فقلت بلى قال دخلت فإذا أنا بشيخ يصلي إلى شجره فالقى في روعى أنه الياس عليه السلام فدنوت منه فسلمت عليه فرد علي فقال من أنت يرحمك الله قال أنا الياس النبي قلت يانبي الله هل في الأرض اليوم أحد من الأبدال قال نعم هم ستون رجلا منهم خمسون فيما بين العريش إلى الفرات ومنهم ثلاثة بالمصيصه وواحد بانطاكيه * في سائر امصار العرب وقد ذكرنا أحاديث الأبدال في ذيل رسالة لنا المسماه بالمعدن العدني في فصل اويس القني وأخرج القشيري في الرسالة بسنده عن الخواص قال كنت في تيه بني اسرائيل فإذا رجل بما شبني فعجب فالهمت أنه الخضر عليه السلام فقلت له بحق الحق من أنت قال أخوك الخضر قلت اريد أن أسألك قال سل قلت ماتقول في الشافعي قال هو من الاوتاد قلت ماتقول في أحمد بن حنبل فلا رجل صديق قلت ما تقول في بشر الحافي قال لم نحلف بعده مثله قلت بأي وسيلة رأيتك قال * امك هذا من الأمور الغريبة وأنكرت العجيبه في مكة قبالة الكعبة المعظمة من اجتماع النساء وبعض السفهاء ولو في صورة الفقهاء عند باب الخروره وقت صلاة المغرب في أول ليلة سبت من ذي القعدة معتقدين أن أول من يخرج من المسجد الحرام حينئذ هو الخضر عليه السلام ويتفرع عليه المنكرات العظام التي يصان لسان العلم عن ذكرها في هذا المقام وأعجب منه غفله الحكام من اكله الحرام عن رفع هذه البدعة فيما بين أهل الاسلام وأما ما ذكره بعض العلماء من أن الخضر عليه السلام يصلي الصبح مع الإمام الشافعية خلف المقام فعلى تقدير صحة رواية رؤيته لايدل على أنه تابع للشافعي في مسائل عبادته فأنه ليس مقلدا لأحد من الأئمة كما حققناه في رسالة مهدي الأمه ولا على أن مذهب الشافعي أصح المذاهب أو أحوط في المراتب فانه على تقدير تعدد الجماعة وأختلاف الأئمة ربما يكون له داعية راجحة للأقتداء به في تلك الحالة أعلم أن من الزم نفسه اتباع السنه واجتناب البدعة نور الله قلبه بنور المعرفه وأما من اعرض عن الكتاب والسنة ولم يتلق العلم من مشكوة النبوة بدعواه علماء الدنيا فهو من لدن النفس والشيطان يفتح له باب الكفر والخذلان فالعلم اللدني نوعان علم لدني رحماني ولدني شيطاني والمحك هو الكتاب المنزل وأحاديث النبي المرسل وأما قصة موسى مع الخضر فالتعلق بها في تجويز الأستغناء عن الوحي بالعلم اللدني الحاد عند جميع المشايخ الكرام وكفر يخرج به عن دائرة الإسلام والفرق أن موسى عليه السلام لم يكن مبعوثا إلى الخضر ولم يكن الخضر مأمور بمتابعته ولو كان مأمورا بها لوجب عليه أن يهاجر إلى موسى ويكون معه ولهذا قال له أنت موسى بني اسرائيل قال نعم وأما محمد صلى الله عليه وسلم مبعوث إلى جميع الثقلين فرسالته عامة للجن والأنس في كل زمان ولو كان موسى وعيسى حيين لكانا من اتباعه قال القسطلاني فمن لدعى أنه مع محمد كالخضر مع موسى ارجوا ذلك لأحد من الأمه فليجدد أسلامه وليشهد بشهادة الحق فأنه مفارق لدين الإسلام بالكلية فضلا عن أن يكون من خاصة اولياء الله تعالى وإنما هو من اولياء الشيطان وخلفائه ونوابه جعلنا الله من اتباع كتابه وسنة رسوله وآثار أصحابه وأحبابه وحشرنا تحت لوائه مع احزابه ثم رأيت إبن قيم الجوزية ذكر أن الأحاديث التي يذكر فيها الخضر وحياته كلها اكدت ولا يصح في حياته حديث واحد والجواب عنه ما قد تقدم من ورود الأخبار والآثار قال وسئل إبراهيم الحربي عن تعمير الخضر وانه باق فقال من احال على غائب لم ينتصف منه وما القى هذا بين الناس الا الشيطان ويجاب عنه بأن قول شاذ مخالف لجمهور العلماء عامة المشايخ الصلحاء وسئل البخاري عن الخضر والياس هل هما حيان فقال كيف يكون هذا وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لايبقى على رأس مائة سنه ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد وسئل عن ذلك غيره من الأئمة فقرأ وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد والجواب عن الثاني ظاهر إذا المخلد من لايموت إلى الأبد وكم يقلد بهذا في حقه أحد وأما بحبر البخاري فلم يوجب نفى حياته في زمانه عليه السلام وإنما يفيد مماته بعد مضى مائة سنه من الأيام وأجيب عنه بأنه لم يكن ح على ظهر الأرض بل كان على وجه الماء وبان الحديث عام فيمن يشاهده الناس بدليل استثناء الملائكة وأخراج الدجال والشيطان وحاصله انحزام القرن الأول فتأمل نعم هو نص على بطلان المدعين من المعمرين كرتن الهندي وغيره من الكذابين قال وسئل عنه شيخ الإسلام إبن تيمية فقال لو كان الخضر حيا لوجب عليه أن يأتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويجاهد بين يديه ويتعلم منه وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر اللهم أن تهلك هذه العصابة لاتعبد في الأرض فكانوا ثلاثمائة وثلاثة وعشر رجلا معروفين باسمائهم وأسماء ابائهم وقبائلهم فاين كان الخضر حينئذ قلت وهذا الكلام غريب من شيخ الإسلام يحكم بوجوب الآيتان إلى النبي عليه السلام فأنه لم يقل به أحد من علماء الأعلام فهذا خير التابعين أو يس القرنى لم يتيسر له الصحبة والمرافقة في المجاهدة ولا التعلم من غير الواسطة على أنا نقول بأن الخضر كان يأتيه ويتعلم منه لكن على وجه الخفاء لعدم كونه مأمورا بايتان العلانية لحكمه الهيه اقتضت ذلك وقد سبق في كلام إبن المبارك حضور الخضر في بعض المعارك وأما الحديث فمعناه أنه لايعبد في الأرض على وجه الطهور والغلبه وقوة الأمه والا فكم من مؤمن كان في المدينة وغيرها حينئذ ولم يحضروا بدرا ثم قال عن أبي الفرج الجوزي والدليل على أن الخضر ليس بباق في الدنيا أربعة اشياء القرآن والسنة وأجماع المحققين من العلماء والمعقول أما القرآن فقوله تعالى وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد فلو دام البقاء له كان خالدا قلت قد سبق عنه الجواب على وجه الصواب وليس المراد به طول العمر فأن عيسى عليه السلام كان قبل نبينا وقد طال عمره باجماع الأنام قال وأما العقل فذكر حديث أرايتكم ليلتكم هذه فأن على رأس مائة سنه لايبقى على ظهر الأرض ممن هو اليوم أحد متفق عليه وفي صحيح مسلم عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل موته بقليل مامن نفس منفوسه يأتي عليها مائة سنه وهي يومئذ حيه أقول ولا شك أنها مقيده بما على وجه الأرض لما سبق من الحديث الأصح ثم ذكر عن البخاري وعلي إبن موسى الرضا أن الخضر مات أقول لو صح هذا عنهما ليقال لهما متى مات وما الدليل على مماته المنافى ابقاء حياته وذكر ان البخاري سئل عن حياته فقال كيف يكون ذلك وقد قال عليه السلام ارايتكم ليلتكم هذه فأن على رأس مائة سنه لايبقى من على ظهر الأرض أحد قال وممن قال أن الخضر مات إبراهيم إبن إسحاق الحربي وأبو الحسين بن المنادي وهما امامان وكان إبن المنادي يقبح قول من يقول أنه حي وحكى القاضي أبو يعلى موته عن بعض أصحاب محمد قلت فيكون هؤلاء مخالفين لجمهور العلماء والصلحاء مع أنه لا مستند لهم في ما ابرزوا من الأدعاء قال وذكر من بعض أهل العلم أنه أحتج بأنه لو كان حيا لوجب عليه أن يأتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم والجواب عنه قد تقدم وأما قوله قال أحمد حدثنا شريح بن النعمان حدثنا هشيم انبأنا مجالد عن الشعبي عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال والذي نفسي بيده لو أن موسى كان حيا ما وسعه الا أن ينبغي فكيف يكون حيا ولا يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمعة والجماعة ومجاهد معه الا ترى أن عيسى إذا نزل إلى الأرض يصلي خلف إمام هذه الأمة ولا يتقدم لذا يكون ذلك خد شافي نبوة نبينا صلى الله عليه وسلم قال أبو الفرج وما ابعد فهم من يثبت وجود الخضر ونسي ما في طي اثباته من الأعراض عن هذه الشريعة فضعفه ظاهر إذ القول نفى صلاته معه عليه السلام رجم بالغيب مع أنه لاينافي المتابعه فانه لم يعد من الأركان الدينية لاسيما إذا لم يكن في المدينة وكذا القول باعراضه عن هذه الشريعة من الكلمات الواهية الشنيعة قال وأما الدليل من المعقول فمن عشرة اوجه احدها أن الذي * حياته يقول أنه ولد آدم لصلبه وهذا فاسد لوجهين أحدهما أنه يكون عمره اليوم ستة الآف سنه وقد ذكر في حساب بعض المؤرخين ومثل هذا بعيد في العادات أن يقع في حق بشر قلت فليكن من قبيل خرق العادات مع أن هذا قول ضعيف في الروايات والثاني أنه لو كان ولده لصلبه أو الرابع من اولاده كما زعموا أنه كان * ذى القرنين لكان ميول الخلقه فأن ذلك الخلقه ليست خلقتنا بل مفرطة في الطول والعرض ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال خلق الله آدم طوله ستون ذراعا فلم يزل الخلق ينقص بعدد وما ذكر احد ممن راى الخضر انه راه على خلقه عظيمة وهو من اقدم الناس قلت الحديث محمول على الغالب فلا يبعد أن يكون بعض اولاده اقصر من بعضهم اما ترى خلقه ياجوج وماجوج وهم من صلب يافث بن نوح وطولهم قدر شبر على ما ذكروه ثم لابدع أن يكون الخضر اعطى قوة الشكل والتصور باي صورة شاء كما حققناه في جواب سؤال لبعض أهل فضل وكمال ولم يظهر على أحد في خلقته الاصليه كجبريل عليه السلام فأنه كان يتشكل عند النبي صلى الله عليه وسلم غالبا على صورة دحيه ولم يره عليه السلام في صورته الاصليه الأمرتين الوجه الثالث أنه لو كان الخضر قبل نوح لركب معه في السفينة ولم يقل هذا أحد قلت لايلزم من عدم النقل عدم وجوده في العقل مع احتمال انه دخله على وجه الاخفاء كما لايخفى الوجه الرابع أن العلماء قد اتفقوا أن نوحا لما نزل من السفينة مات من كان معه ثم مات نسلهم ولم يبق غير نسل نوح والدليل على هذا قوله تعالى تعالى وجعلنا ذريته هم الباقين وهذا مبطل قول من قال كان قبل نوح والجواب أنه مات من كان معهم طاهر الدليل أن الشيطان أيضا ركب في السفينة والآية تدل على بقاء ذريته على وجه التناسل وهو لاينفى وجود من عدهم مع انه كونه قيل نوح من الأقوال الضعيفه والمعتمد أنه كان مع ذي القرنين وقبل سيدنا موسى عليه السلام والوجه الخامس أن هذا لو كان صحيحا أن بشرا من بني آدم يعيش من حين يولد إلى آخر الدهر ومولده قبل نوح لكان هذا من أعظم الآيات والعجايب وكان خبره في القرآن مذكورا في غير موضع لأنه من آيات الربوبية وقد ذكر الله سبحانه وتعالى من استحياه الف سنة الا خمسين عاما وجعله آية فكيف من احياه على أقل ماقيل ستة الآف سنه ويستمر حياته إلى آخر الدهر قلت لايلزم من كون اعظم الآيات أن يكون مذكورا في القرآن بالكرات والمرات وإنما ذكر الله طول عمر نوح سليه لنبينا صلى الله عليه وسلم ليعينه على صبر اذى قومه وامهال هلاكهم وتنبيه على ضلالة قوم نوح وجهالتهم واصرارهم على كفرهم وعداوتهم حتى استحقوا مانزل بهم من موجبات شقاوتهم وأما القادر على الاتحاد فلا يشك في قدرته على الامداد ولو كان ابدالا بادمع أن في ذلك طول عمر نوح تصريحا يوجد اشاره الى تجويز العمر اكثر منه تلويحا الوجه السادس أن القول بحياة الخضر قول على الله بلا علم وذلك حرام بنص القرآن أما المقدمة الثانية فظاهره وأما الأولى فأن حياته لو كانت ثابته لدل عليها القرآن والسنة أو أجماع الأمة فهذا كتاب الله فاين فيه حياه الخضر وهذه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاين فيه مايدل على ذلك بوجه وهؤلاء علماء الأمة اجمعوا على حياته قلت أما حياته الأصلية فأنها ثابته بالكتاب والسنة وأجماع الأمة كما علم في تفسير قوله تعالى وعلمناه من لدنا علما وإنما الكلام في بقائه المدة الطويلة فتقول فنأخذه من الأصحاب حتى يثبت موته من طريق نقل الصواب وقد قدمنها بعض الأحاديث مما يدل على وجودهمن غير شهوده في زمنه عليه السلام وثبت نقله عن الصحابه الكرام ثم يكفيك أجماع المشايخ العظام وجمهور العلماء الأعلام على أنه حي موجود بين الانام كما نقله إبن الصلاح والنووي وغيره من الفقهاء والمحدثين الفخام فالقول بالموت رجم بالغيب فمن عاب رجع عليه العيب الوجه السابع أن * ما يتمسك به من ذهب إلى حياته بحكايات منقوله غير الرجل بها أنه رأى الخضر فيالله العجب هل للخضر علامه يعرفه بها من راه وكثر من هؤلاء يفتر بقوله انا الخضر ومعلوم أنه لايجوز تصديق قائل ذلك بلا رهان من الله فمن أين للوائي أن المخبر له به صادق لايكذب قلت هذا بحث آخر فلا شك أن القائل به يحتمل الصدق والكذب في خبره على أن له علامات مشهودة عند أهله وهو كن الأرض تخضر عند قومه وأن طول قدمه ذراع ونحوه وربما يظهر بعض خوارق العادات مما يشهد بصدقه على أن المؤمن مصدق بقوله بناء على حسن الظن به * أن عرسا إذا دخل بلدا وقال أنا سيد يصدق حتى ثبت القول بنفيه والحاصل أن الاثبات مقدم على النفي عند الثقات الوجه الثامن من ان الخضر فارق موسى بن عمران كليم الرحمن ولم يصاحبه وقال هذا فراق بيني وبينك فكيف يرضى لنفسه بمفارقه مثل موسى لم يجتمع بجهله العباد الخارجين عن الشريعة الدين لايحضرون جمعه ولا جماعه ولا مجلس علم ولايفرقون من الشريعة شيئا وكل منهم يقول قال لي الخضر وجاي بي الخضر واوصاني الخضر فيا عجبا له يفارق كليم الله تعالى ويدور على * الجهال ومن لايعرف كيف يتوضأ ولا كيف يصلي قلت والكذابون الدجالون يكذبون على الله ورسوله فلا * يكذبوا على الخضر في قوله وإنما الكلام في اجتماعه لاكابر الصوفيه من الزهاد والعباد حتى الخواص لما سئل ما رأى من الغرائب في سفر حجه فقال طلب الخضر مرافقته فابى فسئل عن سببه فقال خوفا من النقص في توكله حيث يعتمد على وجود الوجه التاسع أن الامة مجمعه على ان الذي يقول أنا الخضر لو قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كذا وكذا لم يلتفت إلى قوله ولم يحتج به في الدين الا أن يقال أنه لم يأت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا بامه أو يقول هذا الجاهل أنه لم يرسل اليه وفي هذا من الكفر مافيه قلت أما القول بعدم ارساله اليه باطل أجماعا وكذا القول بعدم اتيانه اليه صلى الله عليه وسلم وأما عدم المبايعة الطاهرة لو سلم مع وجود المتابعه الباهرة فلا يصر لافي الدنيا ولا في الآخرة وقد عده جماعه من ارباب الأصول في الصحابة ولعل عدم قبول رويته لعدم القطع في وجوده وشهوده في حاله رويته الوجه العاشر أنه لو كان حيا لكان جهاده الكفار ورباطه في سبيل الله ومقامه في الصف ساعة وحضور الجمعة والجماعة وتعليم العلم له أفضل بكثير من سياحته بين الوحوش في القفار في الفلوات قلت وهذا مجازفه في الكلام فمن أين له نفي هذه الأشياء من الخضر عليه مع أن العالم بالعلم اللدني لم يكن مشتغلا الا بما الهمه الله في كل مكان وزمان يحسب مايقتضي الأملا والشأن ولا يقاس الملوك بالحدادين فسبحان من اقام العباد فيما اراد فالتسليم أسلم والله سبحانه اعلم وبما قدره وقضاه أحكم .
نقلته من خط مؤلفه عاملنا الله بتلطفه
Página 182