بسم الله الرحمن الرحيم رب زدني علما ياكريم الحمد لله الذي حمد من اطاعه وذم من عصاه والصلاة والسلام على من الذي اطاعه فقد اطاع الله وعلى آله وصحبه المقتدين بهداه أما بعد فقد سئلت عن ما يتعلق بالعصا وما ورد في حقها مما اشتهر على الالسنة أن من جاوز الأربعين ولم يأخذ العصا فقد عصى فأقول وبالله التوفيق وبيده ازمة التحقيق أن الحديث المذكور لا أصل له في السنة ولا ورد أنه صلى الله عليه وسلم كان يحملها دائما بين الأمة وإنما ثبت أنه كان يتكئ عليها أحيانا حال الخطبة ولعله بهذا الأعتبار جاء نعته بصاحب الهراوه وهي بكسر الهاء العصا فقد روى الشافعي عن عطاء مرسلا كان صلى الله عليه وسلم إذا خطب يعتمد على عنزة أو عصا وروى إبن ماجه والحاكم والبيهقي عن سعد القرط أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا خطب في الحرب خطب على قوس وإذا خطب في الجمعة خطب على عصا نعم يؤخذ من الآيات الوارده في حق الأنبياء أن أخذها من سننهم ويحسن الأقتداء بهديهم وسننهم منها قوله تعالى وما تلك بيمينك ياموسى ومنها قوله عز وجل في حق سليمان عليه السلام فلما قضينا عليه الموت مادلهم على موته الا دابة الأرض تأكل منساته أي عصاه ومنها ماذكره البغوي في قصة شعيب وموسى عليهما السلام أنه لما تعاقدا عقد الصهورة بينهما أمر شعيب ابنته أن تعطي موسى عصا يدفع بها غنمه وأختلفوا في تلك العصا فقال عكرمة خرج بها أدم عليه السلام من الجنة فأخذها جبريل بعد موت أدم وكانت معه حتى لقى بها موسى ليلا فدفعها وقال آخرون كانت من آس الجنة جلبها آدم من الجنة فتوارثها الأنبياء وكان لا يأخذها غير نبي الا اكلته فصارت من آدم إلى نوح إلى إبراهيم حتى وصلت إلى شعيب وكانت عنده عصى الأنبياء فاعطاها موسى هذا في عوارف المعارف روت عائشة رضي الله عنها يارسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سافر حمل معه خمسة أشياء المرآة والمكحله والمدرى والسواك والمشط وفي رواية المقراض والصوفيه لايفارقهم العصا وهو أيضا من السنة فقد روى معاذ بن جبل قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن اتخذت منبرأ فقد اتخذه إبراهيم وأن اتخذت العصا فقد اتخذها إبراهيم وروى عن عبد الله بن عباس أنه قال التوكؤ على العصا من اخلاق الأنبياء كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم عصا يتوكأ عليها ويامر بالتوكئ على العصا وذكر صاحب المدخل برواية أبي داود عن أبي امامة رضي الله عنه قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم متوكئا على عصا فقمنا اليه فقال لاتقوموا كما يقوم الاعاجم يعظم بعضهم بعضا وفي الجامع الصغير كان صلى الله عليه وسلم يحب العراجين ولايزال في يده منها رواه أحمد وأبو داود عن أنس وفي رواته الديلمي في الفردوس عن أنس مرفوعا حمل العصا علامة المؤمن وسنة الأنبياء وفي البستان عن الحسن أن في العصا ست خصال سنة الانبياء وزينة الصلحاء وسلاح الأعداء وعون الضعفاء والمساكين ورغم المنافقين ويقال إذا كان المؤمن مع العصا هرب الشيطان منه وأمتنع عنه المنافق والفاجر ويكون قبلته إذا صلى وقوته إذا اعيي وفيه منافع كثيرة كما قال موسى ولي فيها مآرب أخرى وفي العالم يحمل بها الزاد ويشد بها الحبل فيستقي الماء من البير ويقتل بها الحيات ويحارب بها السباع ويستظل بها إذا فقد وغير ذلك وروي عن إبن عباس أن موسى كان يحمل عليها زاده وسقاءه فجعلت تماشيه وتحادثه وكان يضرب بها الأرض ويخرج ما يأكل يومه ويركزها فتخرج الماء فإذا رفعها ذهب الماء وإذا انتهى ترة ركزها فتغصنت غصن تلك الشجره واورقت واثمرت وإذا أراد الاستقاء من البير ادلاها فطالت على طول البير وصارت شعبتاها كالدلو حتى يستقى وكانت تضيء بالليل مثل السراج وإذا ظهر له عدو كانت تحاربه وتناضل عنه وختم الله بنا بالحسنى وبلغنا المقام الاسنى والله أعلم بالمبدأ والمنتهى .
Página 130