الحمد لله الذي اوضح سبل الدين الدين باجتهاد الأمة المجتهدين وجعلنا ببركانهم من جملة المهتدين فلا مهدي الا من هداه ولا مهوى الا من أتبع هواه بغير هدى من الله والصلاة والسلام الاتمان الاكملان في مراتب النهاية على رئيس ارباب الهداية وسئيس أصحاب الولاية من أهل النهاية والبداية وعلى آله وأصحابه وأتباعه وأحبابه الذين شملتهم الرعاية والعناية ووصلتهم الحماية والوقاية أما بعد فيقول أضعف عباد الله القوي الباري علي بن سلطان محمد الهروي القاريء عاملهما الله بلطفه الخفي وكرمه الوفي أنه سألني بعض الأعيان ممن هو بمنزلة إنسان العين وعين الإنسان عن الإمام محمد المهدي الموعود في آخر الزمان بلغنا الله سبحانه إلى رويته وحضرته ووقفنا لمتابعته وخدمته في أشرف المكان فأجبت بأني سمعت الشيخ العلامه والمفيد الفهامه الشيخ عبد الله الهندي الشهير بمخدوم الملك بين الخاص والعام يقول بطريق المنقول عن بعض كتب الفروع والأصول أن المهدي المعظم بعد ظهوره وأنكشاف نوره يتبع مذهب أبي حنيفة الإمام المكرم رواية وأشتهر بهذا بين علماء العصر وفضلاء الدهر من غير تصريح رواية نقل ولا بصحيح دلالة عقل فأقول وبالله وحوله أصول أن كل صاحب مذهب وطالت مشرب بمقتضى قوله تعالى كل حزب بما لديهم فرحون وبما عندهم مرحون وقد علم كل الناس مشربهم وفي مقام الايناس يتبعون مذهبهم له أن ايدعى ذلك فلا خصوصية له بأحد هنالك إذ من المعلوم القرر والمفهوم المعتبر أن المقلد يتعين عليه اعتقاد أن مقلده على الصواب وغيره على الخطأ في هذا الباب ولذا قال إمام الحرمين بل قيل أنه مفتي الثقلين في رسالته المسماة بمغيث الخلق إلى الحق أنه يجب على العباد في جميع البلاد شرقا وغربا وعجما وعربا أن يكونوا على مذهب الإمام الشافعي المطلبي وأتى بكلمات واهيه لا يخفى على العالم والغبن وقد أجبت عنه في رسالة مستقلة بواضحات الأدلة فإذا كان الأمر على هذا التحقيق فلابد من اظهار مرجح في مقام التوفيق فأعلم أن المهدي إذا أختار التقليد ورضى بعدم التأييد فلا شك أن يكون على مذهب الإمام الأعظم والهمام الأقدم لكونه في مقام الفقه أفضل وأعلم بشهادة الإمام الشافعي مع جلالته ونباهته وكمال حذاقته وفقاهته وأدراك اكابر العلماء سفيان بن عيينه من اجلاء التابعين والإمام مالك وأحمد بن حنبل من الأئمة المجتهدين أن الخلق كلهم عيال أبي حنيفة في فقه الدين وبدلالة كون أكثر أهل الإسلام من أتباعه في القضايا والأحكام إذ قد يقال أنهم ثلثا هذه الأمة بوصف الأجابه ونعت الأنابه كما أن هذه الأمه ثلثا أصحاب الجنة بالسنة إلى سائر الأمه من المؤمنين على ماثبت به السنة وقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم عليكم بالسواد الأعظم وعندي على ما يخطر في خلدي أنه يتبع الأحوط في المسائل الدينية والقضايا الشرعيه كما عليه اكابر الصوفيه ولكن القول الأحق أنه يكون المجتهد المطلق لأنه يظهر حال وجود كلام الله سبحانه في صدور القراء المكرمين ووقت شهود الأخبار والآثار في سطور العلماء المحدثين فأنه مع جلال شأنه ورفعة قدره يبعد أن يكون مقلدا في محضره وقد ثبت أحاديث كثيرة وروايات شهيره عنه صلى الله عليه وسلم وشرف وكرم مما هو صريح في على مقامه وجلي مرامه منها قوله عليه السلام نحن سبعة ولد عبد المطلب سادة أهل الجنة أنا وحمزه وعلي وجعفر والحسن والحسين والمهدي رواه إبن ماجه وأبو نعيم عن أنس ومنها قوله عليه السلام المهدي رجل من ولدي وجهه كالوكب الدري رواه الروياني عن حذيفة وصححه الحافظ إبن الغربي وهو ليس إبن عربي كما يتوهمه الجاهل الغبي ففي هذا الحديث أجمل كونه من ولده عليه السلام وفي رواية اوضحه في هذا المقام بقوله المهدي من عثرتي من ولد فاطمة كما رواه أبو داود وإبن ماجه والحاكم بسند صحيح عن أم سلمه وأختلف في أنه رضي الله عنه من نسل أي الحسين وأن كان درية كل منهما موصوف نبعت الحسينين ويحتمل أن أباه حسنى وأمه حسين أو بالعكس والأولى اولى كما لايخفي قال بعضهم أن الحسن رضي الله عنه لما نزل لله الخلافه الصوريه عوضه الله المرتبه القطبيه وجعل من نسله المهدي الذي به خاتم الخلافه النبوية ويؤيده ما أخرجه أبو داود وغيره عن علي أنه نظر إلى ابنه الحسن فقال أن ابني هذا اسيد كما سماه النبي صلى الله عليه وسلم وسنخرج رجل من صلبه يسمى باسم نبيكم لشبهه في الخلق ويريده ما أخرجه نعيم إبن حماد أحد شيوخ البخاري وتمام في فوائده عن عبد الله بن عمرو قال يخرج رجل من ولد الحسن من قبل المشرق لو استقبل به الجبال لهدمها واتخذ بها طرقا ولا بيعدان يكون لكل منهما هذه السنه العليه بالشركه الجليه كما يدل عليه ما رواه الطبراني وأبو نعيم عن علي الهلالي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة والذي بعث بالحق أن منهما يعنى من الحسن والحسين مهدى هذه الأمه بل بزيادة بقية الأنساب المعتبره في مرتبة الأحساب لما ورد المهدي من اولاد العباس عمي كما رواه الدار قطني في الأفراد عن علي فهذا جمع من متفرقات فهمي والله سبحانه أعلم وباتقان الأمور أحكم ومنها قوله عليه السلام يخرج المهدي وعلى رأسه ملك ينادي أن هذا المهدي فاتبعوه أخرجه أبو نعيم وغيره عن إبن عمر وهذا يدل على كمال عظمته وجمال تبهته ورفعه مرتبته ومزية منزلته ومنها كما أخرجه الطبراني في الأوسط من طريق عمر بن علي عن علي إبن أبي طالب أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم امنا المهدي أم من غيرنا يارسول الله قال بل منا بنا نجم الله كما بنا فتح وبنا يستقذون من الشرك وبنا يؤلف الله بين قلوبهم بعد عداوة الفتنة كما الف بين قلوبهم بعد عداوة الشرك ومنها قوله عليه السلام يخرج رجل من أهل بيتي يقول بسنتي ينزل الله له القطر من السماء ويخرج الأرض له من بركاتها تملأ الأرض منه بسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما يعمل على هذه الأمه سبع سنين وينزل بيت المقدس أخرجه الطبراني في الأوسط وأبو نعيم عن أبي سعيد الخدري وفي رواية أبي نعيم ثم لاخبر في عيش الحياة بعد المهدي ومنها ما أخرجه الدار قطني في سننه عن محمد بن علي قال أن لمهدينا آثنين لم يكونا منذ خلق الله السموات والأرض ينكسف القمر الأول ليلة أبي امامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بينكم وبين ادم اربع هدن يوم الرابعه على يد رجل من أهل هرقل يدوم سبع سنين فقال الرجل يارسول الله من إمام الناس يومئذ قال المهدي من ولدي إبن أربعين سنه كان وجهه كوكب درى في خده الأيمن خال أسود وعليه عباء تان قطوا نيتان من رجال بني اسرائيل يستخرج الكنوز ويفتح مدائن الشرك ومنها ما أخرجه الروياني في مسنده وأبو نعيم عن حذيفة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المهدي رجل من وادي لونه لون عربي وجسمه جسم اسرائيلي على خده الأيمن خال كأنه كوكب دري بلاء الأرض عدلا كما ملئت جورا برهن في خلافته أهل الأرض وأهل السماء والطير في الجو وفي رواية لا يوقظ نائما ولا يريق دما ومنها ما أخرجه نعيم بن حماد عن أبي جعفر قال يظهر المهدي بمكة عند العشاء مع راية رسول الله صلى الله عليه وسلم وقميصه وسبق * مات ونور وبيان فاذا صلى العشاء نادى باعلى صوته يقول اذكركم الله أيها الناس ومقامكم بين يدي ربكم فقد بعث الأنبياء وأنزل الكتب وأمركم أن لاتشركوا به شيئا وأن تحافظوا على طاعته وطاعة رسوله وأن تحيوا ما احيي القرآن وتميتوا ما امات ويكونوا أعوانا على الهدى ووزراء على التقوى فأن الدنيا قد دنا فناوها وزوالها واذنت بانصرام عن اقبالها فأني ادعوكم إلى الله تعالى وإلى رسوله والعمل بكتابه واماته الباطل وأحياء سنته فيظهر في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا عدد أهل بدر على غير ميعاد رهبان بالليل اسند بالنهار فيفتح الله تعالى للمهدي أرض الحجاز ويخرج من كان في السجن من بني هاشم وتترك الرايات السود الكوفه فيبعث بالبيعه إلى المهدي وبعث المهدي جنوده في الآفاق ويميت الحور وأهله ويستقم له البلدان ويفتح الله تعالى على يديه القسطنطينية ومنها ما أخرجه أيضا عن إبن مسعود قال إذا انقطعت التجارات والطرق وكثرت الفتن خرج سبعة نفر علماء من افق شتى على غير ميعاد يبايع لكل رجل منهم ثلاث مائة وبضعة عشر رجلا حتى يجتمعوا بمكة فتلتقي السبعة فيقول بعضهم لبعض ماجاء بكم فيقولون جئنا في طلب هذا الرجل الذي ينبغي أن تهدأ على يديه هذه الفتن وتفتح له القسط فطينيه قد عرفنا باسمه واسم ابيه وامه وجيشه فتنفق السبعه على ذلك فيطلبونه فيه يبونه بمكة فيقولون له أنت فلان بن فلان فيقول بل الرجل من الأنصار حتى يفلت منهم فيصفونه لأهل الخير منه والمعرفة به فيقال هو صاحبكم الذي تطلبونه وقد لحق بالمدينة فيطلبونه بالمدينة فيخالفهم إلى مكة فيطلبونه بمكة فيصيبونه فيقولون له أنت فلان بن فلان وأمك فلانه ابنة فلان وفيك آية كذا وكذا وقد افلت منا مرة فمد يدك نبايعك فيقول لست بصاحبكم حتى يفلت منهم فيطلبونه بالمدينة فيخالفهم إلى مكة فيصيبونه بمكة عند الركن ويقولون له اثمنا عليك ودماؤنا في عنقك أن لم تمد يدك نبايعك هذا عسكر السفياني قد توجه في طلبنا عليهم رجل من حرام في لسن بين الركن والمقام فيمد يده فيبايع له فيلقي الله تعالى محبته في صدور الناس فيسير مع قوم أسد بالنهار رهان بالليل ومنها ما أخرجه أيضا عن أبي الطفيل أن النبي صلى الله عليه وسلم وصفه المهدي فوصف لئلا في لسانه وضرب فخده اليسرى بيده اليمنى إذا ابطا عليه الكلام اسمه اسمي واسم ابيه اسم أبي ومنها ما أخرجه أيضا عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال المهدي رجل من عترتي يقاتل على سنتي كما قاتلت أنا على الوحي ومنها ما أخرجه أيضا عن كعب قال قادة المهدي خير الناس وأهل نصرته وبيعته من أهل الكوفه واليمن وابدال الشام مقدمته جبريل وساقته ميكائيل محبوب في الخلائق يطفى الله تعالى به الفتنة العمياء وتأمن الأرض حتى أن المرأة لتحج في خمس سنه ما معهن رجل لا يبقى شيئا الا الله يعطي الأرض نباتها والسماء بركتها ومنها ما أخرجه أيضا عن كعب قال أني أجد المهدي مكتوبا في اسفار الأنبياء ما في عمله ظلم ولا عيب ومنها ما أخرجه أيضا من طريق ضمرة عن إبن سيرين أنه ذكر فتنه يكون فقال إذا كان ذلك فاجلسوا في بيوتكم حتى تسمعوا على الناس غير من أبي بكر وعمر قيل يا أبا بكر خير من أبي بكر وعمر قال كان يفضل على بعض قال الحافظ السيوطي وفي هذا ما فيه وقد قال إبن أبي شيبه في مصنفه في باب المهدي حدثنا أبو اسنامه عن عوف عن محمد بن سيرين قال يكون في هذه الأمة خليفة لايفضل عليه أبو بكر ولا عمر قال الحافظ وهذا إسناد صحيح وهذا اللفظ أخف من الأول قال والأوجه عندي تأويل اللفظين على ما أول عليه حديث بل اجر خمسين منكم لشدة الفتن في زمان المهدي وتمالؤ الروم باسرها عليه ومحاضرة الدجال له وليس المراد بهذا التفضيل الراجع إلى زيادة الثواب والرفعه عند الله تعالى فالأحاديث الصحاح والأجماع على أن أبا بكر وعمر أفضل الخلق بعد النبيين والمرسلين أقول ولايبعد أن يتوقف في هذه المسئله لعدم أجماع الأمه في خصوص هذه المادة المستقله مع ورود امتي كالمطر لايدري اوله خير أم آخره وفي قوله سبحانه كنتم خير أمة أشارة لطيفه إلى رفع هذه الغمه ومنها ما أخرجه أيضا عن قيس إبن جابر الصدفي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سيكون رجل من أهل بيتي يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا ثم من بعده القحطاني والذي نفسي بيده ماهو دونه وأخرج أيضا عن كعب قال يكون بعد المهدي خليفة من أهل اليمن من قحطان أخو المهدي في دينه يعمل بعمله وهو الذي يفتح مدينة الروم وتصب غنائمها ما أخرجه عن ارطاه قال بلغني أن المهدي يعيش أربعين عاما ثم يموت على فراشه ثم يخرج رجل من قحطان مثقوب الأذنين على سيرة المهدي بقاؤه عشرون سنة ثم يموت قتيلا بالسلاح ثم يخرج رجل من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم مهدي حسن السيره يغزو مدينة قيصر ثم يخرج في زمانه الدجال وينزل في زمانه عيسى بن مريم عليه السلام ومنها قوله عليه السلام المهدي منا أهل البيت يصلحه الله في ليلة رواه أحمد وإبن ماجه عن علي فصدر الحديث مجمل ما فصلنا ومحمل مافضلنا وأما ذيله من أصلاحه في ليلة فيبشر إلى أنه يعطيه الله المرتبه القطبيه والمنقبه الاجتهادية الغوثيه بالجذبة الالهية الفردانيه والوهبة الصمدانية لا بكسبه وجهده من يعلمه في مقام كده وجده كما حصل هذه العنايه لجده على ما ذكره الله سبحانه وعظم شأنه وبرهانه ما كنت تدري ما الكتاب ولا الأيمان أي تفاصيله في هذا الباب ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا فالمهدي في زمانه أفضل المهتدين وأكمل المجتهدين في أمور الدين ومنها قوله عليه السلام المهدي في اجلي * واقنى الأنف يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما يملك سبع سنين رواه أبو داود في سننه والحاكم في مستدركه فقوله عليه السلام المهدي من شهادة منه على أنه من ذريته وخاصة امته في عموم متابعته ولذا قال عليه السلام من رغب عن سنتي فليس مني قوله احلى أي واسع الجبين أشارة إلى حسن صورته وسيرته واستحسان عشرته مع عشيرته وقوله اقنى الأنف أشارة إلى حمال ارنته وايماء إلى كمال انفته واشعار إلى مرتبة شجاعته وفرية سخاوته وعدم الالتفاف إلى أموال رعيته وفقد الرضا بالتقليد في مقام معرفته لأن من المعلوم استبعاد جميع الطوائف من أهل السنه والجماعة وطوايف المبتدعه ولو كانوا من أهل الطاعة أن يرضوا بانه يكون مقلدا مثلا لمذهب العلماء الحنفية وتاركا مذاهب البقيه بالكليه وقوله يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما أشارة إلى سعة دولته ومملكة وإلى ظهوره في وقت شده حاجته وقوله يملك سبع سنين أي قبل نزول عيسى عليه السلام إذ بعده ينتقل إليه الأحكام سواء يكون المهدي موجود في علم الحياة أو مفقود أبا الممات إذ لاشك أن عيسى بعد نزوله لم يفسح عنه خلعه النبوه وأن كان ينسخ عنه عباء الرسالة فتعلى اولا آيات أعلامه ورايات مقامه في الحرمين الشريفين والمسجدين المنيفين ثم يتوجه إلى بيت المقدس والمحل المنفس عملا بقوله عليه السلام لاتشد الرحال الا إلى ثلاثة مساجد مسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى فيرتب هذا الترتيب الأعلى حيث يبدأ بمهبط بدء وحي المصطفى ثم بدار الهجره ثم بالأرض المباركة بواسطة قدوم أصحاب النبوة وأرباب الرساله وفي جعل القضيه عكس ما يقتضيه العقل من تقديم الأقدميه ايماء إلى قوله عليه السلام نحن الآخرون السابقون أي الآخرون وجودا في عالم الحس والمبنى والسابقون شهودا في مقام الأنس والمعنى كما يشير اليه قوله عليه السلام أول ما خلق الله روحي وفي رواية نوري وقوله كتبه نبيا وآدم بين الروح والجسد ولقد ابعد الغزالي في تفسير هذا الحديث وتأويله حيث قال أي كنت نبيا في علم الله لأنه بهذا المعنى لا مزية له عما سواه من ارباب الجاه بل المعنى أنه صلى الله عليه وسلم كان نبيا فيما بين الأرواح سابقا كما وقع رسولا في عالم الأشباح لاحقا فهو الأول والآخر والباطن والظاهر في النسب الأضافية بالنسبة إلى الصفات الألهيه فأنها القديمة الازليه بلا ابتداء في الأوليه وأما قول من قال حمله الارواح قديمة كما قال بعض الحكما أو ارواح الكمل قديمه كما صرح بعض الصوفيه السفهاء فكفر صريح ليس عنه تأويل صحيح عند أعلام العلماء والحاصل أن المهدي واتباعه وأصحابه وأشياعه يكونون في بيت المقدس فارغ البال إذ يطهر الأعور الدجال ومعه خلق كثير من ضلال الرجال فيحاصر المهدي في مكانه ويضيق عليه بعد ارتفاع شأنه في زمانه إذ ينزل عيسى بن مريم عليهما السلام في المناره الشرقيه في مسجد الشام ويتوجه إلى القدس لنصرة أهل الأسلام فيراه الدجال اللعين وكاد أن يذوب كذوبان الملح في العلماء ويصير كالطين فيصيبه بحربة من عالم اليقين ويقتله فيكون من الغازين ثم يقتل من لم يدخل في الأسلام ولم يصر من الفائزين ويرفع الحربة ولم يقبلها من أحدكما احر به سيد المرسلين وهذا نسخ معني في هذه الأمة ظهر على يد خاتم أصفياء الأئمة لا أنه نسخ من عنده فإن دينه منسوخ بأصله كسائر اديان الأنبياء ولذا قال عليه السلام لو كان موسى حيا لما وسعه الا اتباعي أي كما صار عيسى في آخر من اتباعي وله المزيه على غيره من هذه الحيثيه ولذا شبه صلى الله عليه وسلم بقلب عسكر المسلمين وجنود الموحدين والأنبياء السابقه بمنزلة المقدمة وعيسى في مرتبة الخاتمة اللاحقة المتممه وعلماء هذه الأمة بمنزلة جناح اليمين وعلماء سائر الأمم في مرتبه جناح اليسار لأن مرتبتهم دون مرتبة الأولين ويؤيده ما ورد صحيح المعنى وأن كان موضوع المبنى علماء امتي كانبياء بني اسرائيل وبقوله ماصح من قوله عليه السلام العلماء ورثه الأنبياء فإنه لاريب أن أرث الوارث يكون على قدر مال الموروث فلينصرف العنان إلى ماكنا في صدده من البيان وهو أن عيسى عليه السلام بعد قتله اليهود والنصارى وسائر الكفار الذين لم يدخلوا في دين الإسلام حتى كان الحجر والشجر ينادي بلسان فصيح وبيان نصيح يانبي الله هذا يهودي مخفي عندي فأما أن يسلم وأما أن يقتل كما أشار اليه قوله تعالى وأن من أهل الكتاب الا ليؤمنن به قبل موته فيدخل عيسى في مسجد القدس عند ظهور صبح الألسن وقد اقيم الاقامه فيشير المهدي اليه فيمتنع عليه ويقول قد اقيمت لك هذه الاقامة وأنت في هذا المسجد قائم بوصف الأمامه فيسلى المهدي ويقتدى به عيسى تحقيقا لمتابعة هذه الأمة ثم يكون إماما في كل الحاله ومما يؤيد هذه المقاله قوله عليه السلام منا الذي الذي يصلي عيسى بن مريم خلفه رواه أبو نعيم في كتاب المهدي عن أبي سعيد وطاهره الاطلاق الا أن تعليله يفيد التقييد كالايخفى على أهل التوفيق والتأييد وأما قوله عليه السلام للعباس ياعم النبي أن الله ابتدأ الأسلام بي وسيختمه بغلام من ولدك وهو الذي يتقدم عيسى بن مريم رواه أبو نعيم في الحليه عن أبي هريرة فيحتمل تقدمه في منصب الأمامه شهود أو يوقده مافي رواية الدار قطني في الأفراد والخطيب وإبن عساكر عن عمار بن ياسر ولفظه ياعباس أن الله ابتدأ هذا الأمر بي وسيختمه بغلام من ولدك يملأوها عدلا كما ملئت جورا وهو الذي يصلي بعيسى عليه السلام انتهى وهو صادق أن يوحد مرة أو مرات والله سبحانه أعلم بحقيقة الحالات وإذا عرفت ذالك تبين لك مما قررنا هنالك أن قول إبن عربي في كتابه الفصوص المملو من مخالفة النصوص أني خاتم الأولياء ويستمد من خاتم الأنبياء ويستفيض من سائر الرسل والأصفياء باطل من * كما اوضحته في الرسالة المعموله للرد على الوجوديه القائلة بالعينيه بالأدلة القطعيه ومجمله هنا أن دعوته أنه خاتم الأولياء ظاهر البطلان عند أعيان العلماء لوجود عيسى عليه السلام وشهود المهدي من الأولياء الفخام وكذا وجود كثير من الأولياء في حياته ومماته من الفضلاء الكرام وهذا أمر سهل فإن منه غايته أنه كذب محض بالنسبة الى دعوته العاينه فإنه كفر صريح ليس له تأويل صحيح والعجب ممن لم يعرف حقيقة ايمانه وحسن خاتمته في شأنه كيف يدعي مثل هذا من غير برهانه وأغرب من هذا أن بعض العلماء المعتبرين والفضلاء المفتخرين ممن تصدى لشرح كلامه لم يتعرض لتصحيح حرامه وكأنه وافق شربه وطابق مذهبه تم من الغريب ما وقع في هذا القريب أنه سأل بعض اكابر الفخام عمن يزعم أنه من علماء الأعلام هل ثبت أن المهدي يقلد أبا حنيفة فقال نعم رأيت في كتابين ومع هذا سئل بعض أصحابي وخلص أحبابي فإنه رأى رويا يدل على هذه المدعى وصورتها أنه رأى أولا ثلاث قبب هيئتها الصفات ثم رأى قبة كبيرة كثيرة الأنوار غطى نور هذه القبة سائر القبب في ابصار الأبصار والحال أن المشار إليه بروية هذا المنام معروف عند الأنام بإنه لو أخبر يقظة بشيء لم يصدقه أحد في هذه الأيام فكيف يكون روياه صادقه صالحة للأستدلال في هذا المقام فأنها على تقدير ثبوتها وصحتها من اضغاث الأحلام وخيالات الأوهام كما يرى الهر إذا نام في خيال البر أنه يأكل اللحم أو يمغ الشحم وبهذا يبين أن الأمور الاعتقاديات لايتصور ثبوتها بالأمور الظينات فضلا عن المقالات الواهمات والمقامات الواهيات وقسن على هذا احوال سائر الأنام في هذه الأيام فعليك بميزان الكتاب والسنه أن كنت من أهل المعرفه وقابل المنه وتريد أن تدخل الجنه وتكون معرفتك الستره من النار والجنه وتصير محفوظا من شر الناس والجنه وقد ورد عنه عليه السلام أنه قال يوشك أن يأتي على الناس زمان لايبقى من الاسلام الا اسمه ولا يبقى من القرآن الا رسمه مساجدهم عامره وهي خراب من الهدى علماءهم سر من تحت اديم السماء من عندهم تخرج الفتنه وفيهم يعود ورواه إبن عدي والبيهقي عن علي وقد قال إبن جرير أحد الأخيار في تهذيب الآثار حدثني أبو حميد الحمص أحمد بن المغيره حدثنا عثمان بن سعيد عن محمد بن مهاجر حدثني الزبيدي عن الزهري عن عروة عن عائشة أنها قالت ياويح لبيد حيث يقول لو ذهب اللذين يعاش في اكنافهم وبقيت في خلف كجلد الأجرب قالت عائشة فكيف لو أدرك زماننا هذا قال رحم الله عائشة فكيف لو أدركت زماننا هذا ثم قال الزهري رحم الله عروة فكيف لو أدرك زماننا هذا ثم قال الزبيدي رحم الله الزهري فكيف لو أدرك زماننا هذا وهكذا قال كل من رجال السند إلى أخره وأنا أقول فكيف لو أدرك كل واحد منهم ومن بعدهم زماننا هذا ومن هنا ما ورد عن جعفر الأحمر سألت أبا حنيفة عن مسألة فأجاب فقلت لايزال هذا المصر بخير ما ابقاك الله تعالى فقال وخلت الديار ففسدت غير مسود ومن الشقاء تفردي بالسودد وعن أبي يوسف أن الإمام كان ينشد هذا البيت كثيرا وكفى حزنا أن لا حياة هنيئة ولا عمل يرضى به الله صالح انتهى وقد نقل عن بعض السلف أنه قال لقد حلت العزله في زماننا فقال الغزالي قلت حلت في زمانه لقد وجبت في زماننا فنعوذ بالله من شرور أنفسنا وأقراننا هذا وبما حررنا في قلم البيان مما حررنا في علم البيان على وجه الايقان انكشف بطلان مذهب الطائفه الغويه المسماة بالمهدوية في * أن المهدي الموعود هو شيخهم المشهود قبل ذلك وأنه توفي بخراسان ودفن هنالك ومن كمال تعصبهم وجهلهم يكفرون أهل السنة في أنكارهم المهدي شيخهم فكفروا باتفاق العلماء كما افتى فقهاء عصرنا في مكة من الحنفية والمالكية والشافعية والحنبلية وكذا تبين بطلان مذهب الإمامية في قولهم أن المهدي هو ولد العسكري وأنه لم يمت وأنه إمام زمانه وخليفة أوانه من غير أن يأتوا ببرهانه أو يطابقوا أحاديثه عليه السلام في شأنه وقد صرح القطب الرباني الشيخ علاء الدوله السمناني أن المهدي هذا صار من الأبدال وغاب عن أعين الرجال ثم صار قطبا ومات في تلك الحال وتولى القطبيه بعده أحد من ارباب الكمال فتعين الآن أن نورد بقية ما ورد في حق المهدي من الأخبار وليتبين حاله لدى الأبرار والفجار فنقول منها قوله عليه ابشركم بالمهدي رجل من قريش من غيرتي خرج على أختلاف من الناس وزلزال فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ويرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض ويقم المال * بالسويه ويملأ قلوب امة محمد غنى ويسعهم عدله حتى أنه يأمرنا مناديا فينادي من له حاجة إلى فما يأتيه أحد الأرجل واحد فيسأله فيقول أنت السادن أي الخادم الخازن حتى يعطيك فيأتيه فيقول أنا رسول المهدي إليك لتعطين مالا فيقول أحث فيحثي فلا يستطيع أن يحمله فسيلقى حتى يكون قدر ما يستطيع أن يحمله فيخرج به فيندم فيقول أنا كنت اجمع امة محمد نفسا كلهم دعي الى هذا المال فتركه غيري فيرد عليه فيقول أنا لا نقبل شيئا اعطيناه فيلبث في ذالك ستا أو سبعا أو ثمانيا أو تسع سنين ولا خير في الحياة بعده رواه أحمد والباوردي وأبو نعيم عن أبي سعيد والترمذي والشك من الراوي فلا ينافي في ما تقدم من الجزم بالسبع ولعله يعيش إلى آخر زمان عيسى ليصح قوله ولا خير في الحياة بعده وقد ثبت أن زمن عيسى أيضا سبع فكأنهما يجتمعان حياة ومماة وأما رواية موت عيسى بعد أربعين سنه فمحمول على مجموع عمره لأنه رفع إلى السماء كهلا وهو إبن ثلاث وثلاثين فالسبع يكون تكمله الأربعين والله الموفق والمعين لكن جاء في رواية أحمد عن عائشة أن عيسى عليه السلام ينزل ويقتل الدجال ويمكث في الأرض أربعين سنه إماما عدلا وحكما مقسطا وفي رواية الطبراني عن عبد الله بن معقل ثم ينزل عيسى إبن مريم مصدقا لمحمد على ملته إماما مهديا وحكما عدلا فيقتل الدجال وهذا الحديث يدل على امامته وحكومته بعد المهدي ويؤيده مارواه مسلم عن أبي هريرة كيف أنتم إذا نزل إبن مريم فيكم فامكم وأما في الصحيحين كيف أنتم إذا أنزل إبن مريم امامكم منكم فمعناه أن عيسى منكم داخل في امتي معكم أو محمول على ما تقدم والله أعلم وفي رواية إبن عساكر أن الدجال يقتل من المسلمين ثلثا ويهزم ثلثا ويبقى ثلثا ويجن عليهم الليل فيقول بعض المؤمنين لبعض ماينتظرون الا أن يلحقوا باخوانكم في مرضاة ربكم من كان عنده فضل طعام فليعد به على اخيه وصلوا حين ينفجر الفجر وعجلوا الصلاة ثم اقبلوا على عدوكم فلما قاموا يصلون نزل عيسى بن مريم امامهم فصلى بهم الحديث وفي رواية لأحمد ومسلم عن جابر لاتزال طائفة من امتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة فينزل عيسى بن مريم فيقول اميرهم فقال صل لنا فيقول الا أن بعضكم على بعض أمير مكرمة الله لهذه الأمة وقد تقدم وجه الجمع بحيث انكشف الغمة وأخرج بن أبي شيبه في مصنفه عن إبن سيرين قال المهدي من هذه الأمة وهو الذي يوم عيسى إبن مريم عليه السلام يعني أول مرة لما أخرجه إبن ماجه وإبن خزيمة والحاكم وأبو عوانه وأبو نعيم واللفظ له عن أبي امامة قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الدجال فقالت أم شريك فأين العرب يارسول الله قال هم يومئذ قليل وجلهم ببيت المقدس وامامهم المهدي رجل صالح فبينما امامهم قد تقدم يصلي بهم الصبح المنزل عيسى إبن مريم الصبح فرجع ذلك الإمام بنكص يمشي القهقري فيتقدم عيسى فيضع عيسى يده بين كتفيه ثم يثول له تقدم فأنها لك اقيمت فيصلي بهم أمامهم وقد صح أن عيسى عليه السلام يدفن في حجرة نبينا صلى الله عليه وسلم على خلاف أنه قبل الصديق أو بعد الفاروق فالأول أقرب إلى الأدب لكونه نبيا في الحسب فالنبيان ثم الوليان والثاني لتعظيم الشيخين أنسب ليكونا مكنوفين بين النبيين وكفى به لهما شرفا وفضلا وفخرا ونبلا إذ ما اتفق نظيره لأحد من الثقلين وأما ما اخترعته من البدعه الشنيعه وهو جهل تابوت آدم ونوح عليهما السلام في مقبرة علي كرم الله وجهه فليس له وجه وجيه ولا تنبيه نبيه من وجهين أحدهما أن قبر علي نفسه غير ثابت في ذلك المقام وإنما أقدم أحد على عمارته بمجرد المنام كما في قبة أم المؤمنين خديجة الكبرى في صدر المصلى من بلد الله الحرام وثانيهما أنه لم يثبت تعيين قبر أحد من الأنبياء غير قبر نبينا صلى الله عليه وسلم وشرف وكرم وما ذاك الا أنه شمس المناقب في الضحى وغيره بمنزلة الكواكب في ليلة الدجى نعم قبر حضره إبراهيم عليه الصلاة والتسليم ثابت في تلك القرية وأما تعيين موضع قبره فمن الغربة هنا ومن الألغاز في مقام الايجاز أي شخص من هذه الأمة أفضل من الشيخين عند أهل السنة فيقال عيسى عليه السلام من غير الشك والشبهه ومنها قوله عليه السلام يكون في آخر امتي خليفة يقسم المال ولا يعده رواه أحمد ومسلم عن أبي سعيد وجابر وفي رواية لأحمد ومسلم عن جابر يكون في آخر امتي خليفة يحثى المال حثيا ولا يعده عدا ومنها قوله عليه السلام إذا رأيتم الرايات السود قد جاءت من قبل خراسان فائتوها فإن فيها خليفة الله المهدي رواه أحمد في مسنده عن ثوبان وفي سواد الراية ايماء إلى أنه من العباسية كما بين في محله ما ورد في فضله ثم مجيئها من قبل خراسان وكونه فيها لاينافي ماتقدم من بدء ظهوره مما بين الركنين فإنه أما محمول على اتيانه إلى الحرم ثانيا أو بالسنة إلى غيرهم أو يكون ح استقبلهم ودخل معسكرهم والأوسط هو الأوسط ويؤيده رواية أحمد والترمذي عن أبي هريرة يخرج من خراسان رايات سود فلا يردها شيء حتى تصب بايليا وفي رواته الحاكم والديلمي عن ثوبان فإذا رايتموه فبايعو ولو حبوا على الثلج فأنه خليفة الله المهدي ويقويه قوله عليه السلام أنا أهل بيت أختار الله لنا الآخرة على الدنيا وأن أهل بيتي من بعدي بلاء وتشد يدا وتطريدا حتى يأتي قوم من قبل المشرف معهم رايات سود فيسألون الحق فلا يعطونه فيقاتلون فينصرون فيعطون ماسألوا فلا تقبلونه حتى تدفعوها إلى رجل من أهل بيتي * اسمه اسمي واسم ابيه اسم أبي فيملك الأرض فيملأها قسطا وعدلا كما ملؤها جورا وظلما فمن أدرك ذلك منكم أو من اعقابكم فليأتهم ولو حبوا على الثلج فأنها رايات هدى رواه الحاكم عن إبن مسعود وفي اطلاق خليفة الله عليه دلالة واضحة على علو شأنه ورفعه مكانه وهو اصرح في تعظيم امره من قوله تعالى في حق آدم عند ذكره وإذ قال ربك للملائكة أني جاعل في الأرض خليفة ومن قوله سبحانه ياداود أنا جعلناك خليفة في الأرض الآية والحاصل أن هذه منقبة عليه ومرتبه جليه وربما يكون المهدي أفضل من الصديق من هذه الحيثية فأنه يقال له خليفة رسول الله لا خليفة الله ولما تولى عمر الخلافة ولم يصدق عليه أنه خليفة رسول الله لعدم صدقه عليه في المعنى ولو قيل خليفه رسول الله لطال المبنى قالوا له أمير المؤمنين فهو أول من لقب به كما اوضحته في شرح الأربعين ومما يؤيد ما اشرنا إليه قوله صلى الله عليه وسلم لن تهلك امة انا في أولها وعيسى إبن مريم في آخرها والمهدي من أهل بيتي في اوسطها رواه أبو نعيم وإبن عساكر عن إبن عباس وأما قوله عليه السلام لايزداد الأملا شدة ولا الدنيا الا ادبارا ولا الناس الاشجا ولا تقوم الساعة إلى على شرار الناس ولا مهدي الا عيسى بن مريم فالمراد بالمهدي معناه اللغوي والتقدير لا مهدي كاملا منصوبا في ذلك الوقت الا عيسى إبن مريم والله أعلم وقد أخرج نعيم بن حماد عن الوليد بن مسلم قال سمعت رجلا يحدث قوما فقال المهديون ثلاثة مهدي الخير عمر بن عبد العزيز ومهدي الذم وهو الذي سكن عليه الدما ومهدي الدين وهو عيسى سلم امته في زمانه ومنها قوله عليه السلام لاتذهب الدنيا ولاتنقضي حتى يملك جل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي وفي رواية وخلقه خلقي وهو تحمل الفتح والضم والله والحديث رواه أحمد وأبو داود والترمذي عن إبن مسعود وفي رواية للترمذي بسند صحيح عنه ولفظه يلي رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي لو لم يبق من الدنيا الا يوم يطول الله ذلك اليوم حتى يلي وفي رواية اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي فيملأها وقسطا كما ملئت جورا وظلما فلا يمنع السماء شاء من قطرها ولا الأرض شيئا من نباتها مدة ما يمكث فيها ومن قوله عليه السلام في ذي القعده تجاذب القبائل وعامئذ ينهب الحاج فيكون ملحمة بمنى حتى يهرب صاحبهم فيبايع بين الركن والمقام وهو كاره يبايعه مثل عدة أهل يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض رواه الحاكم وغيره عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ورواه أبو نعيم عن شهر بن حوشب مرسلا أنه عليه السلام قال يكون في رمضان صوت وفي شوال همهمة وفي ذي القعدة تتحارب القبائل وفي ذي الحجه ينتهب الحاج وفي المحرم ينادي مناد من السماء الا أن صفوة الله من حلقه فلأن فاسمعوا له واطيعوا وعن قتادة قال كان يقال أن المهدي إبن أربعين سنه رواه إبن عساكر وعن علي قال المهدي موارد بالمدينة من أهل بيت النبوة واسمه اسم النبي ومهاجره بيت المقدس كث اللحية اكحل العينين براق الثرايا في وجهه خال في كتفه علامة النبي يخرج براية النبي صلى الله عليه وسلم من مرط معلمة سوداء مربعة فيها حجر لم تنشر منذ توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولاتنشر حتى يخرج المهدي يمده الله بثلاثة الآف من الملائكة يضربون وجوه من خالفهم وادبارهم يبعث وهو مابين * إلى الأربعين رواه نعيم بن حماد فتأمل في هذه الرواية مما يدل في تعظيم المهدي من جهة الدراية وعن عمر بن الخطاب أنه ودع البيت وقال والله ما أدري ادع خزائن البيت وما فيه من السلاح والمال أم اقسمه في سبيل الله فقال له على إبن أبي طالب امض ياأمير المؤمنين فلست بصاحبه إنما صاحبه منا شاب من قريش بقسمة في سبيل الله في آخر الزمان رواه نعيم وعن علي قال ليخرجن رجل من ولدي عند اقتراب الساعه حتى يموت قلوب المؤمنين كما تموت الأبدان لما لحقهم من الشدة والضر والجوع والقتل وتواتر الفتن والملاحم العظام واماتة السنن وأحياء البدع وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيحيى الله بالمهدي محمد بن عبد الله السنن التي قد اميتت وسر بعدله وبركته قلوب المؤمنين ويتألف اليه عصب من العجم وقبائل من العرب فيبقى على ذلك سنين ليست باكثر دون العشرة ثم يموت رواه إبن المنادي في الملاحم وعن علي قال ويحا الطالتان فأن لله فيها كنوزا ليست من ذهب ولا فضة ولكن بها رجال عرفوا الله حق معرفته وهم انصار المهدي آخر الزمان رواه أبو غنم الكوفي في كتاب الفتن قلت وقد جاء أن أكثر انصار الدجال من اصفهان وفيه تنبيه على أن أنصار المهدي أهل السنة والجماعة وأنصار الدجال أهل الكفر والبدع وعن علي قال قال النبي صلى الله عليه وسلم يخرج رجل من ما وراء النهر يقال له الحارث حراث على مقدمه رجل يقال له المنصور يوطئ أو يمكن لآل محمد كما مكنت قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم وجب على كل مؤمن نصره أو قال اجابته رواه أبو داود وفيه اشعار إلى أن أهل ما وراء النهر محبون لأهل بيت النبوة لا كما بزع الرافضيه أنهم الخارجية ولقد أحسن العلامه التوربشتي في كتابه المعتمد في المعتقد أن الله سبحانه جعل أهل السنة على الطريق المستقيم والدين القويم وأهل البدع انحرفوا عنه إلى يمين الطريق ويسارها لعدم التوفيق وقد قال تعالى وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتغرق بكم عن سبيله فالروافض يسمون أهل السنة بالخوارج والخوارج يعتقدون فيهم أنهم الروافض ونحن بريؤن بحمد الله من الفريقين لا مائلون إلى أحد الطريقين ولا شك أن كل واحد يدعى أنه واقف على الحاده وقائم إلى قبله السجاده لكنه عليه السلام لما قال ستفترق امتي على ثلاث وسبعين فرقه كلهم في النار الا واحدة قيل ماهم يارسول الله قال ما أنا عليه وأصحابي فالفرق الناجيه هم أهل السنة والجماعة الراجيه ثم أعلم أن في حق عيسى عليه السلام ورد أيضا أحاديث بنقل علماء الإسلام فلنورد بعضها ليتم الكلام في مرام هذا المقام فمنها قوله عليه السلام أن روح الله عيسى نازل فيكم فاذا رايتموه فاعرفوه فانه رجل مربوع إلى الحمرة والبياض عليه ثوبان معتوان كان رأسه بقصر وان لم يصبه بلل فيدق الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويدعو الناس إلى الإسلام فيهلك الله في زمانه المسيح الدجال وتقع الامنه على أهل الأرض حتى ترعى الأسود مع الأبل والنمور مع البشر والذياب مع الغنم ويلعب الصبيان بالحيات لايضرهم فيمكث أربعين سنه ثم يتوفى ويصلى عليه المسلمون رواه إبن عساكر عن أبي هريرة ومنها قوله عليه السلام الأنبياء أخوة لعلات امهاتهم شتى ودينهم ملحد وأني اولى الناس بعيسى بن مريم لأنه لم يكن بيني وبينه نبي وأنه نازل فاذا رايتموه فاعرفوه رجل مربوع إلى الحمرة والبياض عليه ثوبان ممصران رأسه يقطر وأن لم يصبه بلل فيدق الصليب ويقتل الخنزير ويضيع الجزية ويدعو الناس إلى الإسلام فتهلك في زمانه المنن كلها الا الاسلام وترتع الأسود مع الأبل والنمار مع البقر والذياي مع الغنم وتلعب الصبيان بالحيات فلا يضرهم فيمكث أربعين سنه ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون رواه أحمد وأبو داود عن أبي هريرة وقوله يمكث أربعين يحتمل أن يكون بيان عمره جميعا في وجه الأرض أو مدة نزله من السماء بالطول والعرض وقوله لم يكن بيني وبينه نبي باطلاقه يرد على من قال بنبوة خالد العيسى بينهما ويحتمل أن يقيد النفي بما بينهما فيما تأخر لافيما تقدم والله أعلم ومنها قوله عليه السلام أني لارجو أن طال بي عمر أن القي عيسى بن مريم فإن عجل بي موت فمن لقيه منكم فليقرأه مني السلام رواه مسلم عن أبي هريرة وفيه تنبيه نبيه على أن الأيمان الأجمالي وأنه ينبغي للمرء أن يتمنى روية الأنبياء والأصفياء لما يترتب عليها من الفوائد ويتعين على من أدرك عيسى عليه السلام أن يبلغه سلام نبينا عليه التحية والأكرام ومنها قوله عليه السلام طوبى لعيش بعد المسيح يؤذن للسماء في القطر وللأرض في النبات فلو بذرت حبه على الصفا لنبتت ولاتباغض ولا لخاسر حتى يمر الرجل على الأسد فلا يضره ويطأ على الجبة فلا يضره رواه أبو نعيم عن أبي هريرة وفيه دلالة على أن العيش الطبيب إنما هو يرفع التباغض والتحاسد وانه بكماله غير حاصل الا في زمان عيسى عليه السلام وكذا يكون في دار السلام لأهل الأسلام كما في قوله الله الملك العلام ونزعنا ما في صدورهم من غل أخوانا على سرر متقابلين وقد ورد عن علي كرم الله وجهه أنه قال أرجو أن اكون أنا وطلحة والزبير منهم ومنها قوله عليه السلام ينزل عيسى بن مريم عند باب دمشق وفي رواية شرقي دمشق عند المنارة البيضاء لست ساعات من النهار في ثوبين ممشقين كانما ينحدر من رأسه اللؤلؤ رواه تمام وإبن عساكر عن كيسان ومنها قوله عليه السلام ليهبطن عيسى إبن مريم حكما وأماما مقسطا وليسلكن فجاء حاجا أو معتمرا أو ليأتين قبري حتى يسلم على ولاردن عليه رواه إبن عساكر عن أبي هريرة وقوله لاردن عليه أي ظاهرا والا فهو عليه السلام يرد على كل من يسلم عليه باطنا كما في حديث مامن أحد يسلم على الا رد الله على روحي حتى أرد عليه فيقيد الحديث الشريف تخصيص عيسى بهذا المنصب المنيف فمن ادعى بهذا المعنى المبني على كمال المفتى من غيره ولو من العلماء أو المشايخ الكرما فعليه بالبيان واتيان البرهان والا فما أيسر الدعوى وما أعسر المعنى ومنها قوله عليه السلام خير هذه الأمة اولها وآخرها اولها فيهم رسول الله وآخرها فيهم عيسى إبن مريم رواه أبو نعيم في الحليه عن عروة بن مريم ومنها قوله عليه السلام عصابتان من امتي احرزهما الله من النار عصابة تغزه الهند وعصابة تكون مع عيسى إبن مريم ومنها قوله عليه السلام يخرج الدجال في امتي فيمكث أربعين سنه فيبعث الله تعالى عيسى بن مريم كأنه عروة بن مسعود الثقفي فيطلبه فيملكه ثم يمكث الناس سبع سنين ليس بين اثنين عداوة ثم يرسل الله ريحا باردة من قبل الشام فلا يبقى على وجه الأرض أحد في قلبه مثقال ذرة من الأيمان الا قبضته حتى لو أن أحدكم دخل في كبد جبل لدخلت عليه حتى تقبضه فيبقى شرار الناس في خفه الطير واحلام السباع لايعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا فيتمثالهم الشيطان فيقول الا تستجيبون فيقولون بما تأمرنا فيأمرهم بعبادة الأوثان فيعبدونها وهم في ذلك دار رزقهم حسن عيشهم ثم ينفخ في الصور فلا يسمعه أحد الا اصفى ليتا ورفع ليتا وهو بكر اللام صفحة العنق وأول من سمعه رجل يلوط حوض ابله فيصعق ويصعق الناس ثم يرسل الله مطرا كأنه الطل فينبت منه اجساد الذين ماتوا ثم ينفخ فيه أخرى فاذا هم قيام ينظرون ثم يقول يايها الناس هلموا إلى ربكم وقفوهم أنهم مسؤلون ثم يقال أخرجوا بعث النار فيقال من كم فيقال من كل الف تسعمائه وتسعين فذلك يوما يجعل الولدان شيبا وذلك يوم يكشف عن ساق رواه أحمد ومسلم عن إبن عمر فأن قلت هل يكون عيسى عليه السلام مجتهدا مطلقا في القضايا والأحكام أو يكون عاملا بالوحي والالهام يحتمل الأمرين وعلى التقديرين يكون أحكامه قطيعه لا ظبيه لأن الأنبياء ولو وقع منهم الخطأ لم يستقروا عليه بل نبهوا بالأبناء والله أعلم بحقائق الأشياء ثم أعلم أنه ورد في مسند حذيفة بن اليمان قلت يارسول الله الدجال قبل عيسى بن مريم قال الدجال ثم عيسى بن مريم ثم لو أن رجلا انتج فرسا لم يركب مهرها حتى تقوم الساعة وقد تقدم أن أول والآات ظهور المهدي ثم الدجال ثم عيسى ثم خروج ياجوج وماجوج وآخر الآيات طلوع الشمس من مغربها ثم يكون النفخة الأولى على شرار الخلق ممن لم يقل لا اله إلا الله ثم تقع النفخة الثانية وبين النفختين أربعون سنه كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم ويقول الحق فيها لمن الملك اليوم فيجيب بذاته لله الواحد القهار حيث لم يكن في الدار غيره ديار وكذا الآن في نظر ارباب الشهود سوى الله الله مافي الوجود وهذا معنى قولهم كان الله ولم يكن معه شيء والآن على ما عليه كان وهذا يحتاج إلى بسط في البيان فصرفنا عنه العنان ورجعنا إلى معنا ما ورد في بعض الروايات أن عمر الدنيا سبقه الآف سنه وأن نبينا صلى الله عليه وسلم في الألف السابع ولذا يقال له نبي آخر الزمان وقد تعدى عن الألف ثلاثة عشر سنه في هذا الآوان فلابد أن يقع اشراط الساعه قبل تحقيق القيامه فيحتاج إلى اطالة المده تكمله العده والعده والتحقيق ماذكره شيخ مشايخنا الجلال السيوطي رحمه الله في رسالته الكشف في محاورة هذه الأمه الالف الا أنه لايتجاوز عن الخمسمائة ليصح ماثبت في الحديث فأنه فذكر العدد ويسقط كسره من المدد كما ورد في رواته أن عمره عليه السلام ستون سنه مع أن الصحيح ثلاث وستون كما في رواية وأما رواية خمس وستين فمحموله على اعتبار عام الولاده وسنة الوفاة فهنا كذلك يتعين أن يحمل على اسقاط الكسر والكسر لايكون أكثر من النصف فإنه يلزم حينئذ أن يكون عمر الدنيا ثمانية الآف أما مع الكسر أو الجبر وقد أخرج نعيم إبن حماد عن أبي قبيل قال اجتماع الناس على المهدي سنه أربع وما تبين يعني بعد الألف السابع ويكون بقية اشراط الساعة تقتضي قبل الخمسمائة وكذا ما أخرجه نعيم أيضا عن جعفر قال يقوم المهدي سنه ماتبين هذا وقال أبو الحسن محمد بن الحسين إبن إبراهيم بن عاصم السنجري قد تواترت الأخبار واستفاضت بكثرة رواتها سيد الأخيار وسند الأخبار بمجيء المهدي المختار أنه من أهل بيته وأنه سيملك سبع سنين وأنه يملأ الأرض عدلا وأنه يخرج مع عيسى عليه السلام فيساعده على قتل الدجال بباب لد بارض فلسطين وانه يوم هذه الأمه وعيسى يصلي خلفه في طول من قصة وأمره وهذا كله باعتبار الأجمال في زمان الساعة وما يرتب عليه من الأحوال والا فقد قال تعالى يسألونك عن الساعه أيان مرسها فم انت من ذكرها إلى ربك متنهاها وفي آية أخرى قل إنما علمها عند ربي لايجلبها لوقتها الا هو وفي أخرى وما يدريك لعله الساعه تكون قريبا وفي آخرى أن الله عنده علم الساعة وهي من مفاتيح الغيب خمس لايعلمهن الا الله كما ورد في حديث وفي حديث جبريل عليه السلام لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم أخبرني عن الساعه قال ما المسؤل عنها باعلم من السائل قال فاخبرني عن اماراتها الحديث والحاصل أن ساعة القيامة بعينها لا يعرفها الا الله ولا يطلع على حقيقتها سواه كما قال تعالى أن الساعه آتيه اكاد اخفيها أي اخفيها علاماتها لحكمة في اغفاء حالاتها أو اقرب أن أخفيها فلا أقول أنها آتية بما فيها ولولا ما في الأخبار من اللطف والأعذار لما أخبرت بها وأخترت الأسرار لايفاض جملة الاسرار أو المعنى اكاد أخفيها عن نفسي كما قرى بها أي لو كان ممكنا أخفاؤها وفي الجملة اظهر الله * وأخفى الله زمانها * كل نفس بما تسعى قبل اوانها تعظيما * في اخفاء بيانها ونسأل الله حسن الخاتمة في الحالة اللاحقة وأن كان المدار على الأمور السابقة والحمد لله على ما اسبغ علينا من نعمه الظاهره والباطنه وجعلنا فيما بين الخلق من خير الأمم وأتباع النبي المكرم والرسول المعظم وانعم علينا بموافقة مذهب أهل السنه والجماعة وأن كنا مقصرين في مقام الطاعة فتربوا على كرمه من كرمه العمم ولطفه القديم أن يحفظنا من الفضيحة واشناعه كما قال القائل لقد أحسن الله فيما مضى كذلك يحسن فيما بقى وهو أحسن قلنا * الاكرمين وأرحم الراحمين * في هذا الكلام ووصل في مقام المرام وهو أنه عار خفي في هذه القضية من هو عن الفضيله بالكليه بل هو حال عن أدراك علم الباطن والظاهر وفي صورة الفرخ في سماء علاء الطائر وأبرز نقلا مما كتب في قفاء الدفاتر الذي يدرك بطلانه ذو العقل القاصر والفهم الفاتر ومع هذا منقول من كتاب مجهول وقد صرح الإمام إبن الهمام بأنه لايجوز نقل المسائل الشرعية عن غير الكتب المتداولة يستوي منه العلوم الأصليه والفرعيه ثم الفاظه ومبانيه مع ذلك في غاية من الركاكه الدالة على بطلان معانيه وما أنا أذكر لك جميع ما فيه لتحيط علما بما يوافقه وما ينافيه حيث قال ولم يخش ما عليه من الوبال والمائل من غضب الملك المتعال أعلم أن الله تعالى قد حسن أبا حنيفة رضي الله عنه بالشريعة والكرامة ومن كراماته أن الخضر عليه السلام كان يجيء اليه كل يوم وقت الصبح وتعليم منه أحكام الشريعة إلى خمس سنين فلما توفي أبو حنيفة ناجى خضر ربه وقال الهي أن كان لي عندك منزلة فاذن لأبي حنيفة حتى يعلمني من القبر على حسب عادته حتى أعلم بشرع محمد صلى الله عليه وسلم على الكمال ليحصل إلى الطريقة والحقيقة فنودي أن أذهب إلى قبره وتعلم منه ما ثبت فجاء الخضر عليه السلام إليه وتعلم منه ماشا كذلك إلى خمس وعشرين سنه أخرى حتى اتم الدلائل والأقاويل ثم ناجى خضر عليه السلام ربه وقال الهي ماذا اصنع فنودي أن أذهب إلى صفائك واشتغل بالعباده إلى أن يأتيك امري إلى أن أذهب إلى البقعه الفلاني وعلم فلانا علم الشريعة ففعل خضر عليه السلام ما أمرتم بعد المدة ظهر في مدينة ما وراء النهر شاب كان اسمه أبا القاسم القشري وكان يخدم لأمه ويحترمها ثم أنه قال وقتا من الأوقات لأمه يااماه قد حصل لي الحرص على طلب العلم وقد قال على كرم الله وجهه من كان في طلب العلم كانت الجنة في طلبه فاذن لي حتى أذهب الى بخارا واتعلم العلم فتفكرت والدته وقالت أن لم اعطه الأذن اكون مانعه الخير وان اذنت له لم اصبر على فراقه فلم يكن لها بد حتى اذنت له فودع القشيري وعزم على السفر مع ثبات صاحب له يطلبان العلم فقعدت أمه على الباب باكية حزينة وقالت الهي اشهد أني حرمت على نفسي الطعام والشراب والمنزل ولا اقوم من مقامي حتى أرى ولدي فمضى القشيري وصاحبه حتى نزلا في منزل لياكلا فيه طعاما فقام القشيري ليقضي حاجته فتلوث ثيابه ببوله وقال لصاحبه أذهب أنت فأني أريد أن ارجع فقال له صاحبه لم ترجع قال لأن هذا السفر ليس مبارك لي وقد أصاب لثيابي النجاسه في أول المنزل وأخاف أن يصيب النجاسة لجسمي في المنزل الثاني ويصيب روحي في الثالث فقعودي عند والدتي اولى ورجع إلى امه وكانت قاعدة على مكانها التي ودعت ابنها فقامت وتصافحت مع ولدها وقالت الحمد لله فأمر الله تعالى الخضر عليه السلام أن أذهب إلى القشيري وعلم ما تعلمت من أبي حنيفة لأنه ارضى أمه فجاء الخضر إلى أبي القاسم وقال أنت اردت السفر لأجل طلب العلم وقد تركته لرضاء امك وقد امرني الدم أن اجيء اليك كل يوم على الدوام وأعلمك فكل يوم تجيء اليه الخضر عليه السلام حتى * ثلاث سنين وعلمه العلوم الذي تعلم من أبي حنيفة في ثلاثين سنة حتى علمه علم * والدقائق ودلائل العلم وصار مشهور دهره وفريد عمره حتى صنف الف كتاب وصار صاحب كرامه وكثر مريدوه وتلاميذه فكان له مريد كبير متدين لايفارق الشيخ فعد له الشيخ الف كتاب من مصنفاته ووضعه في الصندوق واشعلى لذلك المريد وقال قد بدا لي أمر فاذهب وارم هذا الصندوق في نهر جيجون فحمل المريد الصندوق وخرج من عند الشيخ وقال في نفسه كيف ارى مصنفات الشيخ في الماء لكن اذهب واحفظ الكتب واقوله للشيخ رمتها وحفظ الكتب وجاء قال الشيخ رميت الصندوق إلى الماء وقال الشيخ وما رأيت في تلك الساعه من العلامة قال ما رأيت شيئا قال الشيخ اذهب وارم الصندوق فذهب المريد إلى الصندوق وأراد يرميه فلم يهن عليه ورجع إلى الشيخ مثل الأول فقال رميته قال نعم وما رأيت قال لم ار شيئا قال الشيخ وما رميته فاذهب وارمه فأن لي فيها شرا مع الله ولاتزد أمري فذهب المريد ورمي الصندوق فخرج من الماء يد وأخذ الصندوق قال المريد له من أنت فنادى من الماء أني وكلت لأن أحفظ امانة الشيخ فرجع المريد وجاء إلى الشيخ فقال الشيخ رميت قال نعم قال وما رأيت قال رأيت الماء قد انشق وخرج منه يد وأخذ الصندوق وقد صرت متحيرا وما السر في ذلك قال الشيخ السر في ذلك انه إذا قربت القيامة وخرج الدجال ونزل عيسى ببيت المقدس ويكون امام المسجد رجل صالح من آل بيت علي رضي الله تعالى فيعلم عيسى عليه السلام ويقول قدم إلى المحراب وصل بنا فيقول عيسى عليه السلام أني حييت تابعا لشرع محمد صلى الله عليه وسلم بل أنت صل بنا فيصلي بهم فإذا فرغ من الصلاة بأمرهم أن يركبوا ويقصدوا الدجال فيقتله وينهزم عسكره ويقتلهم المسلمين فإذا فرغوا من قتلهم فيضع عيسى عليه السلام الأنجيل بجنبه ويقول أين الكتب المحمدي وقد أمرني الله تعالى أن امتكم بينكم يكتبه ولا أحكم بالأنجيل فيطلبون الدنيا ويطوفون البلاد فلم يوجد كتاب من كتب شرع محمد فيتحير عيسى عليه السلام ويقول الهي بماذا أحكم بين عبادك ولم يوجد كتاب غير الأنجيل فينزل جبريل عليه السلام ويقول فتأمر الله ان يذهب إلى نهر جيحون ويركع بجنبه ركعتين وتنادي يا أمين صندوق أبي القاسم القشيري سلم إلى الصندوق مع الكتب وأنا عيسى بن مريم وقد قتلت الدجال فيذهب عيسى عليه السلام إلى جيحون ويصلي ركعتين ويقول مثل ما أمره جبريل عليه السلام فينشق الماء ويخرج الصندوق ويأخذه ويفتحه ويجد فيه ختمه والف كتاب فيجيء الشرح بذلك الكتب ثم سأل عيسى عليه السلام عن جبريل بم نال أبو القاسم هذه المرتبة فقال برضاء والدته والله أعلم بالصواب من كتاب انيس * انتهى ولا يخفى أن هذا من كلام بعض الملحدين الساعي في فساد الدين إذ حاصله أن الخضر الذي قال تعالى في حقه عبدا من عبادنا اتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما وقد تعلم موسى عليه السلام بعض العلوم منه بما اوتي حلما من جملة تلاميذ أبي حنيفة ثم عيسى عليه السلام يأخذ احكام الأسلام من تلميذ تلميذ أبي حنيفة في ذلك المقام وما اسرع فهم التلميذ حيث أخذ عن الخضر في ثلاث سنين ماتعلمه الخضر من أبي حنيفة حيا وميتا في ثلاثين وأعجب منه أن أبا القاسم القشيري ليس معدودا في طبقات الحنفية وإنما هو أحد اكابر الشافعية ثم العجب من الخضر أنه أدرك النبي عليه السلام ولم يتعلم منه الإسلام ولا من علماء الصحابة الكرام كعلي باب مدينة العلم وزيد افرضهم واقضى الصحابه وزيد افر منهم * اقرا القرآء ومعاذ بن جبل الأعلم بالحلال والحرام ولا من التابعين العظام كالفقهاء السبعه وسعيد بن المسيب بالمدينة وعطاء بمكة والحسن بالبصرة ومكحول بالشام وقد رضى بجهله بالشريعة الحنفية حتى تعلم مسائلها بدلائلها في آواخر عمر أبي حنيفة فهذا مما لايخفى بطلانه على العقول السخيفه والفهوم الضعيفه بل لو أطلع على وجه السخريه وجعلوها وسيله في قله عقل الطائفة الحنفية حيث لم يعلموا أن أحدا منهم لم يرض لهذه القضية بالكليه ثم لو تعرضت لما في منقوله من الخطاء في متباينه ومعانيه الداله على نقصان معقوله لصار كتابا مستقلا في رد محصوله الا أني اعرضت عنه صفحا لقوله تعالى خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين وقال عز وجل فاعف عنهم واصفح أن الله يحب المحسنين وقد جمعت ما ورد في الخضر وسميته يكشف الحذر وبينت فيه أنه النبي على القول الأكثر بل وقيل أنه مرسل عند بعض أهل الأثر فبطل قول القائل بل وكفر فيما أظهر لاسيما فيما أبرز بالنسبة إلى عيسى عليه السلام المجمع على نبوته سابقا ولاحقا فمن قال بسلب نبوته كفر حقا كما صرح به السيوطي لأن النبي لايذهب عنه وصف النبوة ابدا ولا بعد موته وأما حديث لا وحي بعدي فباطل لا اميل له نعم ورد لابني بعدي ومعناه عند العلماء أنه لايحدث بعده نبي * شرعه فإن قلت وكيف طريق عيسى عليه السلام في تبعيد الأحكام فاعلم أن العلماء اجمعوا على أنه يحكم بشرع نبينا صلى الله عليه وسلم ومن المقرر عند الفقهاء أن المقلد لايقلد مجتهدا فإذا كان المجتهد من أحاد الأمه لايقلد فكيف يظن بالنبي أنه يقلد لا يقال تعين حينئذ القول بأنه يحكم بالاجتهاد فأنا نقول لم يتعين ذلك فأن نبينا صلى الله عليه وسلم كان يحكم بما أنزل إليه في القرآن ولا يسمى ذلك أجتهادا كما لايسمى تقليدا والدليل على ذلك أن العلماء حكوا خلافا في جواز الأجتهاد للنبي صلى الله عليه وسلم فكان حكمه بما يفهمه من القرآن لو يسمى اجتهادا لم يتجه حكاته الخلاف والحاصل أن نبينا صلى الله عليه وسلم كان نبينا لما في القرآن من مشكلات الفرقات كما يشير اليه قوله تعالى لتبين للناس مانزل إليهم ولعلهم يتفكرون فالظاهر أنه كان التبيين حاصل له من غير تفكر بخلاف غيره وجوز بعضهم الاجتهاد له حيث لايفهم معناه من القرآن ومبناه لكنه يوحي خفي وهو الهام رباني لقوله تعالى وما ينطق عن الهوى وأختلفوا في جواز خطائه في الاجتهاد مع الاتفاق انه لايبقى ولا يقر عليه لما يترتب من الفساد في الاعتقاد ثم أعلم أنه جوز أنه يكون عمل عيسى عليه السلام وفق علمه اليقين في الأحكام فقد ذكر الحافظ الجلال السيوطي أن جميع الأنبياء عليهم السلام قد كانوا يعلمون في زمانهم جميع شرايع من قبلهم ومن بعدهم بالوحي من الله تعالى على لسان جبريل وبالتنبيه على بعض ذلك في الكتاب الذي أنزل عليهم وحاصله القطع بأن الله تعالى بين لأنبيائه جميع ما يتعلق بهذه الامه من أحكام واقعه أو حادثه وأن عنهم بطريق الوحي من الله من غير احتياج إلى أن ياخذوه باجتهاد * عن تقليد فأن قلت يلزم عليه أن يكون كل ما في القرآن مضمنا في جميع الكتب السابقة قلت لا مانع من ذلك بل دلت الادلة على ثبوت هذه الملازمة قال تعالى وأنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين إلى قوله وأنه لفي زبر الاولين وقد نص على هذا بعينه الأمام أبو حنيفة حيث استدل بهذه الآية على جواز قراءة القرآن بغير اللسان العربي وقال أن القرآن مضمن في الكتب السابقة وهي بغير اللسان العربي ومما يشهد لذلك وصفه تعالى للقرآن في عدة مواضع بأنه مصدق لما بين يديه من الكتب فلولا أن مافيه موجود فيها لم يصح هذا الوصف فاذا عرفت ذلك فيمكن أن ينظر عيسى عليه السلام في القرآن فيفهم منه جميع الاحكام المتعلقة بهذه الشريعة من غير احتياج إلى مراجعه كما فهم النبي صلى الله عليه وسلم بفهمه الذي اختص به ثم شرحها لامته في السنه وافهام الأمة يقصر عن ادراك ما ادركه النبوه كما قال بعض ارباب الحال جميع العلم في القرآن لكن تقاصر عنه افهام الرجال وعيسى عليه السلام نبي فلا يبعد أن يفهم من القرآن كفهم النبي صلى الله عليه وسلم ويحكم به وأن خالف الأنجيل ويؤيده قول الشافعي جميع ماحكم به النبي صلى الله عليه وسلم فهو مما فهمه من القرآن * ما أخرجه الطبراني في الأوسط من حديث عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أني لا أحل ما أحل الله في كتابه ولا احرم الا ما حرم الله تعالى في كتابه وقد قال تعالى وأنزلنا إليك الكتاب تبيانا لكل شيء وقال تعالى ما فرطنا في الكتاب من شيء هذا وقد صرح السبكي في تصنيف له مانصه إنما يحكم عيسى بشريعة نبينا صلى الله عليه وسلم بالقرآن والسنه وحينئذ فيترجح أن أخذه للسنة من النبي صلى الله عليه وسلم بطريق المشافهه من غير الواسطة أو بطريق الوحي والالهام تصحيح ماثبت عنه عليه السلام في جميع الأحكام وروى عن أبي هريرة هريرة أنه لما أكثر الحديث وأنكر عليه الناس قال لئن أنزل عيسى بن مريم قبل أن أموت لاحدثنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيصدقني فقوله يصدقني دليل أن عيسى عليه السلام عالم بجميع سنة النبي صلى الله عليه وسلم من غير احتياج إلى أن يأخذها عن أحد من الأمة حتى أن أبا هريرة الذي سمع من النبي صلى الله عليه وسلم أحتاج إلى أن يلجأ إليه لصدقه فيما رواه ويزكيه فان قلت هل ثبت أن عيسى عليه السلام بعد نزوله يأتيه الوحي فالجواب نعم روى مسلم وغيره من حديث النواس بن سمعان قال ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال قال فبينما هم على ذلك إذ بعث الله المسيح إبن مريم فينزل عند المناره البيضاء شرقي دمشق واضحا يده على اجنحة ملكين فيتبعه فيدركه فيقتله عند باب * الشرقي فبينما هم كذلك اوحى الله تعالى إلى عيسى بن مريم أني قد اخرجت عبادا من عبادي لايد ان لك بقتالهم فحرز عبادي إلى الطور فيبعث الله ياجوج وماجوج الحديث ثم الظاهر أن الجائي إليه بالوحي اليه هو جبريل بل هو الذي يقطع به ولا يتردد فيه لأن ذلك وظيفته وهو السفر بين الله تعالى وبين انبيائه لايعرف ذلك لغيره من الملائكة وقد أخرج أبو حاتم في تفسيره وكل جبريل بالكتب وبالوحي إلى الأنبياء وأماما أشتهر على السنة العامه أن جبريل لاينزل إلى الأرض بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم فلا أصل له ومما يدل على بطلانه ما أخرجه الطبراني في الكبير عن ميمونة بنت سعد قالت قلت يارسول الله هل يرقد الجنب قال ما أحب أن يرقد حتى يتوضأ فأني أخاف أن يتوفى فلا يحضره جبريل فهذا الحديث يدل على أن جبريل نزل إلى الأرض ويحضر موت كل مؤمن من حضره الموت وهو على طهارة وقد قال الضحاك في قوله تعالى تنزل الملائكة والروح فيها باذن ربهم الروح هنا جبريل وأنه نزل هو والملائكة في ليلة القدر ويسلمون على المسلمين وذلك في كل سنه وأخرج نعيم بن حماد في كتاب العين والطبراني عن إبن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم في وصف الدجال قال فعمر بمكة فاذا هو بخلق عظيم فيقول من أنت فيقول أنا ميكائيل بعثني الله لامنعه من حرمه ويمر بالمدينة فإذا هو بخلق عظيم فيقول أنا جبريل بعثني الله لامنعه من حرمه ثم وقفت على سؤال رفع إلى شيخ الإسلام إبن حجر العسقلاني صورته ماقولكم في قول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل عيسى بن مريم في آخر الزمان حكا قيل ينزل عيسى عليه السلام حافظا لكتاب الله القرآن العظيم ولسنة نبينا الكريم أو يتلقى الكتاب والسنة عن علماء ذلك الزمان ويجتهد فيها فاجاب بما نصه لم ينقل في ذلك شيء صريح والذي يليق بمقام عيسى عليه السلام أنه يتلقى ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فحكم في امته كما تلقاه عنه لأنه في الحقيقة خليفة عنه والله أعلم وقد سئل إبن قيم الجوزية عن حديث لا مهدي الا عيسى بن مريم فكيف يأتلف هذا مع أحاديث المهدي وخروجه وما وجه الجمع بينهما وهل صح في المهدي حديث أم لا فقال أما حديث لا مهدي الا عيسى إبن مريم فرواه إبن ماجه في سننه عن يونس بن عبد الأعلى عن الشافعي عن محمد إبن خالد الجندي عن ابان بن صالح عن الحسن عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو مما تفرد به محمد بن خالد قال محمد بن الحسين الاسنوي في كتاب مناقب الشافعي محمد بن خالد هذا غير معروف عند أهل الصناعة من أهل العلم والنقل وقد تواترت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذكر المهدي أنه من أهل بيته وقال البيهقي تفرد به محمد بن خالد هذا وقد قال الحاكم أبو عبد الله هو مجهول وقد اختلف عليه في اسناده فروى عنه عن ابان بن أبي عياش عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم قال فرجع الحديث الى رواية محمد بن خالد وهو مجهول عن ابان بن أبي عياش وهو متروك عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو منقطع والأحاديث في التنصيص على خروج المهدي اصح اسنادا قال أبو نعيم كحديث إبن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم لو لم يبق من الدنيا الا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث رجل مني أو من أهل بيتي يواطي اسمه اسمي واسم ابيه اسم أبي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح قال وفي أول الباب عن علي وأبي سعيد وام سلمه وأبي هريرة ثم روى حديث أبي هريرة وقال حسن صحيح انتهى وفي الباب عن حذيفة بن اليمان وأبي امامة الباهلي وعبد الرحمن بن عوف وعبد الله بن عمرو بن العاص وثوبان وأنس بن مالك وجابر وإبن عباس وغيرهم وفي سنن أبي داود عن علي أنه نظر الى ابنه الحسن فقال أن ابني هذا سيد كاسماه النبي عليه السلام ويستخرج من صلبه رجل يسمى باسم نبيكم يشبهه في الخلق ولا يشبهه في الخلق أي في كماله يملأ الأرض عدلا وعن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المهدي * اجلى الجبهة اقنى الأنف يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت كلما وجورا يملك سبع سنين رواه أبو داود باسناد جيد من حديث عمران بن داود القطان وقال حسن الحديث عن قتادة عن أبي الصديق الناجي عنه وروى الترمذي نحوه من وجه واحد وروى أبو داود من حديث صالح بن أبي مريم بن الخليل عن صاحب له عن أم سلمه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يكون أختلاف عند موت خليفة فيخرج رجل من أهل المدينة هاربا إلى مكة فيأتيه ناس من أهل مكة فيخرجونه وهو كاره فيبايعونه بين الركن والمقام ويبعث اليه بعث من الشام فيخسف بهم بالبيدا بين مكة والمدينة فاذا راى الناس ذالك اتاه ابدال الشام وعصائب أهل العراق فيبايعونه ثم ينشأ من قريش اخواله كلب فيبعث اليهم بعثا فيظهرون عليهم وذلك بعث كلب والخيبة غيمة كلب فيقسم المال ويعمل في الناس بسنة نبيهم ويبقى الأسلام بجرانه في الأرض فيلبت سبع سنين ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون ورواه الإمام أحمد باللفظين ورواه أبو داود من وجه آخر عن قتادة عن أبي الخليل عن عبد الله بن الحارث عن أم سلمة نحو ورواه أبو يعلى الموصلي في مسنده من حديث قتادة عن صالح بن الخليل عن صاحب له وربما قال صالح عن مجاهد عن أم سلمه والحديث حسن ومثله مما يجوز ان يقال منه صحيح أي لغيره وقال إبن ماجه في سننه حدثنا عثمان بن أبي شيبه حدثنا أبو داود الجعفري حدثنا ياسين عن إبراهيم بن محمد بن الحنفية عن أبيه عن علي مرفوعا المهدي من أهل يصلحه الله في ليلة وياسين وأن كان ضعيفا فحدثته يصلح للاعتضاد وان لم يصلح للاعتماد وفي سننه أيضا من حديث إبن لهيعة عن أبي زيد وعمر بن جابر الخضري عن عبد الله بن الحارث بن حسن الزبيدي مرفوعا يخرج ناس من أهل المشرق فيوطؤن للمهدي يعني سلطانه وذكر أبو نعيم في كتابه أخبار المهدي من حديث حذيفة مرفوعا لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لبعث الله فيه رجلا اسمه اسمي وخلقه خلقي يكنى أبا عبد الله ولكن في اسناده العباس بن بكار لايحتج بحديثه وقد تقدم هذا المتن من حديث إبن مسعود وأبي هريرة وهما صحيحان وعن أم سلمه قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولا المهدي من عثرتي من ولد فاطمة رواه أبو داود وإبن ماجه وفي اسناده زياد بن بيان وثقه إبن حبان وقال إبن معين ليس به بأس وقال البخاري في اسناد حديثه نظر وقال أبو نعيم حدثنا خلف بن أحمد بن العباس الرامهر مزي في كتابه حدثنا همام بن محمد إبن ايوب حدثنا طالوت بن عباد حدثنا سويد بن إبراهيم عن محمد بن عمر عن أبي سلمه بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه مرفوعا ليبعثن الله من عثرتي رجلا افرق الثنايا اجلي الجهة يملأ الأرض عدلا * المال ولكن طالوت * ضعيفان والحديث ذكرناه للشواهد وقال يحيى بن عبد الحميد الحماني في مسنده حدثنا قيس بن الربيع عن أبي حصين عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا لاتقوم الساعة حتى يملك ومعهم رايات سود يسألون الحق فلا يعطون فيقاتلون فينصرون فيعطون ماشاؤ اقلا يقبلونه حتى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي فيملأها قسطا كما ملئت جورا فمن ادرك ذلك منكم فليأتهم ولو جبوا على الثلج وفي اسناده يزيد بن أبي زياد وهو سيء الحفظ اختلط في آخر عمره وكان يقبل الفلوس والذي قبله لو صح لم يكن فيد دليل على أن المهدي الذي تولى من بني العباس وهو المهدي الذي يخرج في آخر الزمان بل هو مهدي من جملة المهدين وعمر بن عبد العزيز كان مهديا بل هو اولى باسم المهدي منه وقد قال عليه السلام عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من يهدي وقد ذهب الإمام أحمد في أحد الروايتين عنه وغيره إلى أن عمر بن عبد العزيز منهم ولا ريب أنه كان راشدا مهديا ولكن ليس بالمهدي الذي خرج في آخر الزمان فالمهدي في جانب الخير والرشد كالدجال في جانب الشر والضلال وكما أن بين يدي الدجال الأكبر صاحب الخوارق دجالون كذابون فكذلك بين يدي المهدي الأكبر مهديون راشدون القول الثالث أنه رجل من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم من ولد الحسن بن علي يخرج في آخر الزمان قال وقد امتلئت الأرض جورا وظلما فيملأها قسطا وعدلا وأكثر الأحاديث على هذا بدل وفي كونه من ولد الحسن سر لطيف وهو أن الحسن ترك الخلافه لله فجعل الله من ولده من يقوم بالخلافه الحق المتضمنه للعدل الذي يملأ الأرض وهذه سنة الله في عباده أنه من ترك شيئا لله عوضه الله أو اعطى ذريته أفضل مما تمناه وهذا بخلاف الحسين فإنه حرص عليها وقاتل عليها فلم يظفر بها هذا الفظ إبن القيم وهو ليس يقيم فإن الحسين حاشاه أن يكون حريصا على الخلافه ولا عازما على المقاتلة بل الزم بمطاله جماعة من الأمة أن يأتي الكوفه ويخلص المؤمنين عن ايدي الظلمه والفجره فوجب عليه الاتيان اليهم فلما اشرف عليهم خالفوا عهودهم ونكثوا وعودهم وقد ظفر حسين بسعادة الشهادة التي هي أحسن مراتب السيادة وكان أمر الله قدرا مقدورا وكان ذلك بالكتاب مسطورا قال وقد روى أبو نعيم من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعا يخرج رجل من أهل بيتي ويعمل بسنتي وينزل الله له البركة من السماء ويخرج له الأرض بركتها ويملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلما ويعمل على هذا الأمر سبع سنين وينزل بيت المقدس وروى أيضا من حديث أبي امامة قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر الدجال قال فتنعى المدينة الخبت كما ينعى الكبير خبت الحديد ويدعي ذلك يوم الخلاص فقالت أم شريك فأين العرب يارسول الله قال هم يومئذ قليل وجلهم بيت المقدس امامهم المهدي رجل صالح وروى أيضا من حديث عبد الله بن عباس مرفوعا لم تهلك أمة وأما في اولها وعيسى في آخرها والمهدي في وسطها فهذه أقوال أهل السنة وأما الرافضه والأمامية فلهم قول رابع وهو أن المهدي هو محمد بن الحسن العسكري المنتظر من ولد الحسين بن علي من ولد الحسن الحاضر في الامصار الغائب عن الأبصار الذي ورق العصار ونختم العصاء دخل سرداب سامرا طفلا صغيرا أكثر من خمسمائة سنه فلم تره بعد ذلك عين ولم يحس له بخبر ولا اثر وهم ينتظرونه كل يوم ويقفون بالخيل باب السرداب وتصيحون به أن يخرج اليهم أخرج يامولانا أخرج يامولانا ثم يرجعون بالخيبة والحرمان فهذا دابهم ودابة ولقد أحسن القائل وما آن للسرداب أن يلد الذي كلمتموه بجهلكم ما آنا فعلى عقولكم العفاء فانكم ثلثتم الضعفاء * ولقد اضحى هؤلاء عارا على بني آدم وضحكة يسخر منهم كل عاقل في العالم وأما مهدي المغاربه محمد بن تومرت فإنه رجل كذاب قال لم متغلب بالباطل ملك بالظلم والتغلب والتخيل فقتل النفوس واباح حريم المسلمين وسبي دراريهم واخذ أموالهم وكان شرا على الأمة من الحجاج بن يوسف بكثير وكان يودع بطن الأرض في القبور جماعة من أصحابه أحياء ويأمرهم أن يقولوا للناس أنه المهدي الذي بشر به عليه السلام ثم يردم عليهم لئلا يكذبوه بعد ذلك وسمى أصحابه الجهمية نفاه صفات الرب وكلامه وعلوه على خلقه واستوائه على عرشه وروته المؤمنين له بالأبصار يوم القيامة الموحدين واستباح قتل من حالفهم من أهل العلم والأيمان ويسمى بالمهدي المعصوم ثم خرج المهدي الملحد من ربه عبيد الله بن ميمون بالقداح أي من اراضي اليمن وكان جده يهوديا إبن بنت مجوسي فانتسب بالكذب والزور إلى أهل البيت وادعى أنه المهدي المبشر وملك وتغلب واستفحل أمره إلى أن استولت ذريته الملاحده المنافقون الذين كانوا أعظم الناس عداوة لله ورسوله على بلاد اليمن والمغرب ومصر والحجاز والشام واشتدت غربة الاسلام ومحنته ومصيبته بهم وكانوا يدعون الالهيه ويدعون أن للشريعة باطنا يخالف ظاهرها وهم ملوك القرامطة الباطنيه اعداء الرسل تستروا بالروافض والأنتساب إلى أهل البيت فدانوا بدين أهل الالحاد ولم يزل أمرهم ظاهر إلى أن انقذ الله الأمة * الاسلام بالملك صلاح الدين يوسف بن أيوب فاستنقذ الملة الاسلامية منهم وابادهم وعادت مصر دار اسلام بعد أن كانت دار نفاق والحاد في زمنهم والمقصود أن هؤلاء لهم مهدي واتباع إبن تومرت لهم مهدي والرافضة الاثنا عشريه لهم مهدي فكل من هذه الفرق يدعي في مهديه الظلوم الغشوم أو المستحيل المعدوم أنه الإمام المعصوم والمهدي المعلوم الذي بشر به النبي عليه السلام وأخبر بخروجه ونحن ننتظره كما ينتظر اليهود القائم الذي يخرج في آخر الزمان يعني الدجال الأكبر فتعلو به كلمتهم ويقوم به دينهم وملتهم وينتصرون به على جميع الأمم والنصارى ينتظر المسيح تأتي قبل يوم القيامة فيقيم دين النصرانية ويبطل سائر الاديان وفي عقيدتهم شرع المسيح الذي هواله حق من اله حق من جوهر ابيه الذي نزل لخاصنا إلى أن قالوا وهو مستعد للمجي قبل يوم القيامة فالملل الثلاث تنتظر اماما قائما يقوم في آخر الزمان ومنتظر اليهود هو الذي يتبعه من يهود اصبهون سبعون الفا وفي المسند مرفوعا أكثر اتباع الدجال اليهود والنساء والنصارى سطر المسيح عيسى بن مريم ولا ريب في نزوله ولكن إذا نزل كسر الصليب وقتل الخنزير واباد الملل كلها سوى ملة الاسلام اماتنا الله على ملة الأسلام ومتابعة نبينا محمد عليه السلام وحسبنا الله ونعم الوكيل .
Página 100