============================================================
وستل ابن سبعين العموم في التكليف، أو لكل نبيه يطلب رشده، ولا بهمل الأمر الأزلى في الله إذا جعلناه على الخصوص، أو لكل غافل عن مصالحه ورشده مع كونه في إمكانه تحصيل السعادة وفي قوته كسبها إذا جعلتاه بمعنى الشبيمه.
وقوله : (هل عمرك إلا كلمح).
هل: حرف استفهام ومطلبها يحث عن وجود الشيء: والعمر: هو المدة التى أعطيت للانسان في الدنيا.
واللمح: هى الخطفة التي يخطفها البصر في أول نظرة في الزمان الفرد الذي لا يسع قضيتين، كما تقول لحت فلائا، ولهحت كنا بمعتى آنه حطفه البصر ولم يحققه، ولا كرر التظر فيه زمائا ثانيا، وكأنها النظرة التى تقع فجأة من غير قصد، ولا تقدمتها نية، ولا ارادة.
ولذلك لا يطالب ها الإنسان في رؤية ذوى المحارم إلا إن كرر النظر بالقصد، وقد ضرب الله المثل بذلك في سرعة أمره الواقع في الكون الممكن في قوله تعالى: (وها أفرتا إلا واحدة كلنع بالبصر) [القمر: 50].
ولما كان الماضى من الأحوال التى يخبر عنها العبد من وقته الى أول أمره حير حاصل له في الحالة الراهنة، وكل ما تقدم من خير وشر قد ذهب، والمستقبل كذلك غير حاصل، ولا متبر في تلك الحالة بعيتها، قلم يعتبر وجود حال إلا الحاصل القائم بك في الزمان الفرد الذي أنت فيه على ما آنت عليه، فكأنه قال لك: الماضى من زمانك قد انقرض وذهب، المستقيل ليس ليجاده في كسبك، ولا هو حاضر عندك فمالك عمر إلا الحال القائم بك والحال القائم بك مثل لمحة البصر، فكيف تغتر بلمحة ذاهبة، وتتقطع عن السعادة الثابتة الأبدية4 ولما كانت الأحوال عرضا والعرض لا ييقى زمنين، والعرض الثني في الزمان الثاني هو خلق في ذلك الزمان بعينه، والأول قد انقرض، والأحوال تجدد على العبد الممكن في كل زمان فرده وهى تسيل بالذهاب، وتجديد الايجاد مثل سيلان الماء في الانخفاض وأسرع جعلها كلمح.
ولما كانت مخلوقة، والحق يعطيها في كل وقت، وذهاها لعينها، وليجادها لفاعلها جعلها كاعطاء (مكد لا سح)؛ فاعطاوها هو ليجادها من اللى والمكدي هو المنقطع وكان قطع الأحوال ذهابها في ذاتها.
وهذا معتى قوله : أو (إعطاء مكد لا سح).
Página 48