168

فلما سمع عمرو كلامه ازداد إعجابا بشهامته وصدق مودته ونظر إلى أبي خولة كأنه يستطلعه رأيه في الامر فإذا هو لم يكن أقل إعجابا بتلك الشهامة ولكنه لم يتمالك عن أن نهض وضم عبد الله إلى صدره وقبل رأسه وقال «بورك فيك من صديق صادق فإذا صارت خولة أختا لك فاقض لها ما أنت قاض».

فقال «إذا أمر مولاي بعثنا سعيد وهو في الكوفة مع بلال العبد فيقدمان إلينا فيكتب الأمير كتابه بأمره».

فقال عمرة «إن ذلك لك على الرحب والسعة» وأمر غلامه أن يمد عبد الله بما يريد مما يتعلق باستقدام سعيد.

فجهز عبد الله رسولا وكتب إلى سعيد يستقدمه ويبسط له واقعة الحال وأوصى الرسول أن يجعل طريقه بدمشق لأن سعيدا كان فيها فلعله لا يزال هناك.

واستاذن أبو خولة وابنته بالانصراف إلى بيته فأذن لهما فخرجا وخولة تفكر في قطام وكانت قبل هذه الجلسة تريد الانتقام منها ولكنها لما رأت ما كان من فشلها ازدادت حمأة انتقامها.على أنها تذكرت أن بلالا أقسم أن يقتلها ناهيك عن حقد سعيد عليها فعولت أن تستعطفه لكي يعفو عنها ويكتفي بما أصابها من الفشل والإهانة. وأما عبد الله فاستبقاه عمرو عنده بقية النهار وبات تلك الليلة ضيفا في دار الأمير قد ارتاح باله من كل قبيل. ولكنه كان يفكر في قطام وما أصابها من البلاء وكيف سيقت إلى السجن مهانة وقد انكشف أمرها وافتضح سرها فخفت نقمته عليها واكتفى بأن تبقى مسجونة حتى يرى ما يكون من أمرها بعد قدوم سعيد.

وفي الصباح التالي بعث عمرو إليه ليتناول الطعام معه فذهب وفي أثناء الطعام تحدثا بحديث قطام وعجوزها فذكر عبد الله ما يجول في خاطره من الشفقة عليها فقال له عمرو «إنه والله حلم لم يسبقك إليه معن.. وما ظنك بخولة هل تقول قولك؟»

قال «لا أظنها إلا على رأيي لا تواطؤ».

الفصل الرابع والمائة

الجريمة والفرار

فأحب عمرو أن يجرب ذلك فبعث إلى خولة فلما جاءت سألها عن رأيها في قطام فقالت مثل قول عبد الله تقريبا.

Página desconocida