165

فانخدعت قطام بسؤاله فأجابت على الفور «لم أسمعه إلا بعد سفر عبدي وكنت عازمة على إرسال غيره فلم أتمكن لمشاعل خصوصية انتابتني».

فتقدم حينئذ عبد الله وهو يكاد يرقص فرحا بخذلان قطام وقال «ولكن عبدك يا مليحة لم يسافر من الكوفة إلا بعد سفرنا لأنه إنما قدم الفسطاط ليخبر الأمير بخروجنا من الكوفة».

فأشار عمرو إليه فسكت وعاد هو إلى السؤال فقال «وزد على ذلك أن هذه العجوز تقول إنكما سمعتما ذلك الخبر منهما ليلة سفرهما فما تقولين بذلك».

فغلب الحنق على قطام فقالت «هذه عجوز حمقاء غلب عليها الخرف فلا يعتد بقولها».

فغضبت لبابة لعقوق قطام وإهانتها إياها على هذه الصورة وهي تعتقد فضلها عليها فقالت لها «وأنا لم أقل ذلك إلا بعد قولك ... تبا لك من امرأة خائنة. كيف تقولين إن الخرف غلب علي وأنت إنما غلب عليك النفاق».

فاشتد حنق قطام ولم تعد تعي ما تقول لفشلها وخجلها فقالت «اخرسي يا مجنونة ولا تتكلمي بين يدي».

فقالت لبابة «بل أنت مجنونة وأنت الخائنة وإذا لم تلزمي حدك أطلعت الأمير على كل سرائرك وفضحت أمرك».

فقالت «وماذا عسى أن تقولي وأنت خادمة لا يعتد أحد بأقوالك».

وكانت لبابة قد تحققت وقوع قطام في شر أعمالها فأرادت أن تخلص نفسها وتنجو بحياتها فلم تر ذريعة أهون عليها من إيقاع قطام بإباحة أسرارها بالإقرار. ولا غرابة في ذلك فإن من كان مثلها ميت الضمير سيئ الخلق لا ذمام يزجرها ولا عقل يعقلها يسهل انقلابها من الشيء إلى ضده فقالت «على الفور إن أسرارك كلها تحت قدمي هذه وإذا أذن مولاي الأمير كشفت له كل شيء».

فسرت خولة وعبدالله لذلك الخصام. أما عمرو فرأى لحسن سياسته وتعقله أن خولة ممن يحرص على بقائهم وأنها إذا كانت على دعوته لا يخشى انقلابها. وأما قطام فإنها إذا أخلصت له اليوم لا يأمن أن تخونه في الغد فقال للعجوز «قولي يا خالة ما تعرفينه».

Página desconocida