لا
لا
لا
لا
لا
لا.
هل هو الذي صرخ؟ متى وقفت على رجلي؟ متى قفزت في الهواء صارخا؟!
الذي يعيه تماما ويعرفه أن سنيلا التفتت يمنة ويسرة باحثة عن مصدر النداء، ثم في برق ارتدت تمائمها واختفت بين الأشجار، وكأنها طيف لا أكثر، مجرد طيف ...
بكل هدوء جلس، أسند ظهره على ساق شجرة المانجو، وأخذت تطوف بمخيلته أطياف شتى وظلال داكنة لا حصر لها، على التنبيهات المتزامنة مع نعيق غراب على صفصافة بالشط، نهض، أخذ يبحث عنها، قبل لحظات كانت هنا، وقبل لحظات لم تكن هنا، على هذا الرمل أثر أقدامها، لا شك فيه، هنا وضعت قصبها وقلائدها، خاض في الماء إلى أن ابتلعه تماما، كان يبحث عن دفء جسمها، عن ذرات الماء التي عانقت خصرها، وعندما أحس بنفسه يختنق خرج في خطوات بطيئات هادئات، ثم اختفى بين الأشجار والماء يقطر من ملابسه، اختفى.
هذا الجزء من الغابة لم يره من قبل، ولكنه في الحقيقة ليس سوى تكرار ممل لذات الجزء الشرقي حيث كهفه، نفسها عينة الأشجار والأعشاب، التربة الصخرية، واكتشف أن المسافة ما بين البحيرة والقرية ليست بالشاسعة كما كان يخيل إليه. بعد مسيرة نصف الساعة هبوطا، عبورا، صعودا، تعثرا، رأى القرية تنام تحته، أكواخها المتفرقة المبنية من البامبو، أخشاب المهوقني والتك، أزقتها الضيقة ثعبان أسطوري يتلوى بين الأكواخ حاضنا إياها في أبد ساكن.
Página desconocida