قالت هاشي ما في ذاتها وهي تعيد شريط الذكريات: البونا على حق، ماذا لو انكفأت هذه العربة بنا الآن؟ نصبح أول ضحايا للحضارة.
من منا سينجو؟
كانت تراقب رأسه وهي تهتز كلما قفزت العربة على جذع أو حفرة: أبرص حكيم.
توقفت العربة قرب جمع من المحاربين يدفنون خورا يعترض طريق العربة، وعلى ما يعتقد أن شركة الأخشاب الوطنية كانت تستخدم كوبرى جوالا وعند رحيلها أخذته معها. عند هذا الخور قضى مجلس القرية المسافر ليلته وليمة للبعوض والقراد الأسود العبيط، أشعل المحاربون نارا مدخنة لطرد الطائر من الحشرات وإبعاد كلب السمع والحيوانات المفترسة الأخرى بعيدا، وكانت فرصة ذهبية لمجلس القبيلة المسافر للنقاش مع مستر جين بشأن مستقبل الدغل وقبيلة «لالا» المتطلعة دوما للمجد والمتشعبطة بركب الحضارة تشعبطا.
وهي الليلة المباركة نفسها التي أقنع فيها مستر جين بفتح بيت للتعليم بسنتا، الذي طرد منه فيما بعد عندما أخذ يعلم أطفالهم - على حد قولهم - ما لا يفيد، إنه يعود بهم إلى الوراء سنوات كثيرة. وهي الليلة المشئومة، التي شهدت أول تمرد من قبل المحاربين تجاه مجلس قبيلتهم الموقر، كان المحاربون يعملون بكد وجهد في دفن ما يمكن العربة من عبور الخور، وكانوا يقطعون الأخشاب الجافة لوضعها على النيران لكي لا تنطفئ، وكلما عطشوا شربوا الدنبا، وكلما جاعوا شووا صيدهم من الأرانب والغزلان، ولكنهم على ما يبدو ليسوا براضين عما يفعلون؛ لأن «ينبو» هذا محارب مشاكس ذو بنية جسدية أسطورية، وكان يرغب في الهجرة إلى مدينة نيلوا لتلقي العلم مع صديقيه قاشي وتيوفو، ولكن رؤية مجلس القرية فيه بأنه يصلح لحماية «إبط الشيطان» والقرية، وهو أكثر فائدة بالدغل، ونسبة لميوله الفوضوية رئى أنه سيفسد في المدينة. تنبه إلى حقيقة أن مهمة المحارب هي الدفاع عن القرية والحرب، وليست الأعمال الشاقة، الآن نحن نقدم خدمة للقرية، لمكانة القرية، لرفعتها. - لا، من يرجى منهم تقديم خدمة تساهم في رفعة القرية ومكانتها ليس نحن، إنهم هنالك وراء الدغل منعمون يقرءون ويكتبون، ألم تشاهدوا بأم عينيكم سامبا ولد مزاكي عندما عاد لرؤية قبر والده، هل كان يشبهكم؟
هل كان يشبه سامبا نفسه صديقنا الذي قرصته الكراواوا في أذنه عشر مرات ورغم ذلك استطاع أن يأخذ طعامها؟ قال له محارب شاب: أنت تعبت يا ينبو، وغلبك العمل لا أكثر، وإلا فلكل شخص دوره في الحياة.
ضحك ينبو بصوته الغليظ قائلا: أنت تفهم جيدا، إذن نحن لحماية القبيلة وللحرب.
ولكن ينبو جمع حوله أفرادا ليسوا بالقليل من المحاربين أعلنوا: إننا لن نتعاون، واكتفوا بالشواء وشراب الدنبا. ثم اقترح «نووا» حفلة، وغنوا الأغاني التي ليس من الذوق غناؤها أمام الشيوخ والأعيان، إنها أغنيات قلة الأدب، أغاني المحاربين بعيدا عن القرية في رحلات الصيد، أو عند إبط الشيطان ليلا، وفي رحلات مراقدة فتيات «الكا»، سمعها الكواكيرو وفريقه، صاح الكواكيرو: اصمتوا يا هؤلاء، ألا تحترموا آباءكم؟
ولكن ينبو بصوته الغليظ الأجش الأشتر صاح مغنيا:
شيء المحارب.
Página desconocida