هل كانوا سينقلبون قليلا جهة اليسار إذا هي حنت رأسها قليلا جهة الشرق، اندلقت خصلاتها الشقراء على نهديها؟ وهل إذا انتهرت عضلة واحدة بردفها وأرقصتها بإيقاع خفيف مموسق، بزفير ثمليخا ذلك الحاطب التعب المرهق الذي استراح، أو شاء له أن ...؟
أكل لحم الذئب المشوي شواء رديئا على عجل، وشرب قليلا من جعة الأناناس قبل أن يأخذ كاميرته وملحقاتها، يغلق الكهف بغصن من الشوك كبير، يتجه بخطى عجلة نحو البحيرة، سأقوم بتصويرهما هذه المرة، يجب على الصادق أن يرى مثل هذا الرقص الذي لا يشبه الرقص.
في دخيلة نفسه كان يعرف أن الصادق سيهتم أيضا بساقي الفتاتين العاريتين، سيهتم بسوقهن، سيهتم بالرقص، سيهتم بسوقهن. كمن في مخبئه قرب البحيرة، نصب كاميرا كوداك صوب موقع أداء الرقصة السابقة، مرن نفسه بتصوير البحيرة، انحناءات الأغصان بتأثير ريح خفيفة ناعمة، تهب من جهة الجنوب الغربي، صور سربا من أطيار ذات أرياش جميلة، ألوان زاهية كانت تحلق على سطح البحيرة الممتد أميالا في أفق ينتهي بأشجار عالية بعيدة. ثم قرر أن يحتفظ بطاقة بطاريته الجافة لتسجيل رقص البنتين، لربما سترقص اليوم الفتاة المترجمة، ستحضران حالا بين لحظة وأخرى، لقد حضرتا بالأمس في نفس هذا الوقت إلى ذات البحيرة.
ستحضران حالا، سترقصان حالا بذات النشاط.
تلهى بالأشياء حوله، ينتظرهما، لكن الزمن سيمضي ممثلا في عقارب ساعته، واستدارت الشمس نحو الغرب وهو لا يحس بذلك، أو كان يخدع نفسه ويسقطها في فخاخ استراتيجية عميقة بتكتيك عسكري كان يصدر لهما الأوامر؛ ستحضران حالا.
حان حضورهما واستسلم لإرهاب العاطفة وتخدير المخ، الموقع بالأمل في الحضور الفوري، الرقص الفوري، العري الفوري، العري العظيم المقدس.
كمدمن في انتظار جرعة مخدر تأخرت، كحبلى على فراش الولادة في انتظار الطلق، كان كلا يدري.
في تلك اللحظات تكثفت حاجات العمر كله في أمل واحد لا غير، ضاق الكون بما فيه، انكمش، متمثلا في عضلة تنتفض على إيقاع بنت، عضلة في ردف جنية، غناء الأطيار، ألحان المغنين كلهم، موسيقى الطبيعة، نغمة من فيه صبية البحيرة.
لحظة هي المدد عند الصوفي.
شاءت ألا تكون.
Página desconocida