مخافة من تحت: السيل.
مخافة من حيث لا يحتسب: الصاعقة.
إذا جاء المطر سيدخل إلى البيت المهجور؛ الأفعى.
وما يمنع البيت من أن يكون مسكونا بالجن؟ من يدري؟
خلط بين تعويذتين لا يستحب الخلط بينهما، أخذ تعويذاته السرية، حسيس النار، خلف صمت الراديو الصغير خليط التعويذتين، دخل ناموسيته، أدار الراديو مرة أخرى، كان شجاعا.
لا يدري كيف قفزت حادثة وفاة والده إلى رأسه بالذات، حادث السير المشئوم، كانت رأسه سحقت تماما على الأسفلت، هو - سلطان - والسائق نجوا من الموت، وكان والده سينجو لولا أن قفز من العربة في اللحظة التي انحرفت فيها سيارة نقل ثقيلة نحو عربته الصغيرة التي كانت بصدد أن تتخطى عربة النقل، هو نفسه - سلطان - لو كان قرب الباب لما تردد لحظة في القفز، كل حمولة الشاحنة مرت على رأس والده الأشيب ذي الصلعة، الملآنة بالفكاهة والحكاوي، الملآنة بأسرار الصوفية وكلام الله؛ «كان أبي رجلا مرحا متدينا».
جاء وحده ذئب ضخم عجوز يدور حول النار على بعد أمتار قليلة عن مركزها، كان يرقبه عبر مسام غزل الناموسية، يعرف أن الذئب يعجز عن مهاجمته واختراق سياج الشوك الذي حصر به نفسه، لكنه متيقن من مقدرة هذا الذئب العجوز على القفز فوق سياج الشوك والسقوط عليه مباشرة، تمزيقه ثم أكله، كل شيء ممكن، الذئب العجوز يحفر بقوائمه الخلفية خنادق صغيرة وهو يقف مستديرا حول النار. بينما كان يغادر المنزل ليؤسس الخطوة الأولى لرحلته دعت له أمه التومة بأن يحيطه الله برعايته ويعيده سالما غانما ويقيه شر «الكا» آكلة لحوم البشر، بالتأكيد كانت في غيبوبة عن أصلها من جهة جدتها، لولا بعض الحياء لأوصته بألا يقترب من أية امرأة خاصة إذا صادفها في الغابة متهيئة للمواقعة، هكذا يصطاد «الكا» فرائسهم، إذا واقعتها التصقت بها، إذا التصقت بها بظفرها ثقبتك في عدة مواضع، قطعت شريانك والنهاية. كانت لا تريده أن يذهب إلى بحيرة التماسيح؛ لأنها تعلم أنه سيذهب طالما أراد ذلك، لم تقف في طريقه كي لا تصيبه لعنة عقها، هي لعنة عجلها الله في الدنيا قبل الممات؛ لعنتان.
لم يكن في ذهن أمه أبدا هذا الذئب العجوز.
دار دورتين سريعتين حول سياج الشوك ثم اختفى، فجأة عاد مندفعا نحو السياج الشوكي مقذوفا في اتجاه سلطان تيه، في تلك اللحظة أطلق سلطان رصاصة أخطأت الذئب العجوز الجائع، ألحقه رصاصة أخرى.
عوى الذئب عواء حزينا.
Página desconocida