وجدا الكواكيرو ثملا، حوله قرع الدنبا، تفوح منها رائحة الأناناس وعليها رغوة بيضاء كأنها سحابات أول الخريف، قال له: اجلس يا بني.
كان لطيفا ولو أنه قلق. - أعطه قليلا من الدنبا، إنها تشعل القريحة.
كانت الشمس الآن تغرب، يظلم المكان حوله شيئا فشيئا. - ها هم كما ترى، قد عاد أبناؤنا الذين أرسلناهم في السنوات الماضية للتعلم في بلاد بعيدة، قد عادوا، كنت أرقب هذا عن كثب، قد عادوا. - أعرف أنك تريد أن تقول لي ما قاله تيم؛ إنه لا مكان لي بالدغل. - بالعكس هذا يسعدني. - إن لدي رسالة في الشرق أريد أن أكملها. أريد أن أهاجر أنا أيضا إلى البلاد البعيدة حيث أتذوق طعم الحياة.
قال الكواكيرو وهو يدفق كأسا مزبدة من الدنبا في فمه الكبير: هل رأيت واحدا منهم؟ هل صافحت أحدهم؟ إن أكفهم أنعم من أكف نساء سلطان «فترا»، إن الصبيات يتلذذن عندما يضغطن أكفهن الخشنة على أكفهم بقوة، فيتمايلون توجعا مثل دودة الموز، وإنهم الآن يريدون الحرب، ولا شيء غير الحرب. - إنهم أبناؤكم ولا دخل لي في شأنكم، وأنا سأغادر هذه الليلة إلى الشرق.
دفق الكواكيرو كأسا أخرى من الدنبا في حلقه العميق الغور. - ليسوا أبناءنا الذين أرسلناهم، إنهم مسخهم. المهم، أنا أريدك يا سلطان تيه أن تواصل في تعليم الصغار هنا بالقرية ولك كل ما تشاء، فلو شئت إبط شيطان بكامله أعطيتك.
وإذا شئت قنطارا من الملح أعطيتك. أما سنيلا فهي لك منذ هذه اللحظة، وإذا أردت زوجتين زوجناك فلوباندو أيضا، فقل ماذا ترى؟
زوجتان، زوجتان، زوجتان، زوجتان!
ضحك فيه الصادق الكدراوي، ضحك فيه، في عمق أسود مغبوب، عمق كالجراد، ضحك فيه، ثم عليه. ويلك أيها الصديق من النساء! وأنت لا تصلح لطفلة دعك من فتاتين، وأي الفتيات هما؟ فلوباندو وسنيلا. - وإذا شئت جعلتك أحد أفراد هذه القبيلة، وإذا شئت نائبا لي، وإذا شئت كواكيرو، في مكاني، فقط ابق معنا هنا.
دفق الكواكيرو كأسا مترعة من الدنبا ومسح رغوتها بظهر كفه، علق على شاربيه بعض شراب الأناناس الرائع. - لست سكرانا، أنا لا يسكرني بحر من الدنبا، لا تسكرني غابة من عرق النخيل.
هذه جبهة جديدة للحرب والموت ابتدعها الكواكيرو ونصب نفسه عدوا للقادمين؛ صعاليك، مجرد صعاليك حرب لا أكثر.
Página desconocida